الفاتيكان
13 شباط 2023, 07:30

البابا فرنسيس أطلق نداءً من أجل مساعدة المنكوبين في سوريا وتركيا

تيلي لوميار/ نورسات
تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد، أطلق البابا فرنسيس نداء من أجل مساعدة ضحايا الزّلزال الّذي ضرب تركيا وسوريا داعيًا إلى الصّلاة من أجلهم، وتذكّر أيضًا الوضع في أوكرانيا وفي نيكاراغوا.

وقال البابا بحسب "فاتيكان نيوز": أيّها الأخوة والأخوات الأعزّاء، ما نزال قريبين بواسطة الصّلاة والدّعم الملموس، من السّكّان المنكوبين جرّاء الزّلزال الّذي ضرب سوريا وتركيا. كنتُ أشاهد في برنامج A Sua Immagine " على صورته"، صور الكارثة، صور ألم الشّعبين اللّذين يعانيان من الزّلزال. لنصلّ من أجلهما، دعونا لا ننسى ذلك. لنفكّر بما يمكن أن نفعل من أجلهما. لا ننسينّ أيضًا، أيّها الأخوة والأخوات، أوكرانيا المعذّبة، ليفتح الرّبّ دروبًا للسّلام وليعط المسؤولين شجاعة السّير عليها."

وتابع متوقّفًا عند الأحداث في نيكاراغوا وقال: "إنّ الأنباء الواردة من نيكاراغوا سبّبت لي ألمًا كبيرًا. لا يسعني ألّا أتذكّر، بقلق، أسقف ماتاغالبا، المطران رونالدو ألفاريس، الّذي أحبّه كثيرًا، وقد حُكم عليه بالسّجن ستًّا وعشرين سنة، فضلاً عن الأشخاص الّذين رُحّلوا إلى الولايات المتّحدة. أصلّي من أجلهم ومن أجل جميع المتألّمين في هذه الأمّة العزيزة. وأطلب منكم الصّلاة من أجلهم أيضًا. لنسأل الرّبّ، بشفاعة العذراء مريم، أن يفتح قلوب المسؤولين السّياسيّين وجميع المواطنين على البحث الصّادق عن السّلام، الّذي يولد من الحقيقة والعدالة والحرّيّة والمحبّة، ويتمّ التّوصّل إليه من خلال الممارسة الصّبورة للحوار. لنصلّ معًا إلى العذراء، قائلين "السّلام عليك يا مريم"."

بعد تلاوة هذه الصّلاة المريميّة، قال البابا: "أوجّه تحيّتي لكم جميعًا أيّها الرّومانيّون والحجّاج الإيطاليّون والقادمون من بلدان أخرى. أحيّي المجموعات القادمة من بولندا، من الجمهوريّة التّشيكيّة ومن بيرو. أحيّي المواطنين الكونغوليّين، الحاضرين هنا، بلدكم جميل جدًّا، صلّوا من أجل بلدكم. أحيّي الطّلّاب القادمين من باداخوس، بإسبانيا، ومن المعهد الغريغورياني في ليشبونة. أحيّي الشّبّان القادمين من أميندولارا، كوزينسا، وجماعة "أفيس" القادمة من بادوفا. أتمنّى لكم جميعًا أحدًا طيّبًا، ولا تنسوا من فضلكم أن تصلّوا من أجلي. أتمنّى لكم غداء شهيًّا، وإلى اللّقاء".  

 

وكان البابا قد أطلّ من على شرفة مكتبه الخاصّ في القصر الرّسوليّ بالفاتيكان ليتلو مع الحجّاج والمؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس صلاة التّبشير الملائكيّ، مقدّمًا لها بكلمة قال فيها:

"أيّها الأخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير. في إنجيل اليوم يقول يسوع "لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ". "لأكمّل" هذه هي الكلمة الدّالّة كي نفهم يسوع ورسالته، "لأكمل". ما معناها؟ لكي يشرحها بدأ الرّبّ يتحدّث عمّا هو "عدم الإكمال". الكتاب المقدّس يقول "لا تقتل" لكن هذا الأمر ليس كافيًا بالنّسبة ليسوع إذا ما جرحنا الأخوة بواسطة الكلام؛ الكتاب المقدّس يقول "لا تزنِ"، لكن هذا ليس كافيًا إذا ما عاش المرء حبًّا دنّسته الازدواجيّةُ والأكاذيب؛ الكتاب المقدّس يقول "لا تحلف زورًا" لكن لا يكفي أن يحلف الإنسان إذا ما تصرّف بنفاق. كلّ هذا يعني "عدم الإكمال".

