الباباوات منذ الحرب العالميّة الثانية: حوالى قرن من الكفاح من أجل نزع السلاح (3)
كان البابا بندكتوس السادس عشر مخلصًا لنداءات أسلافه. في رسالته بمناسبة اليوم العالميّ للسلام عام 2006، بعد عام واحد من حبريّته، حذّر من أنْ "في حرب نوويّة، لن يكون هناك منتصرون، بل ضحايا فقط".
وحثّ زعماء العالم على العمل من أجل القضاء التامّ على الأسلحة النوويّة وأبرز الحاجة إلى قيادة أخلاقيّة في تعزيز نزع السلاح.
"ولا يسع المرء إلّا أن يلاحظ مع الفزع، الدليل على استمرار نموّ الإنفاق العسكريّ وازدهار تجارة الأسلحة، في حين أنّ العمليّة السياسيّة والقانونيّة التي أنشأها المجتمع الدوليّ لتعزيز نزع السلاح تعثّرت بسبب اللامبالاة العامّة. كيف يمكن أن يحظى السلام بمستقبل بينما لا تزال الاستثمارات تبذل في إنتاج الأسلحة وفي البحوث الرامية إلى تطوير أسلحة جديدة؟"
في رسالته العامّة "المحبّة في الحقّ"، دعا البابا بندكتوس أيضًا إلى سياسات مسؤولة تعطي الأولويّة لرفاهيّة الإنسان على العسكرة.
"إذا قُدِّر لهذه الجهود أن تحمل آثارًا دائمة، فيجب أن تستند إلى قيم متجذّرة في حقيقة الحياة البشريّة. أي يجب الاستماع إلى صوت الشعوب المتضرّرة ومراعاة حالتها، إذا أريد تفسير توقّعاتها تفسيرًا صحيحًا. ويجب على المرء أن ينحاز، إذا جاز التعبير، إلى الجهود الحثيثة التي يبذلها العديد من الأفراد الملتزمين التزامًا عميقًا بالتقريب بين الشعوب وتيسير التنمية على أساس المحبّة والتفاهم المتبادل".
وأخيرًا، دعا البابا فرنسيس بلا كلل إلى السلام في أنحاء العالم أجمع، مذكّرًا ببعض الصراعات الأكثر غيابًا عن ذاكرة العالم والأكثر فظاعة التي ابتلي بها عالمنا اليوم.
كما انتقد البابا فرنسيس تجارة الأسلحة العالميّة، وربطها بالحروب والصراعات التي تدمّر المجتمعات، خصوصًا في المناطق الأكثر فقرًا. وشدّدت رسالته العامّة لعام 2020 "فراتيلي توتي" (في الأخوّة والصداقة الاجتماعيّة) على الواجب الأخلاقيّ لنزع السلاح، مشدّدًا على أهمّيّة الأخوّة والتضامن العالميّ والحوار.
"القواعد في حدّ ذاتها لن تكون كافية إذا واصلنا الاعتقاد بأنّ حلّ المشاكل الحاليّة هو الردع من خلال الخوف أو التهديد بالأسلحة النوويّة أو الكيميائيّة أو البيولوجيّة."
وأدان استخدام الموارد للأسلحة بدلًا من معالجة التفاوتات الاجتماعيّة، مردّدًا تعاليم الباباوات من قبله.
"فلننشئ صندوقًا عالميًّا يستطيع في نهاية المطاف أن يضع حدًّا للجوع ويشجّع التنمية في أشدّ البلدان فقرًا، حتّى لا يلجأ مواطنوها إلى حلول عنيفة أو وهميّة، أو يضطرّون إلى مغادرة بلدانهم بحثًا عن حياة أكثر كرامة".