الفاتيكان
27 كانون الثاني 2020, 12:50

البابا: علينا الإصغاء إلى الصّغار والفقراء لأنّ الله يحبّ توجيه رسائله من خلالهم

تيلي لوميار/ نورسات
في ختام أسبوع الصّلاة من أجل وحدة الكنائس، ترأّس البابا فرنسيس في بازيليك القدّيس بولس خارج الأسوار في روما، صلاة الغروب، وقال بحسب "فاتيكان نيوز" متأمّلاً بالسّفينة الّتي حملت بولس سجينًا إلى روما:

"إنّ على متن هذه السّفينة كانت هناك ثلاث مجموعات، أكثرها قوّة كانت مجموعة الجنود التّابعين لقائد المائة، تأتي بعدهم مجموعة البحّارة ثمّ المجموعة الثّالثة، مجموعة الأكثر ضعفًا: السجناء. إنّ الجنود وحين اقتربت السّفينة من ساحل مالطا بعد أيّام من العاصفة فكّروا في قتل السّجناء كي لا يهرب منهم أحد، إلّا أنّ قائد المائة أوقفهم عن عزمهم هذا لأنّه كان يرغب في إنقاذ بولس. فرغم أنّ بولس كان من بين الأكثر ضعفًا، فقد قدّم أمرًا هامًّا لرفاق الرّحلة لأنّه وبينما كان الجميع يفقدون الرّجاء حَمل رسالة رجاء غير منتظرة حيث قال له الملاك "لا تَخَفْ يا بولُس.. وقَد وَهَبَ اللهُ لَكَ جَميعَ المُسافِرينَ معَكَ" (رسل 27، 24). كان هناك أساس بالتّالي لثقة بولس، ونجا الجميع واختبروا ضيافة سكّان الجزيرة وعطفهم وإنسانيّتهم.

إنّ موضوع أسبوع الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين والّذي كان يُحتفل باختتامه قد استُلهم من هذا الحدث من سفر أعمال الرّسل، والّذي يروي أيضًا رحلتنا المسكونيّة نحو الوحدة الّتي يريدها الله بقوّة. ويقول لنا هذا الحدث في المقام الأوّل إنّ الضّعفاء الّذين لديهم القليل من الأشياء المادّيّة الّتي بالإمكان تقديمها، لكنّهم يضعون غناهم في الله، يمكنهم أن يقدّموا رسائل ثمينة من أجل خير الجميع... إنّ الجماعات المسيحيّة بما في ذلك تلك الصّغيرة وغير الهامّة من وجهة نظر العالم، فإنّها حين تعيش خبرة الرّوح القدس، حين تعيش في محبة الله والقريب، تكون لديها رسالة يمكن أن تحملها للعائلة المسيحيّة بكاملها. فلنفكر في الجماعات المهمّشة والمضطهدة، فكما في قصّة غرق بولس غالبًا ما يكون الضّعفاء مَن يحمل رسالة الخلاص الأهمّ لأنّ الله يريد أن يخلّصنا لا بقوّة العالم بل بضعف الصّليب (راجع 1 قور 1، 20-25). علينا أن ننتبه كتلاميذ يسوع كي لا يجذبنا منطق العالم، علينا الإصغاء إلى الصّغار والفقراء لأنّ الله يحبّ توجيه رسائله من خلالهم، فهم الأكثر شبهًا بابنه الّذي صار بشرًا".

ثمّ توقّف البابا فرنسيس بعد ذلك عند "نقطة أخرى يذكِّرنا بها ما يرويه لنا سفر أعمال الرّسل، ألا وهي كون خلاص الجميع أولويّة الله، وكما قال الملاك لبولس "وقَد وَهَبَ اللهُ لَكَ جَميعَ المُسافِرينَ معَكَ"." ودعا الأب الأقدس إلى "تكرار هذا على أنفسنا، فواجبنا أن نطبّق رغبة الله الّذي وكما كتب بولس الرّسول "فإنّه يريد أن يخلّص جميع النّاس" (1 طيم 2، 4). إنّ هذه دعوة كي لا نهتمّ فقط بجماعاتنا بل أن ننفتح على خير الجميع وعلى نظرة الله الّذي تَجسّد ليعانق البشر جميعًا ومات وقام من أجل خلاص الجميع، وبهذه النّظرة يمكننا تجاوز الانقسامات. وكما ساهم كلّ واحد على السّفينة في سفر أعمال الرّسل في إنقاذ الجميع، فإنّ كلّ جماعة مسيحيّة لديها عطايا تقدّمها للآخرين، وكلّما نظرنا إلى ما هو أبعد من المصالح الخاصّة وتجاوزنا الماضي راغبين في السّير نحو الوجهة المشتركة، كلّما تعرّفنا بشكل تلقائيّ على تلك العطايا واستقبلناها وتقاسمناها.

النّقطة الثّالثة الّتي كانت محور أسبوع الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين والّذي اختُتم للتّوّ هي الضّيافة. إنّ القدّيس لوقا في أعمال الرّسل قد ذكر عن أهل مالطة أنّهم قابلونا بعطف إنسانيّ قلّ نظيره، إنّ إيقاد أهل مالطا للنّار يشكّل رمزًا للدّفء الإنسانيّ. وإنّ حاكم الجزيرة الّذي أضاف بولس، وعافى بولس أبَ الحاكم ومرضى آخرين، كما وزوّد سكّان الجزيرة بولس ومَن معه بما يحتاجون إليه عند إبحارهم. بالتّالي يجب أن نتعلّم من أسبوع الصّلاة هذا أن نكون أكثر ضيافة فيما بيننا نحن المسيحيّين أوّلاً وأيضًا مع الأخوة من الأديان الأخرى. إنّ الضّيافة هي جزء من تقاليد الجماعات والعائلات المسيحيّة، وأيضًا بالضّيافة في الأديرة".

وفي الختام، وجّه البابا فرنسيس التّحيّة الأخويّة إلى ممثّل البطريركيّة المسكونيّة والممثّل الشّخصيّ لرئيس أساقفة كانتربوري وممثّلي الكنائس والجماعات الكنسيّة العديدة، إلى جانب طلّاب معهد بوساي المسكونيّ الّذين يزورون روما حاليًّا والشّباب الأرثوذكس والأرثوذكس الشّرقيّين المشاركين في منحة دراسيّة للجنة التّعاون الثّقافيّ مع الكنائس الأرثوذكسيّة والتّابعة للمجلس الحبريّ لتعزيز وحدة المسيحيّين؛ داعيًا إلى مواصلة الصّلاة طالبين من الله عطية الوحدة الكاملة بيننا.