الفاتيكان
30 آذار 2021, 12:30

البابا فرنسيس: إذا أردنا مكافحة تغيّر المناخ بشكل فعّال علينا أن نعمل معًا

تيلي لوميار/ نورسات
تحت عنوان "تغيّر المناخ والفقر: المبادئ الأخلاقيّة والمسؤوليّة العلميّة"، انعقد منتدى اليونيسكو الافتراضيّ حول التّنوّع البيولوجيّ. وإلى المشاركين وجّه البابا فرنسيس رسالة تلاها المراقب الدّائم للكرسيّ الرّسوليّ المطران فرانشيسكو فولّو جاء فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"مع تحيّاتي لكم ولجميع منظّمي هذه المبادرة والمشاركين فيها، أودّ أن أعرب عن امتناني للنّقاش الّذي تعتزم اليونسكو أن تعزّزه حول إحدى أهم مشاكل عصرنا وأكثرها إلحاحًا. وفي هذا الصّدد، يشرّفني أن أرسل إليكم موقفًا مرفقًا يعتزم الكرسيّ الرّسوليّ الإسهام به في موضوع هذا اللّقاء.

في الواقع، إنّ مكافحة تغيّر المناخ ومكافحة الفقر المدقع هما هدفان معقّدان ومترابطان، وفي ضوئهما من الضّروريّ إعادة تحديد نموذج إنمائيّ جديد يضع في المحور جميع البشر وكلّ إنسان باعتباره الرّكيزة الأساسيّة للاحترام والحماية، من خلال اعتماد منهجيّة تدمج أخلاقيّات التّضامن والمحبّة السّياسيّة. بهذه الطّريقة فقط سيكون من الممكن تعزيز خير عامّ عالميّ فعلاً، وحضارة محبّة حقيقيّة لا مكان فيها لوباء اللّامبالاة والتّبذير.

إنّ تأثير الاحتباس الحراريّ على الأشخاص الأشدّ فقرًا يتطلّب منّا أن ننظر في الاستجابة للأزمة الاجتماعيّة والبيئيّة الحاليّة كفرصة فريدة لتحمّل المسؤوليّة بطريقة مسؤولة لهشاشة بيتنا المشترك، وتحسين الظّروف المعيشيّة، والصّحّة، والنّقل، وأمن الطّاقة وخلق فرص عمل جديدة. من هذا المنظور، الّذي تندرج فيه اتّفاقيّة باريس، يمكننا أن ندرك تدريجيًّا أنّ تغيّر المناخ هو مسألة أخلاقيّة أكثر من كونها مسألة فنّيّة، وأنّ نقطة التّحوّل الحاسمة الّتي نحتاجها لن تكون ممكنة إلّا إذا استثمرنا في تربية الأجيال الجديدة على أنماط حياة تحترم الخليقة، لم يتمّ اكتشافها حتّى الآن.

لذلك من الأهمّيّة بمكان أن تتمَّ تنشئة الشّباب على حماية الخليقة واحترام الآخرين، لكي يكونوا قادرين على الالتزام بتعزيز عادات جديدة للإنتاج والاستهلاك، من أجل توليد نموذج جديد للنّموّ الاقتصاديّ يضع البيئة والأشخاص في المحور. لهذا، فإنّ منظّمتكم لها أهمّيّة حاسمة ويسرّني أن يستند هذا اللّقاء إلى الآثار الأخلاقيّة لحالة الطّوارئ المناخيّة، من أجل تعميق الجوانب العلميّة. وبالتّالي إذا أردنا مكافحة تغيّر المناخ بشكل فعَّال، علينا أن نعمل معًا، آخذين بعين الاعتبار الحاجة إلى تنفيذ فحص دقيق لنموذج التّنمية الحاليّ، من أجل تصحيح الانحرافات والتّشوّهات فيه. إنّ تقديم إجابات محدّدة لظاهرة الاحتباس الحراريّ الخطيرة هو واجب أخلاقيّ. وسيكون لعدم اتّخاذ الإجراءات آثارًا ثانويّة، لاسيّما بين الطّبقات الأشدّ فقرًا في المجتمع، والّذين هم أيضًا الأكثر عرضة لهذه التّغييرات.

لذلك، يسعدني أنّه لم يُدع فقط ممثّلو الحكومات، وإنّما المجتمع المدنيّ والقطاع الخاصّ والعالم الأكاديميّ والعلميّ والجماعات المحلّيّة والشّعوب الأصليّة مدعوّون أيضًا لكي يقدِّموا إسهامهم. تُظهر هذه الجهات الفاعلة غير الحكوميّة، الّتي غالبًا ما تكون في طليعة الكفاح ضدّ تغيّر المناخ، حساسيّة خاصّة في البحث عن وسائل مبتكرة من أجل تعزيز نظام إنتاج واستهلاك مستدام، وتتحوّل هكذا إلى مترجمة لصرخة الأرض والفقراء. لذلك، فإنّ مساهمتهم تستحقّ أن تُقدَّر وأن تؤخذ بعين الاعتبار من قبل القادة السّياسيّين، لكي تكون قراراتهم عادلة وتطلُّعيّة.

إنَّ الوقت ينفد للبحث عن حلول عالميّة وتجبرنا حالة الطّوارئ الصّحّيّة الحاليّة على "التّفكير في البشر، جميعًا، بدلاً من التّفكير في منافع البعض. لذلك، آمل أن يساهم هذا اللّقاء، الّذي أطلب فيه مساعدة العليّ، في تعزيز عمليّات التّحوّل اللّازمة من أجل مواجهة ظاهرة تغيّر المناخ ومحاربة الفقر في الوقت عينه، وبالتّالي في تعزيز تنمية بشريّة متكاملة حقيقيّة."