البابا فرنسيس التقى الجماعة الكاثوليكيّة في بلغاريا وترأّس "لقاء من أجل السّلام"
وأكّد أنّ "رجال ونساء الله هم أولئك الّذين تعلَّموا أن يروا ويثقوا، أن يكتشفوا ويدعوا أنفسهم يقادون بقوّة القيامة. إنّهم يدركون أن هناك أوضاعًا ولحظات أليمة، لكنّهم لا يبقون بلا حراك خائفين أو، والأسوأ من هذا، يغذّون أجواء دهشة أو انزعاج، لأنّ هذا يضرّ النّفس ويُضعف الرّجاء ويعيق الحلول الممكنة. رجال ونساء الله هم مَن لديهم شجاعة القيام بالخطوة الأولى، مَن يسعون إلى أن يكونوا في الصّفوف الأولى شهودًا على أنّ المحبًة لم تمت بل هَزمت كلّ عقبة.
وأراد، بحسب "فاتيكان نيوز"، في هذا السّياق مقاسمة خبرته خلال لقائه المهاجرين واللّاجئين ومتطوّعي هيئة كاريتاس، إذ قال: "إنّ مسيحيين كثيرين في هذا المركز قد تعلّموا أن يروا بعينَي الرّبّ الّذي لا يتوقّف عند الصّفات بل يبحث عن كلّ واحد وينتظره بعينَي أب. إنّ الرّؤية بعين الإيمان هي دعوة إلى عدم تمضية الحياة مصنِّفين مَن هو جدير بالمحبّة ومَن ليس جديرًا بها، بل العمل على خلق الظّروف كي يشعر كلّ شخص أنّه محبوب. مَن يحبّ ليس لديه الوقت للتّباكي، بل يرى دائمًا شيئًا ملموسًا يجب القيام به... إنّ المحبّة تفتح الأبواب دائمًا.
وكي نكتسب نظرة الله نحن في حاجة إلى الآخرين ليعلِّمونا أن ننظر ونشعر مثل يسوع".
وأشار الأب الأقدس إلى أنّ "الكاهن يفقد هويّته بدون المؤمنين والشّعب يمكن أن يتفكّك بدون الرّعاة"، ودعا إلى الحفاظ على هذه الوحدة، فنتعلم هكذا أن نكون كنيسة- عائلة- جماعة تستقبل وتصغي وترافق، كاشفة عن وجهها الحقيقيّ، وجه الأمّ"، داعيًا إلى التّحلّي بالشّجاعة للتّساؤل حول كيفيّة ترجمة محبّة الله لنا بشكل ملموس ومفهوم للأجيال الشّابّة.
هذا وتوجّه عائدًا إلى العاصمة صوفيا، وتوجّه إلى ميدان Nezavisimost ليترأّس "لقاء من أجل السّلام" بحضور قادة مختلف المذاهب الدّينيّة في بلغاريا. وألقى للمناسبة خطابًا ذكّر فيه إلى دعوة كلّ واحد لبناء السّلام وصناعته، إذ "لا بدّ أن نبتهله ونعمل من أجله، إنّه عطيّة وواجب، هديّة وجهد مستمرّ ويوميّ من أجل بناء ثقافة يكون فيها السّلام أيضًا حقًّا أساسيًّا"، مشدّدًا على ضرورة تحصينه ضدّ كلّ أشكال الأنانيّة واللّامبالاة.
وأضاف: "إنّ السّلام يتطلّب منّا أن نتّخذ الحوار طريقًا والتّعاون المشترك سلوكًا والتّعارف المتبادل نهجًا ومعيارًا، وذلك كي نتمكّن من التّلاقي ضمن ما يوحّدنا، ونحترم بعضنا البعض ضمن ما يفرّقنا، ونشجّع بعضنا البعض على النّظر إلى المستقبل كفسحة من الفرص والكرامة، لاسيّما عندما يتعلّق الأمر بأجيال الغد".
وذكّر الأب الأقدس بأنّ "هذا اللّقاء من أجل السّلام يتمّ فوق أنقاض مدينة Serdika القديمة، الّتي كانت قلب بلغاريا. ومن هنا يمكن أن نرى أماكن العبادة الخاصّة بمختلف الكنائس والمذاهب الدّينيّة. كنيسة القدّيسة Nedelia للأخوة الأرثوذكس، كنيسة القدّيس يوسف للكاثوليك، كنيس الأخوة اليهود ومسجد الأخوة المسلمين ثمّ كنيسة الأرمن. في هذا المكان في صوفيا التقى على مرّ العصور البلغاريّون المنتمون إلى جماعات ثقافيّة ودينيّة مختلفة، توافدوا إلى هذا المكان من أجل التّلاقي والنّقاش"، متمنّيًا أن يمثّل هذا المكان الرّمز شهادة للسّلام وتعاون الجميع من أجل تحقيق هذا التّطلع، و"كي يقول كلّ واحد يقوم بدوره: "اجعلني أداة لسلامك". وبهذه الطّريقة يتحقّق حلم البابا يوحنّا الثّالث والعشرين بأن يسود السّلام في الأرض: سلام لجميع البشر الّذين يحبّهم الرّبّ".