متفرّقات
15 أيلول 2022, 11:30

الإعلان الختامي للمؤتمر السّابع لقادة الدّيانات العالميّة والتّقليديّة

تيلي لوميار/ نورسات
في ختام أعمال المؤتمر السّابع لقادة الدّيانات العالميّة والتّقليديّة الذي عُقد في نور سلطان صدر عن المؤتمرين الإعلان التّالي:

"نحن المشاركون في المؤتمر السّابع للقادة الرّوحييّن للأديان العالميّة والتّقليديّة والسّياسيون ورؤساء المنظّمات الدوليّة، إذ تقودنا الرّغبة المشتركة في التّوحيد العالميّ باسم عالم مستدام وعادل وآمن ومزدهر،

نؤكد على أهمية القيم الإنسانية المشتركة في التنمية الرّوحيّة والاجتماعيّة للبشريّة، التي تضمن السّلام والأمن والاستقرار على الصّعيد العالميّ،

ونعترف بأهمّيّة المبادئ التوجيهيّة الرّوحيّة والأخلاقيّة من أجل التنمية المستدامة والمستقرّة للعلاقات الاجتماعيّة، والتّغلّب على التّعصّب وكراهية الأجانب والتّمييز والصّراعات القائمة على الاختلافات الاجتماعيّة والعرقيّة والثقافيّة والدّينيّة،

ونولي اهتمامًا خاصًا لأهمّيّة الحفاظ على ثراء التّنوّع الدّينيّ والثقافيّ للحضارة البشريّة،

وندرك أنّ أعمال الخير والشّفقة والرّحمة والالتزام بمُثُل العدالة الاجتماعيّة والتّضامن من شأنها أن تسهم في التّقارب بين النّاس والمجتمعات،

ونعترف بقيمة التّعليم والتّنوير الدّيني من أجل تنمية ذاتية وتعزيز احترام الأديان والثّقافات الأخرى،

ونؤكِّد على أهمّيّة دور المرأة في العائلة والمجتمع، وفي تنشئة الأجيال الشّابة، والعمليات الاجتماعيّة - السّياسيّة،

نشير إلى أنّ التّفاوت في الحصول على فوائد العالم الحديث يؤدّي إلى عدم مساواة وأزمات وصراعات وتوترات اجتماعيّة وخلافات،

ونعترف بأهمّيّة المعارضة القويّة للتّحدّيات والتّهديدات العالميّة لعالم ما بعد الوباء الحديث، بما في ذلك الجريمة المنظّمة والإرهاب والمخدّرات والهجرة غير الشّرعية وتغير المناخ والفقر والجوع،

ندين بأشدّ العبارات التّطرف والراديكالية والإرهاب، ولا سيما تلك القائمة على أساس المعتقدات الدّينيّة، التي تتعدّى على القيم الحضاريّة الرئيسيّة - حياة الإنسان وكرامته، والسّلام والأمن،

وندين خلق بؤر ساخنة للتوتّر الدّوليّ في العالم،

ونعرب عن قلقنا الشّديد إزاء تدهور الوضع في أنحاء مختلفة من كوكبنا، فضلًا عن زيادة عدد المهاجرين واللاجئين الذين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانيّة والحماية،

ونعرب عن رغبتنا القويّة في المساهمة في خلق ظروف للمصالحة والحوار بين الأطراف المتنازعة،

وندرك الضّرورة الملحّة لبذل جهود مشتركة للزعماء الرّوحييّن والسّياسييّن من أجل تهدئة الخلافات في العالم الحديث،

ونرحّب بجميع المبادرات الدوليّة والإقليميّة والوطنيّة والمحلّيّة، فضلًا عن جهود القادة الدّينييّن من أجل تعزيز الحوار بين الأديان والثّقافات وبين الحضارات،

وإذ نعرب عن نيّة تكثيف التّعاون بين الطوائف الدّينيّة والمؤسسات الدّوليّة والوطنيّة والعامّة والمنظّمات غير الحكوميّة في فترة ما بعد الجائحة،

