الاحترام والتعاون في خدمة الخير الشامل (1)
العلاقة بين البابا بندكتس السادس عشر والرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو كانت محور الخطاب الذي ألقاه الكاردينال فيرناندو فيلوني. أكّد الكاردينال فيلوني أنْ، في خلال سنوات ولايتهما، اكتشف الحبر الأعظم والرئيس الإيطاليّ أوجه التشابه، والاحترام ونمو الشعور العميق بالثقة بينهما.
من حديث الكاردينال فرنندو فيلوني:
البابا بندكتس السادس عشر، الذي جاء من بافاريا في ألمانيا، عام 1981، كان قد اندمج في الواقع الرومانيّ والإيطاليّ المعقّد؛ كرجل للكنيسة ثمّ البابا. وكانت لديه رؤية واضحة ومفصّلة للإيمان كحدث مسيحيّ وعقلانيّ. شكّل الواقع الاجتماعيّ والسياسيّ الإيطاليّ، مع علمانيّته المكتسَبة بشكل خاصّ في فترة ما بعد المجمع الفاتيكانيّ، بالنسبة إليه مجالًا للمراقبة والدراسة. في الممارسة المعقَّدة للعلاقات بين الأطراف المختلفة والمتعارضة، تبيّنَ الاستماعُ إلى الطرفين واجبًا مقدَّسًا، مع اختلاف الآراء واحترام الآخر، وفرض هذا الاستماع معايير لا غنىً عنها لتجنّب الوقوع في الجدل العقيم والتعصّب غير المقبول.
تمّت حبريّة البابا بندكتس السادس عشر، بالمعنى الزمنيّ، بين الأشهر الأخيرة من فترة الرئيس الإيطاليّ كارلو أزيليو شامبي (18 أيّار/مايو 1999 – 15 أيّار/مايو 2006) وفترة الرئيس جورجيو نابوليتانو (15 أيّار/مايو 2006 – 14 كانون الثاني/يناير 2015)؛ وقد قامت علاقات احترام عميق، بين الحبر الرومانيّ وأعلى مؤسّسة في الجمهوريّة الإيطاليّة. الواقع أنّ الرجليْن اكتشفا التقارب بينهما، وزرعا الاحترام والشعور بالثقة.
في العشرين من تشرين الثاني/نوفمبر 2006، أي بعد بضعة أشهر من انتخابه كرئيس، زار الرئيس نابوليتانو الفاتيكان؛ وكان اللقاء مع بندكتس السادس عشر بداية العلاقة الجميلة بين الشخصيّتيْن الأعلى، آنذاك، في الكنيسة الكاثوليكيّة والشعب الإيطاليّ؛ وفي 4 تشرين الأوّل/أكتوبر 2008، ردّ بندكتس السادس عشر الزيارة بالذهاب إلى قصر كويرينالي؛ وقال: "من دواعي سروري أن أعبر عتبة هذا القصر مرّة أخرى […] أدخل مقرّ إقامتك الرسميّ، سيادة الرئيس، المكان الرمزيّ للإيطاليّين جميعهم، مع الامتنان العميق للزيارة الطيّبة التي قمت بها لي في الفاتيكان، مباشرة بعد انتخابكم للهيئة القضائيّة العليا للجمهوريّة الإيطاليّة".
"برأيي المتواضع"، الكلام للكاردينال فيلوني، "بالإضافة إلى الصداقة بين رئيسَي الدولتيْن، نشأ تقارب فكريّ غير عاديّ بين الرجليْن؛ هو الصدق الفكريّ، موضوع الإنسان المعقّد، الذي كان في قلب نشاطهما الطويل: في التعليم اللاهوتيّ والحياة الراعويّة لأحدهما، والهدف السياسيّ ومحبّة الحرّيّة للآخر، في سياق تلك الحرّيّة الأخلاقيّة، وهذا أمر محترم وفي الوقت عينه، دينيّ وعلمانيّ".
"رأى نابوليتانو في بندكتس السادس عشر رجلًا ذا قيم مسيحيّة عظيمة وأصيلة معبّرًا عنها في خلاصة حديثة وهذا ما أثار اهتمامه بشدّة؛ كان بندكتس السادس عشر يعلم جيّدًا أنّ شخصًا عاديًّا مستنيرًا، مثل الرئيس نابوليتانو، سيكون رفيقًا جيّدًا له إبّان الرحلة التي جمعتهما فيها العناية الإلهيّة والتاريخ".