لبنان
18 أيار 2017, 13:45

الإعلان عن رسالة قداسة البابا فرنسيس لليوم العالميّ الحادي والخمسين لوسائل الاتِّصال الاجتماعيِّ

عقد ظهر اليوم في المركز الكاثوليكي للإعلام مؤتمراً صحافياً، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، للإعلان عن رسالة قداسة البابا فرنسيس لليوم العالميّ الحادي والخمسين لوسائل الاتِّصال الاجتماعيِّ تحت عنوان : "لا تَخَفْ فإِنِّي مَعَكَ" (أشعيا 43، 5)، إيصال الرجاء والثقة في زماننا". على أن يترأس رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر القداس الإلهي للمناسبة، الساعة الحادية عشرة من يوم الأحد في 28 أيار الحالي في كاتدرائية مار جرجس للموارنة في بيروت.

 

شارك في المؤتمر إلى المطران بولس مطر،  ممثل وزير الإعلام ملحم الرياشي المدير العام للوزارة د. حسان فلحة، نقيب الصحافة اللبنانية عوني الكعكي، نقيب المحررين الياس عون، ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام الخوري عبده أبو كسم، وبحضور مديرة الوكالة الوطنية للإعلام لور سليمان صعب، مدير عام مجموعة تيلي لوميار جاك كلاسي، أمين عام جمعية الكتاب المقدّس مايك باسوس، العميد جوني خلف، الصحافي جورج بشير، مديرة برامج نورساتTV ماري تريز كريدي ، المخرج فرنسوا زيادة، الأب بيار عطالله، وعدد من الإعلاميين والمهتمين.

 

بداية رحب المطران بولس مطر بالحضور وقال:

 "يُشرِّفُنا أَن نَنقلَ إِليكُم بِاسمِ اللَّجنةِ الأسقفيَّةِ لِوَسائل الإعلامِ في لُبنانَ فَحوَى الرِّسالةِ الثَّمينةِ الَّتي وَجَّهَهَا في هذا العامِ قداسةُ البابا فرنسيس إلى صَانِعِي الأَخبارَ في العالَمِ وإلى جميعِ الَّذينَ يَتَلقُّونَ هذه الأخبارَ من قُرَّاءٍ وَمُستمعينَ وَمُشاهدِينَ، أَفرادًا وَجَماعاتٍ، قَرِيبينَ في منطقتِنَا وَبَعِيدينَ يَضربُونَ أَطنابَهُم على آخرِ زَاويةٍ من الأرضِ.

تابع "لقد رَاحَت الكنسةُ منذُ انتهاءِ المَجمعِ الفاتيكانيِّ الثَّاني، لِحوالَيْ خمسين عامًا وَنيِّفٍ، تُوَاكبُ العملَ الإعلاميَّ بِاهتمامِهَا بهِ وَبِالدِّفاعِ عنهُ لِيَكونَ إِعلامًا حُرًّا وَليضَعَ نفسَهُ في خِدمةِ الحقيقةِ الموضوعيَّةِ، دُونَ سِواهَا. فَالإِعلامُ الحُرُّ هُو الإِعلامُ غيرُ المَأجُورِ وَغيرُ المُقيَّدِ، وَالَّذي لا يَخضعُ لِصَالحِ أَنظمةٍ أَو لِنَزوةِ أَفرادٍ. وَالجميعُ يَعرفُ أَنَّ دُوَلاً بِأَسرِهَا كانَت تُسخِّرُ الإِعلامَ أَو ما تَزالُ، خدمةً لِبَقاءِ جماعةِ السُّلطةِ فيها على كَرَاسيِّهِم، مُتَمتِّعينَ بِخَيراتِ شَعبِهِم، حَارِمِينَ منها غَالبيَّةَ أَهلِهِم وَمُوَاطِنِيهِم. لِذلكَ سَانَدَت الكنيسةُ حُرِّيَّةَ الإِعلامِ وَحُرِّيَّةَ الرَّأيِ وَالفكرِ وَالتَّعبيرِ لكَي يَصلَ النَّاسُ إِلى الحقيقةِ وَيَتصرَّفُوا في حياتِهِم بِوَحيٍ منها، وَلكَي تُصبحَ الحقيقةُ الموضوعيَّةُ هي القيمةُ الَّتي تُسانِدُ الحرِّيَّةَ في العملِ الإِعلاميِّ وَتُعطِي لهذه الحرِّيَّةِ محتوًى مَلمُوسًا وتُبَلورُ لها مشاريعَ قابلةً لِلحياةِ. لأجلِ ذلكَ دَعَت الكنيسةُ وَتَدعُو أَهلَ الإِعلامِ إلى تَوَخِّي الحقيقةِ في عَملِهِم فلا يَقبلُوا الانجِرَارَ في تَضليلِ الآخرينَ. بَلْ تكونُ لهُم الشَّجاعةُ في رَفضِ الزَّيفِ وَإِعلانِ الأمورِ على مَا هي دُونَ زيادةٍ أَو نقصانٍ."

