الفاتيكان
28 تشرين الأول 2022, 11:50

الإستقبال والعناية فعلان ركّز عليهما البابا فرنسيس في كلمته إلى المسؤولين الفرنسيّين

تيلي لوميار/ نورسات
"يسعدني أن أرحّب بوفدكم من المسؤولين الحكوميّين وممثّلي الدّولة الفرنسيّة، القادمين من شمال فرنسا، وأن أحيي من خلالكم ناخبيكم أيضًا. تسعدني أيضًا مبادرة الرّحلة إلى روما، الّتي عرف رئيس أساقفة كامبراي، المطران فنسان دولمان، كيف يقبلها بروح من الاحترام المتبادل والتّعاون بين السّلطات المدنيّة والدّينيّة في منطقتكم، من أجل خير الجميع".

بهذه الكلمات رحّب البابا فرنسيس بالمسؤولين الحكوميّين وممثّلي الدّولة الفرنسيّة القادمين من شمال فرنسا خلال استقبالهم قبل أسبوع في الكرسيّ الرّسوليّ، وتابع متوجّهًا إليهم بكلمة قائلاً بحسب "فاتيكان نيوز":

لقد عانت منطقتكم، الّتي كانت غنيّة بمناجم الفحم، وصناعة معدنيّة قويّة ومصانع نسيج شهيرة، من نكسة مروّعة مع إغلاق المناجم والمصانع الّتي نشأت خلال الثّورة الصّناعيّة في أواخر القرن التّاسع عشر. لسوء الحظّ، إنّ الأزمة الاقتصاديّة تعني للأسف أيضًا إفقار سكّان هذه المناطق. أعلم أنّ هذا هو التّحدّي الّذي تواجهونه منذ عدّة عقود. بالإضافة إلى الاهتمام الأوّل بالقضايا الاجتماعيّة، أعلم أنّكم تهتمّون أيضًا بالبعد الثّقافيّ لمنطقتكم مدركين حقيقة أنّ الإنسان لا يتغذّى بالخبز فقط، وإنّما أيضًا بفخر جذوره الّتي تبرزها الثّقافة وتساعد هكذا على تذكير الجميع بكرامتهم.

في هذه المجالات من العمل الاجتماعيّ والثّقافيّ يمكنكم أن تلتقوا، بغضّ النّظر عن انتمائكم السّياسيّ. ومن خلال إعطاء الأولويّة للاحتياجات الأساسيّة لناخبيكم، والّتي غالبًا ما يتمّ تجاهلها لصالح المواضيع العصريّة الّتي لا علاقة لها بحياتهم اليوميّة، يمكنكم أن تظهروا إرادتكم في أن تكونوا في خدمة الّذين انتخبوكم والّذين وضعوا فيكم ثقتهم. على الأسلوب الدّيمقراطيّ والتّمثيليّ أيضًا أن يسمح لكم بأن تلفتوا انتباه السّلطات العليا إلى تطلّعات واحتياجات سكّان منطقتكم الحقيقيّة، بعيدًا عن أيّ أيديولوجيّة أو ضغط إعلاميّ.

في المجال الاجتماعيّ الواسع، أودّ فقط أن أشجّعكم بكلمتين تتعلّقان بزمننا الحاضر: الاستقبال والعناية. أوّلاً، استقبال الأشخاص الأشدَّ عوزًا، ولاسيّما المهاجرين- وأنتم تعرفون مدى أهمّيّة هذه القضيّة ومدى اهتمامي بها؛ لكنّي أفكّر أيضًا في الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصّة، إنّهم بحاجة إلى المزيد من الهيكليّات لتسهيل حياتهم وحياة أحبّائهم، ولاسيّما لكي نظهر الاحترام الّذي يستحقّونه. أتمنّى أن تسمح الأحكام المتعلّقة بالإدماج للعديد منهم بالحصول على مكان في عالم العمل. إذ قد أصبح من الضّروريّ اليوم أكثر من أيّ وقت مضى أن تستمرّوا في وضع كهدف أولويّ حصول الجميع على عمل! أمّا فيما يتعلّق بالعناية، أفكّر بشكل خاصّ في الاهتمام بالمسنّين في بيوت الرّاحة، والأشخاص في نهاية حياتهم، الّذين ينبغي أن تتمَّ مرافقتهم من خلال تطوير العلاجات التّخفيفيّة. إنّ العاملين الصّحّيّين، بطبيعتهم، لديهم دعوة تقديم العناية والعزاء، عندما لا يكون بإمكانهم أن يقدّموا الشّفاء، لكن لا يمكننا أن نطلب منهم أن يقتلوا مرضاهم! إذا قتلنا بالتّبريرات، فسينتهي بنا الأمر بالقتل على الدّوام. لذلك أجرؤ على أن أرجو، في مثل هذه القضايا الأساسيّة، أن يتمّ إجراء النّقاش في الحقيقة من أجل مرافقة الحياة إلى نهايتها الطّبيعيّة.

إنَّ المجال الثّقافيّ، بدوره، هو عامل مهمّ للوحدة في المقياس الّذي يقدّم نفسه فيه كثمرة لماض مشترك، ولتاريخ عشتموه في الأراضي الّتي تحبّونها وحيث لم تكن الكنيسة غائبة أبدًا. لقد كانت منطقتكم مسرحًا للأحداث الّتي طبعتها ويعود الأمر لكم في أن تقدّروها لكي تنقلوا إرثها إلى الأجيال القادمة. إنَّ أحداث الماضي قد ساهمت في الواقع في التّاريخ والأدب، وكذلك في الآفاق السّياسيّة والاقتصاديّة للبلد بأكمله.

في الختام، أكرّر لكم أنّه من دواعي سروري أن أرى كيف أنّكم أنتم، الّذين تشغلون مسؤوليّات في المجالين الاقتصاديّ والاجتماعيّ، مهتمّون برسالة الكنيسة حول القضايا الّتي نتشاركها، وكيف تدركون الدّور الّذي عليكم أن تلعبوه من خلال الالتزام بخدمة ناخبيكم. بفضل إيمانها بالمسيح الّذي جعل نفسه فقيرًا، اهتمّت الكنيسة على الدّوام بالتّنمية المتكاملة للأشخاص الّذين تمّ التّخلّي عنهم في المجتمع، ويمكنكم أن تعتمدوا على مساعدتها. فهي تسعى معكم لبلوغ المهاجرين والمسنّين والمرضى، أيّ جميع الّذين بقوا في الخلف والّذين يكمن فقرهم الأكبر بلا شكّ في الإقصاء والوحدة النّاجمَين عن ذلك. أشكركم مرّة أخرى على زيارتكم. وأسأل الله أن يلهم مشاريعكم ومبادراتكم من أجل الخير العامّ لمنطقتكم، وأن يساعدكم في تحقيقها. ليبارككم الله!".