الفاتيكان
24 أيار 2022, 11:15

البابا فرنسيس: إنّنا بحاجة إلى أخوّة وديعة وصبورة بيننا وبين الخليقة

تيلي لوميار/ نورسات
"من أجل تعزيز تنمية مستدامة حقًّا، من الضّروريّ أن ننفتح بإبداع على مسارات جديدة أكثر تكاملاً ومشتركة، وترتبطة مباشرة بالأشخاص وسياقاتهم". هذا ما أكّده البابا فرنسيس في كلمة توجّه بها إلى المشاركين في المؤتمر الدّوليّ لحماية التّنوّع البيولوجيّ "الطّبيعة في البال. ثقافة جديدة للطّبيعة من أجل حماية التّنوّع البيولوجيّ"، وذلك خلال استقبالهم في الكرسيّ الرّسوليّ.

وفي هذا السّياق، قال الأب الأقدس بحسب "فاتيكان نيوز": "يساهم التزامكم في تعزيز الحوار المُلِحِّ والمسؤول حول مستقبل الكوكب، لأنّ التّحدّي البيئيّ الّذي نعيشه، وجذوره البشريّة، يؤثِّران علينا ويلمساننا جميعًا.

يجعلنا عنوان المؤتمر "الطّبيعة في البال" نفكّر في مسيرة القدّيس بونافينتورا دا بانيوريجيو، الّذي يدعو في مناسبات عديدة لاكتشاف الله أيضًا من خلال التّأمّل في جمال الطّبيعة. إنّها رحلة تنشئة للعقل والرّوح. عندما ننظر بذهول إلى السّماء والنّجوم أو المياه البلّوريّة لجدول ما، فإنّنا نتأمّل مُبدع هذا الجمال، الّذي أُعطي كعطيّة للجنس البشريّ، الّذي دُعي كي يفلحه ويحرسه. وبالتّالي فالجميل والصّالح لا ينفصلان أبدًا في الكتاب المقدّس.

يقول بما أنّ الله قد وضع خليقته تحت تصرّف البشر، فهم يجدون تحقيق ذواتهم الكامل من خلال التّغلّب على الأنانيّة والتّمتّع بـ"جمال مشترك". إنَّ هذا الرّابط الدّيناميكيّ بين الخالق والمخلوق البشريّ والمخلوقات الأخرى هو عهد لا يمكن فضُّه دون أن يتسبّب بأضرار لا يمكن إصلاحها. لا يجب أن نوهم أنفسنا أنّه يمكننا استبدال جمال غير قابل للتّكرار وغير قابل للاسترداد بجمال آخر من صنعنا. إنَّ أسطورة بروميثيوس، الّتي ربّما كانت مناسبة لعصور أخرى، لم تعد كذلك بالنّسبة لعصرنا. لسنا بحاجة إلى بطولة عملاقة، وإنّما إلى أخوَّةٍ وديعة وصبورة بيننا وبين الخليقة. إنَّ الحياة والتّاريخ يُظهِران، في الواقع، أنّنا لا نستطيع أن نكون أنفسنا بدون الآخر وبدون الآخرين. وفي عالم يرتبط فيه كلّ شيء ارتباطًا وثيقًا، من الأهمّيّة بمكان أن نُحدِّد نماذج تربويّة جديدة يتمّ التّرويج لها في العمليّات التّربويّة، وتهدف إلى الحوار بين المعارف وتساهم في نموّ ثقافة العناية.

هذه الثّقافة في الواقع، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتربية إدماجيّة ترتكز على ركائز الإيكولوجيا المتكاملة. إزاء غنى العالم الطّبيعيّ وتعقيده، يقدّم كلّ مشروع تربويٍّ منظورًا للفهم يهدف إلى تسليط الضّوء على العلاقات المتبادلة بين الإنسان والبيئة. وبالتّالي من أجل تعزيز تنمية مستدامة حقًّا، من الضّروريّ أن ننفتح بإبداع على مسارات جديدة أكثر تكاملاً ومشتركة، وترتبطة مباشرة بالأشخاص وسياقاتهم. وبهذه الطّريقة، سيشعر الجميع بالمشاركة في الميثاق التّربويّ، الّذي يميل إلى تنشئة أشخاص ناضجين، قادرين على التّغلّب على التّشرذم والتّناقضات. وكذلك سيكون أيّ إجراء غير فعّال إذا لم يتمّ دعمه من خلال عمليّة تربويّة تعزّز العناية ببيتنا المشترك وحمايته.

من خلال مواهبنا، نحن جميعًا مدعوّون لكي نبني "قرية العناية العالميّة"، ولكي نكوِّن شبكة من العلاقات الإنسانيّة الّتي ترفض جميع أشكال التّمييز والعنف والمراوغة. وفي "قريتنا" هذه، سيصبح التّعليم حاملاً للأخوَّة ومولِّدًا للسّلام بين الشّعوب وللحوار بين الأديان أيضًا. أيّها الأصدقاء الأعزّاء، أجدّد تقديري لالتزامكم اليوميّ وأحثّكم على مواصلته بشجاعة. أبارككم جميعًا مع عائلاتكم. وأتمنّى لك عملاً جيّدًا. وأسألكم من فضلكم أن تصلّوا من أجلي."