أضاف "لكنَّ قداسةَ البابا قد أَرادَ في رسالتِهِ الخاصَّةِ لِيَومِ الإِعلامِ العالميِّ الحادي والخمسين، بِالإِضافةِ إِلى التَّأكيدِ على ضَرُورةِ احترامِ الحرِّيَّةِ والحقيقةِ في العملِ الإِعلاميِّ، أَن يَتعمَّقَ أَكثرَ في الواقعِ الإِعلاميِّ وَرِسالتِهِ، وذلك من مُنطلقاتٍ فكريَّةٍ وَرُوحيَّةٍ. فَأَعطَى عن العملِ الإِعلاميِّ صُورةً تُشبِّهُهُ بِطَاحُونةِ المياهِ الَّتي تَتَحرَّكُ بِاستمرارٍ وَمِن دُونِ تَوقُّفٍ، طالما أَنَّ المياهَ تنزلُ فيها وتفعلُ فعلَهَا بِحسبِ ما هُو مرسُومٌ في بُنيَتِها القائمةِ. فالإِعلامُ هُو أَيضًا على هذه الصُّورةِ، فَيضٌ من الأَخبارِ ينزلُ إِلى ساحةِ النَّاسِ عَبرَ طَوَاحينَ تَقذفُهَا وَسائلٌ وَتَنشرُهَا بِسرعةٍ أَصبَحَت اليومَ جُنونيَّةً مع الطَّاقاتِ الرَّقميَّةِ مِن كلِّ نوعٍ. وَمَا مِن شكٍّ في أَنَّ هذه الأخبارَ المُوزَّعةَ على العالَمِ بِأَسرِهِ لَيسَت كلُّها مِن النَّوعِ الجيِّدِ وَلَيسَت كلُّها بَنَّاءةً بَلْ هي في كثيرٍ منها أَخبارٌ مُقلقةٌ أَو حتَّى هدَّامةٌ لِخَواطرِ الكثيرينَ، لأنَّها تَزرعُ فيهم اليأسَ ولا تُبَالِي بِالإِحباطِ النَّاجِمِ عن صِيَاغتِهَا وَعَن مَضمُونِهَا في آنٍ معًا. فَيقولُ قداستُهُ: «إِنَّ هذا الإِعلامَ المُتوحِّشَ الَّذي لا يَنطلقُ من إِرادةِ بِناءِ الكَونِ وَبناءِ الإِنسانِ يُصبحُ إِعلامًا خطرًا على حياةِ البشرِ وعلى مُستقبلِهِم. فَمَا نفعُ إِعلامٍ لا يُروِّجُ في الدُّنيَا سوى أَخبارِ الحُرُوبِ وَالفِتَنِ والإِرهابِ وَالفضائحِ وكلِّ أَشكالِ الفشلِ البَشريِّ؟». وَيستدرجُ قداستُهُ لِيُعلنَ أنَّ المطلوبَ مِن الإِعلامِ ليس العمل على تَجميلِ صُورةِ الوُجُودِ بِشكلٍ مُصنَّعٍ أَو مُزيَّفٍ، كأنْ يُقالُ مثلاً أَنَّ الدُّنيا بِأَلفِ خَيرٍ عندما تَكونُ حقًّا في أَوضاعٍ سيِّئةٍ لِلغايةِ؛ لأنَّ مَوقفًا مثلَ هذا يُجافِي الحقيقةَ وَهُو بِالتَّالِي غيرُ مَقبولٍ. لكنَّه يَعودُ وَيُؤكِّدُ أَنَّ المَطلوبَ هُو العملُ على تَخَطِّي اليأسِ وَالاستسلامِ أَمامَ الوَاقعِ الصَّعبِ لِلإِنسانيَّةِ وَأَمامَ الشُّرُورِ وَالخطايَا الَّتي تَغرقُ  فيها بِاستمرارٍ مُقلقٍ. فَالبَابَا لا يَرضَى بِأَن تَكونَ فلسفةُ الإِعلامِ أَو فلسفةُ الحياةِ عندنَا مَحكُومةً بِمَقُولَةِ «فالِج ولا تعالِج». بَلْ يُريدُ أَن تنتفضَ الإِنسانيَّةُ بِوَجهِ الشُّرُورِ على أَنواعِهَا وَأَن تُؤمنَ بِأَنَّ مَعركةَ الخَيرِ مُمكنٌ لها أَن تكونَ مَعركةً رابحةً، لا بَلْ هي رَابحةٌ بِدَفعٍ من مَوتِ المسيحِ وَقِيامتِهِ، أَيْ بِفعلِ فِدَائِهِ العظيمِ وَدَحرجةِ الحجرِ عَن سِجنِ الإِنسانيَّةِ المُغلَقِ عليها ضمنَ بَهوٍ مُظلمٍ، وَمِن غَيرِ رجاءٍ بِإِدخالِ النُّورِ إلى جَنَباتِهِ. فَمِن أَجلِ كَسرِ هذا الواقعِ الرَّهيبِ في الكَونِ، يُقدِّمُ قداستُهُ لِلإِعلاميِّينَ اقتراحًا وَفكرةً بِأَن يَكُونُوا إِيجابيِّينَ وَأَن يَحتفِظُوا بِالرَّجاءِ فَيُوجِّهُوا إِلى النَّاسِ كِتَاباتِهِم وَتَحاليلَهُم مَطبوعةً بما يُسمِّيهِ قداستُهُ «الخبرَ السَّارَّ»، أَو «الخبرَ الجيِّدَ»، وَهُما كَلِمتَان تُتَرجِمانِ مِن اليُونانيَّةِ العنوانَ الَّذي أُعطِيَ لِلكتابِ المُقدَّسِ في عَهدِهِ الجديدِ، لِكُتبِ «الإِنجيل».

