لبنان
21 حزيران 2017, 07:51

الإفطار السنويّ لمطرانيّة طرابلس المارونيّة في كرم سدّه زغرتا

أقامت مطرانيّة طرابلس المارونيّة إفطارها السّنوي في معهد مار يوحنا للتعليم العالي في بلدة كرم سدّه في قضاء زغرتا، بحضور مفتي طرابلس والشّمال الشّيخ الدكتور مالك الشعا، عدد من المطارنة ورجال الدين، وحشد من رؤساء البلديّات واتحادات البلديّات ونقباء المهن الحرّة وقضاة وأمنيّين وقائمقامين وفعاليّات الاقتصاديّة والاجتماعيّة.

 

وتحدّث راعي أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران جورج بو جوده فقال: "إنّ لبنان الأخضر الذي كنّا نتغنّى به وننشد له الأناشيد الجميلة، نحوّله تدريجيًّا إلى أرض شبيهة بالصحراء تتراكم فيها النفايات ويُعشّش فيها البعوض والذباب وتسرح فيها الجراذين والفئران... أرضنا في طرابلس وضواحيها وجبالها وتلالها موزّعة طبيعيًّا على سهول خصبة ومرتفعات وهضاب، تصبح تدريجيًّا مقالع صخور ومحافير رمال... مواسم الليمون والحمضيات والعنب والتين والتفاح والخضار التي كنّا نأكل من خيرها ونطعم إخواننا على مساحة الوطن تتلاشى هي كذلك تدريجيًّا. قد حملت طرابلس على مرّ العصور لقب أُم الفقير، نجد فيها كلّ حاجاتنا من صغيرها إلى كبيرها، من أسواقها كنّا نتموّن وفي شوارعها نتجوّل ونتسابق على تبادل التحيّة، مسلمين ومسيحيّين، كأهل لا يُفرّق بيننا دين، بل يجمعنا أب واحد هو الله، وتوحّدنا المدينة أُم الفقراء... فيها نعيش مسيحيّين ومسلمين، نتشارك الأفراح والأحزان، بغضّ النّظر عن العدد. كنّا نكوّن لوحة فسيفساء واحدة، لكلّ بحصة صغيرة فيها أهميتها، وبدونها تفقد هذه اللوحة رونقها وجمالها. لذلك عبّرنا صراحة عن رأينا بعدم القبول بنقل المقعد الماروني من طرابلس إلى منطقة أخرى لأنّ في ذلك تشويهًا لصورة المدينة وإعطاءها طابعًا مغايرًا لطبيعتها ولتاريخها، ولذلك نطالب أن يكون الموارنة فيها، كغيرهم من أبنائها ممثّلين في مختلف مؤسّساتها فإنّهم موجودون فيها وفاعلون وقد ساهموا في بنائها وتطوّرها على جميع الأصعدة وأقاموا علاقات صداقة ومحبّة وتعاون وتعاضد مع جميع شرائح مجتمعها وطوائفها، إقتصاديًّا وإجتماعيًّا وإنسانيًّا، بالرغم ممّا تعرّضوا له في بعض حقبات التاريخ من مضايقات".

وقال:"إنّ تمسّكنا بأرضنا وبوجودنا في هذه المدينة هو تمسّك بوجودنا ومصيرنا. ولذلك ندعو إخوتنا وشركاءنا في الأرض والوجود والمصير، من مسيحيّين ومسلمين، إلى المحافظة على ما ورثوه من الآباء والأجداد، من أرض إرتوت على مرّ الأجيال بالعرق والدّم، كي تبقى طرابلس، كما عرفناها منذ القديم مدينة للجميع دون إستثناء وقلعة لجميع المؤمنين يعيشون فيها بحريّة وتفاعل وتضامن مع بعضهم البعض. فعلاقاتنا مع الجميع، إلى أي عرق ودين أو مذهب فكري إنتموا يجب أن تكون علاقات محبة مستندة على حفظ الكرامات والإحترام المتبادل والمساواة والعدالة، وقبول الآخر كما شاء الله أن يكون".

وتابع:" كلُّكم تدركون في أي ظرف عصيب يمرّ بلدُنا الحبيب والمنطقةُ العربية بأسرها. لن أعدّدَ بالطبع المآسي التي نشاهدها كلّ يوم على الشاشات فتُدمي قلوبَنا جميعًا. فالقتلُ والدمار يتنقّلان من مدينة الى أخرى، ومن بلد إلى بلد آخر في هذا الشرق المشرذم مخلّفَين وراءهما الأسى والخوف من مستقبلٍ غير واضح المعالم. ففي ظل أجواء ملبّدة ودقيقة كهذه، نستشعرُ كم أن مسؤوليتنا كبيرة. أمّا في لبنان بالذّات فإنّ السلاح منتشر بين أيدي الجميع يستعملونه دون أي رادع وضحاياه لا تُعد ولا تُحصى. فالمطلوب في هذه اللحظات الحرجة أن نحصّنَ وحدتَنا لنمنعَ تمدّدَ الأخطار الى تركيبتنا الداخليّة الحسّاسة التي لا تحتملُ المجازفات أو الرهانات التي قد تجرّ أضرارًا جسيمة على الوحدة الوطنيّة. لا بد من أن ندرك جميعًا حجمَ المخاطر المُحدقة بنا، فتتضافرَ الجهودُ لوأد كل فتيل مشتعل ومنع إنتقال ناره الى الواقع الداخلي. المطلوبُ اليوم وأكثرَ من أي وقت مضى وقفةَ تعقّلٍ وتبصّر بمستقبل لبنان ووحدته الوطنية. والمطلوب من جميع اللبنانيين أن يكونوا على مستوى المسؤولية الوطنية فيحافظوا على تماسكهم ويحفظوا وحدتَهم وتتكاتفَ جهودُهم من أجل تحصين الإستقرار بعيدًا عن المزايدات وتحريك العصبيات. فالتشرذم الداخلي يُضعفُ مناعة لبنان ويطعنُ في صدقيّة رسالته وفي قدرته على مواجهة تحديات التطورات التي تشهدها المنطقة، الأمر الذي قد يعرّضه لا سمح الله الى أن يدفع مرة جديدة الثمن الباهظ من أمنه وسلامته وإستقراره".

