الفاتيكان
24 آذار 2021, 11:20

البابا فرنسيس: إنّ مريم تستجيب لطلباتنا وتصغي إلى أصواتنا حتّى تلك الّتي تبقى مغلقة في قلوبنا

تيلي لوميار/ نورسات
عشيّة عيد البشارة، خصّص البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعيّ اليوم خلال المقابلة العامّة، للحديث عن الصّلاة في الشّركة مع مريم العذراء، قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"نكرّس تعليم اليوم للصّلاة في الشّركة مع مريم، ويتمُّ ذلك في عشيّة عيد البشارة. نحن نعلم أنّ الدّرب الرّئيسيّة للصّلاة المسيحيّة هي بشريّة يسوع. في الواقع، إنّ الثّقة المميّزة للصّلاة المسيحيّة ستكون خالية من المعنى لو أنّ الكلمة لم يتجسِّد، ويمنحنا في الرّوح القدس علاقته البنويّة مع الآب.

إنَّ المسيح هو الوسيط، الجسر الّذي نعبره لنتوجّه إلى الآب. كلّ صلاة نرفعها إلى الله هي بالمسيح، ومع المسيح، وفي المسيح وتتمّ بفضل شفاعته. إنَّ الرّوح القدس يوسّع وساطة المسيح إلى كلّ زمان ومكان: لا يوجد اسم آخر يمكننا أن نخلص به. من وساطة المسيح الواحدة، تأخذ معنى وقيمة الإشارات الأخرى الّتي يجدها المسيحيّ لصلاته وعبادته، وأوّلها الصّلاة والعبادة إلى مريم العذراء. فهي تحتلّ مكانة مميّزة في الحياة، وبالتّالي أيضًا في صلاة المسيحيّ، لأنّها والدة يسوع. وقد صوّرتها الكنائس الشّرقيّة غالبًا على أنّها الـ"Odighítria"، أيّ الّتي "تشير إلى الطّريق"، أيّ إلى الإبن يسوع المسيح. كذلك في الأيقونات المسيحيّة، نجدها حاضرة في كلّ مكان، وأحيانًا أيضًا بشكل بارز، ولكن على الدّوام في علاقة مع الإبن ووظيفته. إنّ يديها وعيناها وموقفها هما "تعليم" حيّ، ويشير دائمًا إلى المفصلة، والمحور: يسوع، ومريم هي متوجّهة نحوه بشكل كامل.

هذا هو الدّور الّذي لعبته مريم طوال حياتها الأرضيّة وتحتفظ به إلى الأبد: إنّها أَمَةُ الرّبّ المتواضعة. في مرحلة معينة، في الأناجيل، يبدو أنها تختفي تقريبًا؛ لكنّها تعود في اللّحظات الحاسمة، كما في قانا، عندما صنع الابن، بفضل تدخّلها المتنبِّه، أولى "آياته"، ومن ثمّ على الجلجلة، عند أقدام الصّليب.

لقد بسط يسوع أمومة مريم للكنيسة كلّها عندما أوكل إليها تلميذه الحبيب، قبل وقت قصير من موته على الصّليب. ومن تلك اللّحظة فصاعدًا، أصبحنا جميعًا تحت ذيل حمايتها، كما يظهر في بعض اللّوحات الجداريّة أو اللّوحات الّتي تعود إلى العصور الوسطى. وهكذا بدأنا نرفع صلاتنا إليها ببعض العبارات الموجّهة لها، الحاضرة في الأناجيل: "ممتلئة نعمة"، "مباركة بين النّساء". وفي صلاة السّلام عليك يا مريم، أُضيف بسرعة أيضًا لقب،"Theotokos"  أيّ "والدة الإله"، الّذي أقرّه مجمع أفسس. ومثلما حدث في صلاة الأبانا، بعد التّسبيح نضيف الدّعاء: نطلب من الأمّ أن تصلّي من أجلنا نحن الخطأة لكي تشفع بنا بحنانها "الآن وفي ساعة موتنا". الآن، في مواقف الحياة الملموسة، وفي اللّحظة الأخيرة، لكي ترافقنا في العبور إلى الحياة الأبديّة.

مريم هي حاضرة على الدّوام بجانب سرير أطفالها الّذين يغادرون هذا العالم. إذا وجد شخص ما نفسه وحيدًا ومهجورًا، فهي تكون هناك في قربه، كما كانت في جوار ابنها عندما تخلّى عنه الجميع. لقد كانت مريم ولا تزال حاضرة في أيّام الوباء، بالقرب من الأشخاص الّذين أنهوا لسوء الحظّ مسيرتهم الأرضيّة في حالة من العزلة، بدون تعزية قرب أحبّائهم. لقد كانت مريم حاضرة هناك على الدّوام بحنانها الوالديّ.

إنَّ الصّلوات الّتي نوجّهها إليها لا تذهب سدى؛ لأنَّ امرأة الـ"نَعَم"، الّتي قبلت بجهوزيّة دعوة الملاك، تستجيب أيضًا لطلباتنا، وتصغي إلى أصواتنا، حتّى تلك الّتي تبقى مغلقة في قلوبنا، والّتي لا تملك القوّة للخروج ولكن الله يعرفها أفضل منّا. وكأيّ أمّ صالحة، تدافع عنّا مريم في الأخطار، وهي تقلق علينا، حتّى عندما ننشغل بأمورنا ونفقد معنى المسيرة، ونعرِّض للخطر لا صحّتنا وحسب، وإنّما أيضًا خلاصنا. إنَّ مريم حاضرة هناك، وهي تصلّي من أجلنا، وتصلّي من أجل الّذين لا يُصلّون. لأنّها أمّنا."