نعيد التّأكيد على أنّ مؤتمر قادة الأديان العالمية والتّقليديّة قد أصبح على مرّ السنين منصّة عالميّة للحوار بين الأديان لممثلي مختلف الأدّيان والمذاهب،

ونشير إلى أهمّيّة مؤتمر قادة العالم والزعماء التّقليدييّن في تنفيذ المزيد من الخطوات المحدّدة من أجل توسيع الحوار بين الأديان وبين الحضارات،

قد وصلنا إلى موقف مشترك ونعلن ما يلي:

سنبذل قصارى جهدنا لضمان استمرار مؤتمر قادة الأديان العالميّة والتّقليديّة في نشاطاته المنتظمة لصالح السّلام والحوار بين الأديان والثّقافات والحضارات.

نعلن أنه في ظل ظروف تطوّر العالم بعد الجائحة وعولمة العمليات العالميّة والتّهديدات الأمنيّة، يلعب مؤتمر قادة الأديان العالميّة والتّقليديّة دورًا مهمًا في تنفيذ الجهود المشتركة من أجل تعزيز حوار حضاريّ باسم السّلام والتّعاون وتعزيز القيم الرّوحيّة والأخلاقيّة.

نعلن أن الأمراض الوبائيّة تحمل مخاطر وتهديدات للبشريّة جمعاء وتؤثّر سلبًا على جميع مجتمعات ودول العالم. وأنّه لا يمكن التّغلب على هذه العواقب السّلبيّة إلا من خلال الجهود المشتركة والعمل معًا ومساعدة بعضنا البعض.

نحن مقتنعون بأنّ إطلاق العنان لأيّ نزاع عسكريّ وبؤرة توتّر ومواجهة له سلسلة من ردود الفعل ويؤدّي إلى تدمير نظام العلاقات الدّوليّة.

ونؤمن بأن التّطرّف والرّاديكاليّة والإرهاب وسائر أشكال العنف والحروب، مهما كانت أهدافها، لا علاقة لها بالدّين الحقيقيّ ويجب نبذها بأقوى الأحكام الممكنة.

نحثّ بقوة الحكومات الوطنيّة والمنظّمات الدّوليّة المخوّلة على تقديم مساعدة شاملة لجميع الجماعات الدّينيّة والطّوائف العرقيّة التي تعرّضت لانتهاك الحقوق والعنف من قبل المتطرّفين والإرهابييّن نتيجة الحروب والصّراعات العسكرية.

ندعو قادة العالم إلى وقف الصّراعات وإراقة الدّماء في جميع أنحاء كوكبنا، والتّخلّي عن الخطاب العدوانيّ والمدمّر الذي يؤدي إلى زعزعة استقرار العالم.

ندعو القادة الدّينييّن والشّخصيات السّياسية البارزة من مختلف أنحاء العالم إلى تطوير الحوار بلا كلل باسم الصّداقة والتّضامن والتّعايش السّلميّ في جميع أنحاء العالم.

ندعو إلى المشاركة الفعّالة لقادة العالم والأديان التّقليديّة والشّخصيّات السّياسية البارزة في عملية تحقيق استقرار طويل الأمد وحلّ النزاعات.

نلاحظ أن التّعدّدية والاختلافات في الدّين ولون البشرة والجنس والعرق واللّغة هي تعبير عن حكمة مشيئة الله التي خلق الله بها الإنسان. وفي هذا الصدد، فإن أيّ حقيقة من حقائق الإكراه لدين معيّن أو عقيدة دينيّة معيّنة هو أمر غير مقبول.

ندعو إلى تقديم الدّعم الكامل للمبادرات الهادفة إلى زيادة عمليّة الحوار بين الأديان، ومبادئ الأخوة الإنسانيّة، والعدالة الاجتماعيّة، والتّضامن باسم حاضر ومستقبل أفضل لجميع الشّعوب.

ونقف متضامنين مع جهود الأمم المتّحدة والمؤسّسات الدّوليّة والإقليميّة الأخرى، وكذلك مع الحكومات الوطنيّة والمنظّمات العامة وغير الحكومية من أجل تعزيز الحوار بين الحضارات والأديان والأمم.

