الفاتيكان
23 كانون الأول 2024, 12:00

البابا إلى الكوريا الرومانيّة: "لا تتحدّثوا بالسوء عن بعضكم البعض"

تيلي لوميار/ نورسات
في خطابه السنويّ أمام الكوريا الرومانيّة لتبادل التهاني بعيد الميلاد، شجب البابا فرنسيس قتل المزيد من الأطفال في غزّة. وسلّط الضوء على فضيلة التواضع لتعزيز مجتمع عامل متناغم، كما نقلت "فاتيكان نيوز".

 

تعيش جماعة كنسيّة في وئام بهيج وأخويّ إلى الحدّ الذي يسير فيها أعضاؤها في طريق التواضع، ويرفضون التفكير والتحدّث بالسوء عن بعضهم البعض". في خطابه السنويّ في عيد الميلاد أمام الكوريا الرومانيّة في الفاتيكان، حذّر البابا فرنسيس مرّة أخرى من الآثار المدمّرة للشائعات السلبيّة والقيل والقال التي "تسمّم القلوب ولا تؤدّي إلى أي مكان".

ركّز البابا على نصيحة القدّيس بولس "أن باركوا ولا تلعنوا" (روميا 12، 14)، وهو موضوع كلمته، وشجّع أعضاء الكوريا على الامتناع عن الكلام الخبيث وبناء مجتمع عامل متناغم ومبهج.

قبل أن يبدأ تأمّله، حوّل البابا فرنسيس أفكاره مرّة أخرى إلى الحرب المميتة المستمرّة في غزّة، حيث قتلت الغارات الجويّة مؤخَّرًا 25 شخصًا في جباليا، من بينهم 7 أطفال حيث لا يزال السلاح يدمّر منطقة مدمّرة. "هذه ليست حربًا. هذه قسوة"، أعرب البابا عن أسفه قال "أريد أن أقول هذا لأنّه يمسّ قلبي."

ثمّ تابع البابا فرنسيس كلامه متحدِّثًا عن فضيلة التواضع وأهمّيّتها العميقة في الحياة المسيحيّة والمجتمع المسيحيّ، وربطها بسرّ التجسّد. وقال: "التحدّث الجيّد وعدم الكلام بالسوء هو تعبير عن التواضع، والتواضع هو السمة المميِّزة للتجسّد وخصوصًا سرّ ميلاد الربّ الذي نحن على وشك الاحتفال به".

كوسيلة لتنمية التواضع، اقترح البابا فرنسيس ممارسة اتّهام الذات، بالاعتماد على تعاليم المعلّمين الروحيّين المسيحيّين الأوائل مثل دوروثيوس - غزّة. دعت حكمة دوروثيوس إلى التأمّل الذاتي وتحويل الأفكار السلبيّة عن الآخرين إلى أفكار إيجابيّة.  

أشار البابا فرنسيس إلى أنّ اتّهام الذات "هو الأساس لقدرتنا على أن نقول "لا" للفرديّة و"نعم" للروح الكنسيّة الجَماعيّة" حيث "الجميع حرّاس لبعضهم البعض ويمشون معًا في تواضع ومحبّة"، و"يتحرّرون تدريجيًّا من الشكّ وانعدام الثقة".

"عندما يرى المرء عيبًا في شخص ما، يمكنه أن يتحدّث فقط إلى ثلاثة أشخاص: الله، الشخص المعنيّ، وإذا لم يستطع المرء التحدّث إلى الشخص عينه، إلى الشخص في المجتمع الذي يمكنه رعاية القضيّة. هذا فقط".

وأوضح البابا أنّ ممارسة اتّهام الذات تعكس "تنازل" (synkatabasis)  الله في التجسّد، وهو عمل من أعمال التواضع الإلهيّ حيث "اختار العليّ أن يصير صغيرًا، مثل حبّة الخردل، مثل بذرة الرجل في رحم المرأة" ويأخذ "على عاتقه العبء الذي لا يطاق لِخطيئة العالم".

تابع البابا فرنسيس أنّ هذه الحقيقة تتجلّى في العذراء مريم، التي شاركت عن طيب خاطر في تدبير الله بتواضع، ما جعلها نموذجًا أصليًّا لهذه الفضيلة اللاهوتيّة: "لم يكن لديها سبب لاتّهام نفسها، لكنّها اختارت بحرّيّة أن تتعاون بشكل كامل في تعالي الله، وفي تواضع الابن وفي نزول الروح القدس".

ثمّ، مشيرًا إلى أنّ تجسّد الكلمة يظهر لنا أنّ الله لم يديننا بل باركنا، أكّد البابا أنْ "بما أنّنا نلنا البركة، يمكننا أن نبارك الآخرين بدورنا".  تنبع هذه البركة من الانغماس في نعمة الله، من خلال "لحظات اللقاء، والصداقات، بروح من الانفتاح والكرم" التي يمكن أن تساعدنا على تجديد العمل المكتبيّ من دون ذلك يمكن أن يمسي جافًّا.  

"إذا احتضنت قلوبنا تلك البركة الأوّليّة، فسنكون قادرين على مباركة الجميع، حتّى أولئك الذين لا نهتمّ بهم أو أولئك الذين عاملونا معاملة سيّئة."

ومضى البابا مسلّطا الضوء على أنّنا بصفتنا أعضاء في الكنيسة، "علامة وأداة لبركة الله للبشريّة"، فإنّنا جميعا مدعوّون إلى أن نصبح "حرفيّين للبركة"، متصوّرين الكنيسة كنهر شاسع يتفرّع إلى جداول عديدة لجلب بركة الله إلى العالم. ووصف الكوريا الرومانيّة بأنها "ورشة عمل" تساهم فيها أدوار متنوّعة في هذه الرسالة.  

أشاد البابا بشكل خاصّ بالعمل "الخفيّ" الذي يقوم به موظّفو المكاتب الذين يعدون الرسائل وينقلون البركات للأفراد المحتاجين. وقال إنّ عملهم المتواضع هو "وسيلة لنشر البركات"، إنه "طريق الله نفسه، الذي يتنازل في يسوع للمشاركة في حالتنا البشريّة، وبالتالي يمنحنا بركته".

وفي الختام ، شجّع البابا فرنسيس أعضاء الكوريا الرومانيّة على اعتناق التواضع والعيش ك"حرفيّين حقيقيّين للبركة" في العالم، من خلال عدم التحدّث بالسوء عن الآخرين: "لا يمكننا كتابة البركات ثمّ التحدّث بالسوء عن أخينا أو أختنا".