الفاتيكان
13 نيسان 2018, 10:47

البابا: الشّهادة المسيحيّة مُزعجة!

الطّاعة والشّهادة والواقعيّة ميزات ثلاثة تنبعث من الفرح الفصحيّ شدّد عليها البابا فرنسيس في عظته أثناء قدّاس أمس، وقد قال نقلاً عن "إذاعة الفاتيكان":

 

"إنّ الشّهادة المسيحيّة مُزعجة ولا تساوم على الحقيقة أبدًا، كما يشهد العديد من المسيحيّين الّذين يُضطهدون ويُقتلون اليوم أكثر ممّا كان الأمر عليه في القرون الأولى؛ أمّا المساومات فتُضعف المسيحيّين، وبالتّالي علينا أن نطلب نعمة أن نتذكّر اللّقاء الأوّل مع يسوع الّذي غيّر لنا حياتنا".

وأضاف: "لقد شكّلت الأيّام الخمسين من زمن الفصح بالنّسبة للرّسل زمن فرح لقيامة المسيح من بين الأموات. فرح حقيقيّ ولكنّه كان لا يزال مطبوعًا بالقليل من الشّكّ والخوف لأنّهم كانوا لا زالوا يجهلون كيف ستجري الأمور بعدها، ولكن وبعد حلول الرّوح القدس عليهم أصبح هذا الفرح شجاعًا: كانوا قد فهموا لأنّهم كانوا يرون الرّبّ ولكنّهم لم يكونوا قد فهموا كلَّ شيء، كانوا سعيدين ولكنّهم كانوا لا يفهمون، إلى أن حلَّ عليهم الرّوح القدس وجعلهم يفهمون كلَّ شيء.

كان الرّسل قد نهوا عن التّعليم باسم يسوع ولكن بعد أن حرّرهم الملاك من السّجن عادوا إلى الهيكل وأخذوا يعلِّمون كما تخبرنا القراءة الأولى الّتي تقدّمها لنا اللّيتورجيّة اليوم من أعمال الرّسل وبالتّالي جاءَ الحَرَسُ بالرُّسُل، وأَقاموهم أَمامَ المَجلِس، سأَلَهم عَظيمُ الأَحبار قال: "نَهَيناكم أَشَدَّ النَّهيِ عنِ التَّعليمِ بِهذا الاِسم، وها قد مَلأتُم أُورَشَليمَ بِتَعليمِكم؛ وتُريدونَ أَن تَجعَلوا علَينا دمَ هذا الرَّجُل". فأَجابَ بُطرُسُ والرُّسُل: "الله أَحَقُّ بِالطَّاعَةِ مِنَ النَّاس".

يعود موضوع الطّاعة أيضًا في الإنجيل الّذي تقدّمه لنا اللّيتورجيّة اليوم من القدّيس يوحنّا الّذي يقول فيه يسوع: "مَن آمَنَ بِالابن فلهُ الحَياةُ الأَبديَّة؛ ومَن لم يُؤمِن بالابن، لا يَرَ الحَياة الأَبَدِيّة، بل يَحِلُّ علَيه غَضَبُ الله" وأكّد الأب الأقدس في هذا السّياق أنَّ حياة الطّاعة هي ما يميِّز الرّسل الّذين نالوا الرّوح القدس. طاعة لاتّباع يسوع الّذي أطاع حتّى الموت، طاعة تقوم على عيش مشيئة الله؛ الطّاعة هي المسيرة الّتي فتحها لنا الابن وبالتّالي فالمسيحيّ يطيع الله.

أمّا ميزة الرّسل الثّانية فهي الشّهادة: إنّ الشّهادة المسيحيّة مُزعجة؛ قد نبحث أحيانًا عن مساومة ما بيننا وبين العالم ولكن الشّهادة المسيحيّة لا تعرف أبدًا دروب المساومة، وإنّما تعرف صبر مرافقة الأشخاص الّذين لا يتقاسمون أسلوبنا في التّفكير أو إيماننا؛ الشّهادة المسيحيّة تحتمل وترافق ولكنّها لا تساوم على الحقيقة؛ وبالتّالي فأوّلاً هناك الطّاعة وثانيًا الشّهادة الّتي تزعج كثيرًا وتشهد على ذلك جميع الاضطهادات الّتي بدأت منذ ذلك الوقت حتّى اليوم... فكِّروا بالمسيحيّين المُضطهدين في أفريقيا والشّرق الأوسط... وهم أكثر من شهداء القرون الأولى يُسجنون ويقتلون لأنّهم يؤمنون بيسوع ويقدّمون شهادتهم حتّى الموت.

والميزة الثّالثة هي واقعيّة الرسل، لقد كانوا يتحدّثون عن أمور حقيقيّة وواقعيّة ولا عن أساطير، وبالتّالي كما رأى الرّسل يسوع ولمسوه يمكن لكلِّ فرد منّا أن يلمس يسوع في حياته. أحيانًا قد تنسينا الخطايا والمساومات والخوف هذا اللّقاء الأوّل، اللّقاء الّذي غيّر حياتنا، فنضعف ونصبح مسيحيّين سطحيّين وبالتّالي علينا أن نطلب من الرّوح القدس على الدّوام نعمة الواقعيّة، لأنّ يسوع قد مرَّ في حياتي وفي قلبي والرّوح القدس قد دخل فيَّ ولكنّني قد نسيت نعمة ذكرى اللّقاء الأوّل. وعلينا أيضًا أن نطلب نعمة الفرح الفصحيّ لنطلبه من أجل بعضنا البعض، إنّه الفرح الّذي يأتي من الرّوح القدس: فرح الطّاعة الفصحيّة وفرح الشّهادة الفصحيّة وفرح الواقعيّة الفصحيّة".