نعترف بأهمية وقيمة الوثيقة التاريخية حول الأخوة الإنسانية من أجل السّلام العالميّ والعيش معًا بين الكرسي الرّسولي والأزهر الشّريف (اعتمدتها الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة في القرار A / RES / 75/200المؤرخ في ٢١ كانون الأول / ديسمبر، ٢٠٢٠)، وإعلان مكة (الذي تمّ تبنيه في مكة في أيار مايو ٢٠١٩) والذي يدعو إلى السّلام والحوار وإلى التّفاهم والاحترام المتبادلين بين المؤمنين من أجل الخير العام.

نرحّب بالتّقدم الذي أحرزه المجتمع العالميّ في مجالات العلوم والتّكنولوجيا المتقدّمة والطّب والصناعة وغيرها من المجالات، وفي الوقت عينه، نلاحظ أهمّيّة مواءمته مع القيم الرّوحيّة والإنسانيّة.

ندرك أن المشاكل الاجتماعيّة تدفع النّاس في كثير من الأحيان إلى اتّخاذ إجراءات متطرّفة وندعو جميع دول العالم إلى ضمان ظروف معيشيّة كريمة لمواطنيها.

نلاحظ أن مصير الأشخاص والجماعات، بغياب القيم الرّوحيّة المتينة والخطوط التّوجيهيّة الخلقيّة، هو فقدانُ القيم الجوهريّة للطبيعة البشريّة – الرّغبة في الإبداع والأنسنة.

ندعو قادة عالمي السّياسة والأعمال إلى صبّ الاهتمام على تخطّي الخلل الحاصل في نمو المجتمعات المعاصرة، من أجل تقليص الهوّة في الرّخاء بالنسبة لمختلف شراح الشّعب وبلدان عدّة حول العالم.

نلاحظ أن دور قادة الدّيانات العالميّة والتّقليديّة ونشاطَهم الدّبلوماسي الفاعل في العالم المعاصر يحملان تأثيرًا إيجابيًّا على العمليات الاجتماعيّة والسّياسيّة في الدول والمجتمعات، ويساهمان في الحفاظ على السّلام وعلى القيم الكونيّة.

ننطلق من الواقع الذي لا يتبدل، ألا وهو أن (الله) القدير خلق جميع الأشخاص متساوين، بغض النّظر عن العرق والدّين والإتنيّة والمكانة الاجتماعيّة وأي انتماء آخر، لذا لا بد أن يكون التّسامح والاحترام والتّفاهم المتبادل غايةَ أيّ عظة (أو خطبة) دينيّة.

ندعو القادة السّياسييّن والمسؤولين في الحقل العام، كما الصّحفييّن والمدوّنين إلى الاعتناء بمشاعر الأشخاص الدّينيّة والقوميّة، وعدم إلصاق التّطرف والإرهاب بدول بأكملها أو بديانات مُحبّة للسّلام.

نؤيّد تعزيز دور التّربيّة والتّنوّر الدّيني بغية تمتين التّعايش المتّسم بالاحترام بين الدّيانات والثّقافات ونبذ الأحكام المسبقة الدّينيّة الزّائفة والخطيرة.

نولي اهتمامًا خاصًا لمسألة تعزيز المؤسسة العائليّة والمساواة بين الجنسين في المجتمعات.

ندعم حماية كرامة النّساء وحقوقهن، وتحسينَ مكانتِهن الاجتماعيّة كأعضاء متساوين ضمن العائلة والمجتمع.

نلاحظ حتميّة النّمو العالميّ الرّقمي، وأهمّيّة دور القادة الدّينييّن والرّوحييّن في التّفاعل مع المسؤولين السّياسييّن من أجل حلّ مشاكل عدم المساواة في المجال الرّقمي.

نسعى جاهدين إلى تنمية حوار مع وسائل الإعلام ومؤسّسات أخرى في المجتمع من أجل إيضاح كافة الفوائد التي تترتّب على القيم الكونيّة والدّينيّة، ومن أجل تعزيز المعرفة الدّينيّة والسّلم الأهليّ والتّسامح بين الأديان.