من ثم تحدث المفتي الشعار فقال: "الدين يا إخوتي حاجة انسانيّة، الدين مطلب بشريّ لا يستقيم أمر العالم بدون قيم سماويّة على الاطلاق وحذاري ان نعتقد ان الدين سيكون يوما حجر عثرة امام مطلق علم او تطور او حركة تحقق الخير للانسان وللحيوان. نحن مأمورون بالعلم الى اخر لحظة من المهد الى اللحد أطلبوا العلم من المهد الى اللحد وكذلك العمل والعطاء والانتاج. اذا عرفنا مقاصد الاسلام فأول مقصد من الشريعة الاسلامية هو حفظ حياة البشر. مثلا رجل مريض صائم والصوم عبادة هذا الصوم جزء من الدين فماذا يفعل، أجاز الدين له ان يفطر لأن حياته مقدمة على القيام بالعبادة وان فطره عبادة، اسمعوا ماذا يقول فقهائنا يقولون فطر المريض كصوم الصحيح، أرأيتم كيف أن الصحيح عندما يصوم يأخذ ثوابا واجرا من الله كذلك المريض عندما يفطر ففطره عبادة. من قال ان العبادات جاءت حتى تنحني ظهورنا".

أضاف: "العبادات جاءت حتى تنقي أرواحنا وتقوي ارادة الخير عندنا وتنتزع كل انواع الكراهية من نفوسنا. خير الناس انفعهم للناس وليس للمسلمين او السنة. من هنا ندرك حاجة المحتمع الى الدين وقيمه. الامسيات الرمضانية بدأت تنتشر وتعم ارجاء الوطن وان تعم موائد الافطار عند المسلمين والمسيحيين والدروز والشيعة والعلويين والروم والكاثوليك والارمن وكل المذاهب، بانتشار هذه الموائد في كل مناطق لبنان يتحقق التواصل فيما بيننا، نحن بحاجة لان نتواصل ونؤكد طهارة قلوبنا بحسن علاقاتنا مع بعضنا صحيح ان تقام الموائد من اجل الفقراء والمعوزين والارامل والايتام هذا من الواجبات الدينية لكن كذلك ان يتلاقى الرأي وارباب العقول المستنيرة ان نلتقي ونتشاور ونتبادل وان تطرح القضايا من اجل ان نفكر بمستقبل الانسان ومستقبل لبنان".

وتابع:" رغم كل الملاحطات التي يراها معظم اللبنانيين حول قانون الانتحاب وربما اكون واحد منكم لكن ان يكون هناك قانون انتخاب هذا تقدم ايجابي سواء نال القانون اعجابنا ام لا. ينبغي ان تستعيد الدولة حضورها وان يستعيد مجلس النواب دوره وان نشعر ان هيبة الدولة بدأت تستعيد عافيتها وبالامس كنت في افطار ذكرت ان كلمة لا احب سماعك على الاطلاق اي امر نشعر به يزعجنا حذاري ان نتبرأ من وطننا ويقولون" لبنان راح من زمان" حذاري ان نصل الى هذا المستوى، لبنان موجود بنا وبكم، لبنان لن يموت ومثلنا موجود ربما يكون هناك فريق ربح الجولة في قانون الانتخاب فهذه محطة ، لكن المستقبل موجود والارادة موجودة والفكر والسياسة، المهم ان نتبادل الرأي ونترك العضلات والسلاح والتهديد والتخويف. ربما يشعر البعض بخلل بقانون الانتخاب لكن على كل ما قيل فيه ان يتمكن اللبنانيون في مجلس الوزراء ومجلس النواب من الوصول الى قانون للانتخاب الف تحية للبنان لانه بدأ يستعيد عافيته. ساءني شيء واحد هو خروج الخطاب  السياسي عن ادبياته بدأ البعض يتحدث باسلوب غرائزي سواء من اخواننا المسيحيين او المسلمين، الانسان العاقل الراقي المتحضر يخاطب عقول الناس ولا يخاطب غرائزهم. لا نحب ابدا ان نعود الى الوراء وان نسمع ان هناك تجييشا في الغرائز الدينية والمذهبية. آمل ان تكون قادمات الايام تحمل من الخير والبركة وتحمل من الامن والامان والسلام الى هذا الوطن وآمل من الجميع ان يساعد ويعيد وان يقوم بدوره في الحفاظ على الكيان اللبناني الذي هو عز لكل واحد منا نحن اللبنانيين. عشت اخي صاحب السيادة وعاشت موائدك وافكارك المستديرة وكلماتك الطيبة ومرحبا بكم الف مرة اخواني اصحاب السيادة والسادة القضاة والامنيين والاخوان والاخوات عشتم جميعا وعاش لبنان.