وقال «إنَّ ما يَجرِي في الحياةِ، يَقولُ قداسةُ البابا، يُمكنُنَا نَحنُ المُتطلِّعينَ إِليهِ، أَن نُوجِّهَ إِليهِ عُيُونَنَا وَنَحنُ وَاضِعُونَ عليها نَظَّاراتٍ إِيجابيَّةً مُلوَّنةً بِلَونِ الرَّجاءِ وَالمحبَّةِ بَدَلاً مِن أَن نَضَعَ عليها نَظَّاراتٍ سلبيَّةً مُلوَّنةً بِلَونِ اليَأسِ وَالسَّوادِ. فالنَّاظِرُ إِلى الأمُورِ لهُ مَوقفٌ منها ولهُ رَدُّ فِعلٍ عليها يَتَخطَّى مُجرَّدَ التَّسجيلِ لِمَا يَحدثُ، وَهُو مَوقفٌ يَصلُ إِلى نَقضِ الاستسلامِ الكاملِ لِلوَاقعِ المَرِيرِ. فَهلاَّ وَضَعنَا على عُيُونِنَا، لِنُدركَ مَعنَى الأَحداثِ، نَظَّاراتٍ صَحيحةً؟"

تابع "إنَّها حقًّا عَمليَّةٌ رُوحيَّةٌ تَستطلعُ النُّورَ مِن الظُلمةِ و