ندعو جميع الأشخاص المؤمنين وذوي الإرادة الصّالحة إلى التّوحّد في هذا الزّمن الصّعب والإسهام في تحقيق التّناغم والأمن في بيتنا المشترك – كوكب الأرض.

نرفع الصّلوات دعمًا لجميع الأشخاص ذوي الإرادة الصّالحة على كوكب الأرض الذين يقدّمون إسهامًا قيّمًا لتوسيع نطاق الحوار بين الحضارات والدّيانات والدّول باسم عالم أفضل وأكثر ازدهارًا.

ندعو إلى دعم أعمال الرّحمة والرّأفة في المناطق التي تعاني من الصّراعات العسكرية، ومن الكوارث الطبيعيّة وتلك التي يتسبّب بها الإنسان.

ندعو إلى التّضامن مع المنظّمات الدّوليّة والحكومات الوطنيّة في جهودها الهادفة إلى تخطّي جائحة فيروس كورونا.

نعلن أن نتائج المؤتمر، بالإضافة إلى هذا الإعلان، تطمح أن تكون خطوطًا توجيهيّة هامّة بالنسبة لأجيال اليوم والمستقبل بغية تعزيز ثقافة التّسامح والاحترام المتبادل والعيش السّلميّ، ويمكن أن تُستخدم من قبل أيّ إدارة عامّة في أي بلد في العالم، كما من قبل المنظّمات الدّولية، بما في ذلك المؤسّسات التّابعة للأمم المتّحدة.

نطلب من أمانة سرّ المؤتمر أن تطوّر برنامجًا لمؤتمر قادة الدّيانات العالميّة والتّقليديّة، كمنصّة كونيّة للحوار بين الأدّيان للفترة الممتدة بين عاميّ ٢٠٢٣ و٢٠٣٣.

يُسعدنا أن نلاحظ دور جمهوريّة كازاخستان، كمركز عالميّ موثوق به للحوار بين الحضارات والدّيانات والمعتقدات.

نشكر جمهوريّة كازاخستان والرّئيس قاسم جُمارت توكاييف على المبادرات الإنسانيّة، وعلى الدّعوة إلى عقد المؤتمر السّابع لقادة الدّيانات العالميّة والتّقليديّة، وعلى إسهامهم لصالح الإبداع والتّقدّم والسّلام والتّناغم.

إنّنا ممتنون لجمهوريّة كازاخستان على التّنظيم الرّائع للمؤتمر، وللشّعب الكازاكي على المودّة وحسن الضيافة.

نؤكد اهتمامنا الجماعي في متابعة نشاطات مؤتمر قادة الدّيانات العالميّة والتّقليديّة، ونيّتَنا في الدّعوة إلى التئام المؤتمر الثّامن في عام ٢٠٢٥ في عاصمة جمهوريّة كازاخستان، نور سلطان.

 

تمّ تبني هذا الإعلان من قبل أغلبيّة الوفود المشاركة في المؤتمر السّابع لقادة الدّيانات العالميّة والتّقليديّة وتمّت مشاطرته مع السّلطات والقادة السّياسيين والشّخصيّات الدّينيّة حول العالم، كما مع منظّمات إقليميّة ودوليّة هامّة، ومنظّمات المجتمع المدني، والجمعيات الدّينية وأهم الخبراء، وسيُوزّع أيضًا كوثيقة رسميّة على الدّورة السّابعة والسّبعين للجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة.

إن المبادئ الواردة في هذا الإعلان يمكن نشرها على المستويات الإقليميّة والدّوليّة كافّة، مع المناشدة بأخذها في عين الاعتبار لدى اتّخاذ القرارات السّياسيّة وسَنّ التّشريعات ووضع البرامج التّربويّة، ومن قبل وسائل الإعلام في جميع البلدان المعنيّة.

 

ليكن إلهامُنا مباركًا ولتنعم جميع الشّعوب والبلدان بالسّلام والازدهار!

 

جمهورية كازاخستان

نور سلطان

١٥أيلول سبتمبر ٢٠٢٢