لكي يعطينا مثالاً ملموسًا، توقّف يسوع عند "طقس التّقدمة"، من خلال القيام بتقدمة لله كان الإنسان يبادله عطاياه المجّانيّة؛ كان طقسًا مهمًّا جدًّا، لمبادلة مجّانيّة عطايا الله، ولم يكن جائزًا أن ينقطع عنه الإنسان إلّا لأسباب خطيرة. لكن يسوع يؤكّد أنّه ينبغي أن ننقطع عنه إذا ما كان لأخينا شيء علينا، لكي نذهب ونتصالح معه قبل كلّ شيء: وبهذه الطّريقة فقط يتمّ إكمال هذا الطّقس. الرّسالة واضحة: الله يحبّنا أوّلاً، حبًّا مجّانيًّا، ويُقْدم على الخطوة الأولى تجاهنا حتّى إن لم نكن نستحقّ ذلك؛ ونحن لا نستطيع أن نحتفل بمحبّته دون أن نقوم بدورنا بالخطوة الأولى لنتصالح مع من جرحنا. هذا تُكمل (الوصيّة) بنظر الله، وإلّا كان الالتزام الشّكليّ، الّذي يقتصر على الطّقس البحت، غير مجد. بمعنى آخر، إنّ يسوع يُفهمنا أنّ القواعد الدّينيّة مجدية، القواعد الدّينيّة جيّدة، لكنّها البداية فقط: إذ إنّ إكمالها يتطلّب تخطّي حرفيّة الوصيّة وعيش معناها. ينبغي ألّا توضع الوصايا الّتي منحنا إيّاها الله في خزنة التّقيّد الشّكليّ بها، وإلّا اقتصر تديّنُنا على المظهر الخارجيّ وتحوّلنا إلى خدّام لـ"إله سيّد" عوضًا عن أبناء لله الآب. هذا ما يريده يسوع أن نخدم الله الآب، وهذا يتطلّب تخطّي حرفيّة الوصيّة.

أيّها الأخوة والأخوات الأعزّاء، إنّ هذه المشكلة لم تكن موجودة في أيّام يسوع وحسب، إذ إنّها موجودة اليوم أيضًا. أحيانًا نسمع من يقول: "يا أبتِ أنا لم أقتل، لم أسرق ولم أؤذ أحدًا"، كما يقول "إنّي مكتفٍ". هذا هو التّقيّد الشّكليّ الّذي يكتفي بالحدّ الأدنى الضّروريّ، في وقت يدعونا فيه يسوع إلى الحدّ الأقصى الممكن، أيّ أنّ الله لا يفكّر وفقًا للحسابات والجداول. إنّه يحبّنا كشخص عاشق، لا بالحدّ الأدنى بل بالحدّ الأقصى! لا يقول: أنا أحبّك إلى حدّ معيّن. الحبّ الحقيقيّ لا يقتصر أبدًا على حدّ معيّن، ولا يشعر أنّه مكتف. فالحبّ يتخطّى الحدود ولا يستطيع أن يفعل سوى ذلك. فقد أظهر الرّبّ ذلك لنا واهبًا حياته من أجلنا على الصّليب، مسامحًا من قتلوه. وترك لنا الوصيّة الّتي تهمّه أكثر من سواها: أن نحبّ بعضنا بعضًا كما أحبّنا هو. هذا هو الحبّ الّذي يعطي كمالاً للنّاموس وللإيمان وللحياة الحقيقيّة.

أيّها الأخوة والأخوات، نستطيع إذًا أن نسأل أنفسنا: كيف نعيش الإيمان؟ أهي مسألة حسابات وشكليّات أم أنّها قصّة حبّ مع الله؟ أأكتفي بعدم صنع الشّرّ فقط، وبالحفاظ على ماء الوجه، أو أسعى للنّموّ في محبّة الله والآخرين؟ هل أقيس نفسي أحيانًا مع الوصيّة الكبيرة ليسوع، وأسأل ما إذا كنتُ أحبّ القريب كما يحبّني هو؟ لأنّنا قد نكون صارمين في إدانة الآخرين، وننسى أن نكون رحماء مع أنفسنا. لتساعدنا العذراء مريم، الّتي التزمت تمامًا بكلمة الله، على أن نعطي كمالاً لإيماننا ولمحبّتنا."