الفاتيكان
07 أيلول 2020, 06:30

البابا فرنسيس: الثّرثرة هي وباء أسوأ من الكورونا

تيلي لوميار/ نورسات
تأمّل البابا فرنسيس، قبل صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد، بالبعد المزدوج للحياة المسيحيّة: البعد الجماعيّ والبعد الشّخصيّ، فتوجّه إلى المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال بحسب "فاتيكان نيوز:

"إنّ إنجيل هذا الأحد قد أُخذ من الخطاب الرّابع ليسوع في رواية القدّيس متّى والمعروف بالخطاب الجماعيّ أو الكنسيّ، ويتحدّث نصّ اليوم عن الإصلاح الأخويّ، ويدعونا لكي نتأمّل حول البعد المزدوج للحياة المسيحيّة: البعد الجماعيّ الّذي يتطلّب حماية الشّركة والبعد الشّخصيّ الّذي يفرض الانتباه والاحترام لكلِّ ضمير فرديّ. ولكي نصلح الأخ الّذي أخطأ يقترح يسوع تربية الإصلاح الّتي تقوم على ثلاثة مراحل. فيقول أولّاً: "َإذهَب إِلَى الأخ الّذي أخطأ وَانفَرِد بِهِ وَوَبِّخهُ"، أيّ لا تنشر خطيئته في السّاحات. يتعلّق الأمر بالذّهاب إلى الأخ بحكمة، لا للحكم عليه وإنّما لمساعدته لكي يدرك ما فعله.

ليس من السّهل أن نطبّق تعليم يسوع هذا لأسباب عديدة. هناك الخوف من ردّة فعل الأخ أو الأخت بشكل سيّء؛ وفي بعض الأحيان لا توجد ثقة كافية به أو بها... وأسباب أخرى. ومع ذلك، قد يحدث أنّه بالرّغم من النّوايا الحسنة، قد يفشل التّدخّل الأوّل. في هذه الحالة، من الجيّد ألّا نستسلم، وإنّما أن نلجأ إلى دعم أخ آخر أو أخت أخرى. ويقول يسوع: "إِن لَم يَسمَع لَكَ فَخُذ مَعَكَ رَجُلًا أَو رَجُلَين، لِكَي يُحكَمَ في كُلِّ قَضِيَّةٍ بِناءً عَلى كَلامِ شاهِدَينِ أَو ثَلاثَة". إنّها وصيّة من شريعة موسى. على الرّغم من أنّها قد تبدو ضدّ المُتَّهم، إلّا أنّها في الواقع تهدف لحمايته من اتّهامات الزّور. لكن يسوع يذهب أبعد من ذلك: يُطلب الشّاهدان لا للاتّهام والحكم، وإنّما للمساعدة. في الواقع، يأخذ يسوع في عين الاعتبار أيضًا أنّ حتّى هذا النّهج مع الشّهود قد يفشل، على عكس شريعة موسى، حيث كانت شهادة اثنين أو ثلاثة كافية للحكم.

حتّى محبّة أخين أو ثلاثة قد لا تكون كافية. في هذه الحالة يضيف يسوع: "أَخبِرِ الكَنيسةَ بِأَمرِهِ"؛ أيّ الجماعة لأنّ الجماعة بأسرها تشارك أحيانًا في بعض المواقف. هناك أشياء لا يمكن أن تترك الإخوة الآخرين غير مبالين: وبالتّالي نحن بحاجة لمحبّة أكبر لكي نستعيد الأخ. لكن في بعض الأحيان قد لا يكون هذا الأمر كافيًا أيضًا. ويقول يسوع: "وَإِن لَم يَسمَع لِلكَنيسَةِ أَيضًا، فَليَكُن عِندَكَ كَالوَثَنِيِّ وَالعَشّار". في الواقع يدعونا هذا التّعبير، الّذي يبدو مُزدرٍ في الظّاهر، إلى إعادة أخينا إلى يدي الله: وحده الآب قادر على إظهار محبّة أعظم من محبّة جميع الإخوة معًا. إنّ تعليم يسوع هذا يساعدنا كثيرًا، لأنّنا عندما نرى خطأ أو نقصًا في أخٍ ما أو أخت ما، غالبًا ما نقوم به أوّلاً هو أن نذهب لإخبار الآخرين وللثّرثرة. والثّرثرة تغلق قلب الجماعة، ولذلك من فضلكم أيّها الإخوة والأخوات لنجتهد لكي لا نثرثر، الثّرثرة هي وباء أسوأ من الكورونا.

إنّها محبّة يسوع، الّذي قبل العشّارين والوثنيّين. لذلك، لا يتعلّق الأمر بإدانة دون استئناف، وإنّما بالاعتراف بأنّ محاولاتنا البشريّة بإمكانها أن تفشل أحيانًا، وأنّ وحده الوقوف أمام الله يمكنه أن يضع الأخ أمام ضميره والمسؤوليّة عن أفعاله. وإن لم ينجح الأمر لنحافظ على الصّمت ولنصلِّ من أجل الأخ الّذي يُخطئ بدون أن نثرثر.

لتساعدنا العذراء مريم لكي نجعل الإصلاح الأخويّ عادة سليمة لكي تُبنى على الدّوام في جماعاتنا علاقات أخوّة جديدة تقوم على المغفرة المتبادلة ولاسيّما على قوّة رحمة الله الّتي لا تُقهر."