الفاتيكان
18 كانون الثاني 2022, 10:30

البابا فرنسيس أمام وفد مسكونيّ من فنلندا: لنتذكّر أنّنا نسير لا كمن يمتلكون الله وإنّما كمن يبحثون عنه

تيلي لوميار/ نورسات
عشيّة انطلاق أسبوع الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين، أكّد البابا فرنسيس أنّه "إن اتّحدنا بالمسيح سنسير حتّى النّهاية درب الوحدة الكاملة"، وذلك في كلمة توجّه بها إلى وفد مسكونيّ قادم من فنلندا، قائلاً بحسب "فاتيكان نيوز":

"تأتي زيارتكم عشيّة أسبوع الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين. وموضوع هذا العام قد أُخذ من إنجيل القدّيس متّى: "رأينا نجمه في المشرق، فجئنا لنسجد له"، وهو يشير إلى المجوس الّذين، وبعد رحلة طويلة، وجدوا يسوع وسجدوا له. وصل المجوس إلى هدفهم لأنّهم بحثوا عنه. ولكنّهم بحثوا عنه لأنّ الرّبّ أوّلاً كان قد انطلق في البحث عنهم بعلامة النّجمة. وجدوا لأنّهم بحثوا، وبحثوا لأنّه تمَّ البحث عنهم. من الجميل أن نفهم الحياة بهذه الطّريقة، كمسيرة بحث لا تبدأ منّا، وإنّما من الّذي انطلق أوّلاً في البحث عنّا وجذبنا بنعمته.

السّير معًا. معًا. إنَّ الّذين لمسته نعمة الله لا يمكنه أن ينغلق على نفسه ويعيش في حفاظ على الذّات، بل يكون في مسيرة على الدّوام، ومُنبسط دائمًا للمضي قدمًا ومع الآخرين. لقد اعترف التّقليد الكنسيّ في المجوس بممثّلي الثّقافات والشّعوب المختلفة: بالنّسبة لنا أيضًا، لاسيّما في هذه الأوقات، يكمن التّحدّي في أن نمسك بيد أخينا، بتاريخه الملموس، لكي نمضي قدمًا معًا. أيّها الأصدقاء الأعزّاء، نحن في مسيرة يقودنا فيها نور الله اللّطيف، الّذي يبدّد ظلام الانقسام ويوجّه المسيرة نحو الوحدة. نحن في مسيرة كإخوة نحو شركة أكمل.

هناك مراحل من المسيرة تبدو أسهل، ونحن مدعوّون للمضيّ قدمًا فيها بسرعة واجتهاد. ولكن، في بعض الأحيان، تكون المسيرة أكثر إرهاقًا، وإزاء أهداف لا تزال بعيدة ويصعب الوصول إليها، يمكن أن يزداد التّعب وتظهر تجربة الإحباط. في هذه الحالة، لنتذكّر أنّنا نسير لا كمن يمتلكون الله وإنّما كمن يبحثون عنه. لذلك علينا أن نتقدّم بصبر متواضع ومعًا على الدّوام، لكي ندعم بعضنا البعض، لأنّ المسيح يرغب في ذلك.

في عام 2025 سنحتفل بذكرى مرور 1700 سنة على انعقاد مجمع نيقيا. إنّ الاعتراف الثّالوثيّ والكريستولوجيّ لهذا المجمع، الّذي يعترف بأنّ يسوع هو "إله حقّ من إله حقّ"، "مساوٍ للآب في الجوهر"، يوحّدنا مع جميع المعمّدين. في ضوء هذه الذّكرى العظيمة، لنُعِدَّ أنفُسَنا بحماس متجدّد لكي نسير معًا في درب المسيح، على الدّرب الّذي هو المسيح! لأنّنا بحاجة له ولحداثته ولفرحه الّذي لا يُضاهى. ولأنّنا فقط إن اتّحدنا به سنسير حتّى النّهاية درب الوحدة الكاملة. أمّا المحطّة الثّانية فستكون في عام 2030 إذ سنحتفل بذكرى مرور 500 عام على إقرار أوغسبورغ. ففي وقت كان فيه المسيحيّون على وشك أن يسلكوا طرقًا مختلفة، حاول هذا الإقرار أن يحافظ على الوحدة. نعلم أنّه لم ينجح في منع الانقسام، ولكن يمكن لهذه الذّكرى السّنويّة أن تكون فرصة خصبة لكي تُثبِّتنا وتعزّزنا في مسيرة الشّركة لكي نصبح أكثر انصياعًا لمشيئة الله وأقلّ انصياعًا للمنطق البشريّ، وأكثر استعدادًا لكي نضع قبل أهدافنا الأرضيّة المسيرةَ الّتي تدلّنا عليها السّماء.

أيّها الأصدقاء الأعزّاء، إن تكرار حجّكم إلى هنا هو علامة مسكونيّة جميلة ومشجّعة. أشكركم على ذلك ولنسِر قدمًا معًا في البحث عن الله بشجاعة وواقعيّة. لنثبِّت نظرنا على يسوع ولنتشبث بالصّلاة من أجل بعضنا البعض."