البابا فرنسيس: السّخاء... الدّرب الأساسيّة للتّخلّي عن الثّرثرة
وانطلاقًا من قول يسوع لتلاميذه، قال: "كونوا رُحَماءَ كما أَنَّ أَباكُم رَحيم": "إنَّ رحمة الله هي أمر عظيم جدًّا؛ ولا يجب أن ننسى هذا الأمر أبدًا. كم من الأشخاص يقولون: "لقد فعلت العديد من الأمور السّيّئة. لقد أمّنت مكاني في الجحيم ولا يمكنني العودة إلى الوراء". لا فكّر برحمة الله. لنتذكّر قصّة تلك الأرملة الّتي ذهبت لتعترف عند كاهن آرس– بعد أن كان زوجها قد انتحر ورمى بنفسه من الجسر إلى النّهر– فكانت تبكي وتقول: "أنا خاطئة بائسة، مسكين زوجي سيذهب إلى الجحيم! لقد انتحر والانتحار هو خطيئة مميتة. سيذهب إلى الجحيم!" فقال لها كاهن آرس: "توقّفي! لا تبكي يا سيدّتي، لأنّه بين الجسر والنّهر هناك رحمة الله!". نعم حتّى آخر لحظة هناك رحمة الله.
لكي نضع أنفسنا في إطار الرّحمة يعطينا يسوع ثلاث نصائح عمليّة؛ أوّلاً "لا تدينوا" وهي عادة سيّئة جدًّا ينبغي علينا أن ننقطع عنها ولاسيّما في زمن الصّوم هذا. إنّها عادة تدخل إلى حياتنا حتّى بدون أن نتنبّه لها. حتّى لنبدأ حديثنا مع شخص ما نحن ندين الآخرين: "هل رأيت ما فعله فلان؟". لنفكّر بالمرّات الّتي ندين فيها الآخرين خلال النّهار. ثانيًا لا يجب أن نحكم على الآخرين. وأخيرًا علينا أن نعفوا عن الآخرين ونسامحهم حتّى وإن كان الأمر صعبًا بالنّسبة لنا لأنَّ أعمالنا وتصرّفاتنا ستكون هي المعيار لطريقة تعامل الله معنا".
وحثّ البابا الجميع على تعلّم حكمة السّخاء، "الدّرب الأساسيّة للتّخلّي عن الثّرثرة الّتي من خلالها ندين الآخرين ونحكم عليهم على الدّوام"، وقال: "يعلّمنا الرّبّ: "أعطوا وسيُعطى لكم"؛ كونوا أسخياء في العطاء؛ لا تكونوا أصحاب جيوب مقفلة كونوا أسخياء في العطاء مع الفقراء والمعوزين؛ كونوا أسخياء في العطاء على جميع المستويات: في إعطاء النّصائح وفي الابتسام للنّاس. أعطوا وسيُعطى لكم، "سَتُعطَونَ في أَحضانِكُم كَيلًا كَريمًا مَركومًا مُهَزهَزًا طافِحًا، لِأَنَّهُ يُكالُ لَكُم بِما تَكيلون". أعطوا تعطوا لأنَّ الرّبّ سيكون سخيًّا معكم: إن أعطينا شيئًا فسيعطينا مئة ممّا أعطينا. وهذا هو الموقف الّذي يمنعنا من إدانة الآخرين والحكم عليهم ويجعلنا نسامحهم. إنّ العطاء مهمّ، ولكن ليس الصّدقة وحسب وإنّما العطاء الرّوحيّ أيضًا إذ نوظّف وقتنا في سبيل الآخرين ومن هو بحاجة أو نزور المرضى ونبتسم للنّاس".