لبنان
20 كانون الثاني 2025, 12:15

الأنطونيّون "فرحون في الرّجاء"

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل الرّهبان الأنطونيّون والرّاهبات الأنطونيّات يوم السّبت، بعيد القدّيس أنطونيوس الكبير في دير مار الياس- أنطلياس، حيث تخلّل اللّقاء سجود أمام القربان المقدّس في كنيسة الدّير الصّغرى، ومسيرة خاشعة نحو الكنيسة الكبرى حيث احتفل بالذّبيحة الإلهيّة الرّئيس العامّ الأباتي جوزف بو رعد، افتتح خلالها سنة اليوبيل الـ325 على تأسيس الرّهبانيّة الأنطونيّة تحت عنوان: "فرحون في الرّجاء"، تزامنًا مع يوبيل الكنيسة الكاثوليكيّة الجامعة "حجّاج الرّجاء".

عاون الأب العامّ في الخدمة الآباء المدبّرون، بحضور السّفير البابويّ المطران باولو بورجيا والأساقفة: راعي أبرشيّة أنطلياس المارونيّة المطران أنطوان بو نجم، النّائب البطريركيّ العامّ المطران أنطوان عوكر، المطران سمعان عطالله، والرّؤساء العامّين والرّئيسات العامّات، ولفيف من الكهنة والرّهبان والرّاهبات وعدد كبير من أعضاء كشّافة الاستقلال ومن العاملين في مراكز الرّهبانيّة التّربويّة والصّحّيّة وأبناء الرّعايا الّتي يخدمها الرّهبان الأنطونيّون.  

وخدمت القدّاس جوقة الجامعة الأنطونيّة بقيادة المايسترو الأب توفيق معتوق.

وبحسب إعلام الرّهبانيّة، ألقت الرّئيس العامّ لجمعيّة الرّاهبات الأنطونيّات الأمّ نزها الخوري كلمة المقدّمة في القدّاس الإلهيّ، جاء فيها:  

"عيدُ مار أنطونيوس الكبير هذه السّنة، بحضورِكم، يا أصحابَ السّيادة، ويا قدسَ الآباء العامّين الحاليّين والسّابقين، والرّئيساتِ العامّاتِ الحاليّات والسّابقات، والمدّبرين العّامين والمدبّرات العامّات، وإخوتي الرّهبان وأخواتي الرّاهبات، وكلِّ الحضور من الاصدقاء، ومن العائلة الأنطونيّة الكبيرة، هو وقفةٌ روحيّة بامتياز، مكلّلةٌ بنكهةِ الرّجاء، ومعطّرة برائحة الصّلاةِ والجهاد والسّهر والخدمة، ومشعّة بقداسةِ شبّان وشابّات كرّسوا حياتَهم لخدمة الرّبّ منذ ثلاثة قرون ونيّف. إنّه يوبيلُ الثّلاثماية والخمسِ والعشرين سنة على تأسيس الرّهبانيّة الأنطونيّة المارونيّة. وتجيء هذه الذّكرى المَهيبة في إطار ثلاثةِ أحداث مهمّة على صعيد الكنيسة الجامعة وهي: السّنةُ اليوبيليّة المقدسّة الّتي أعلنَها البابا فرنسيس تحت عنوان: "حجّاج الرّجاء"، واصدارُ الوثيقة النّهائية لسينودس الأساقفة السّادس عشر حول السّينودسيّة، ونشرُ الإرشاد الرّسوليّ الأخير "لقد أحبّنا".

فأهلًا وسهلاً بكم وبكنّ، وشكرًا على تلبيتِكم دعوتَنا للمشاركة في هذه المناسبة الرّوحيّة.  

Votre Excellence, Monseigneur Paolo Borgia,

Vous êtes le bienvenu parmi nous, pour la Messe d’Ouverture du Jubilé des 325 ans de la Fondation de l’Ordre des Moines et des Moniales Antonins de Saint Isaïe. Votre présence nous honore et renforce nos liens avec l’Eglise universelle, en cette Année Sainte, sous le titre «Pèlerins de l’Espérance». Nous vous demandons de bien vouloir transmettre nos meilleures salutations à sa Sainteté le Pape François et lui confirmer notre filiation. Nous le remercions pour ses prières pour le Liban et pour son Eglise. Puisse le Seigneur l’exaucer et nous bénir dans notre parcours jubilaire.

أيّها الحضور الكرام،

في كلمتي، سأعطي لمحةً موجزة جدًّا عن تاريخ تأسيسِ رهبانيّتنا، وقدس الأباتي جوزف أبو رعد يهتمّ بالباقي.

خمسُ سنوات بعد تأسيس الرّهبانيّة الحلبيّة اللّبنانيّة في دير القدّيس أليشاع في شمال لبنان، نشأت رهبانيّةٌ جديدة انبثقت من دير طاميش، بهمّة المطران جبرايل البلوزاني، وأبصرت النّور على قمّة عرنته الفتّانة في برمّانا، حيث قام الدّير الجديد على أنقاض دير قديم تحت اسم "رهبانيّة مار اشعيا"، تيمّنًا بشفيعها، القدّيس أشعيا الرّاهب الحلبيّ.

وتخطّيًا للصّعوبات الّتي اعترضت البناء، وضع الأسقفُ الحكيم المشروع تحت حماية الأمير عبدالله قَيدَبيه أبي اللّمع الدّرزيّ الشّهم. فشُيّدت الكنيسةُ مع معبدٍ لمار يوسف إلى جانبها، واحتفل الأسقفُ المؤسّس بالقدّاس الأوّل فيها، في 15 آب سنة 1700 ، واضعًا الدّير والرّهبنة الوليدة تحت حماية العذراء مريم، سلطانة الرّسل، في عيد انتقالها المجيد.

لقد نما هذا الدّير بسرعة، ليضمّ رهبانًا فاضلين مشهودًا لهم بروح القداسةِ والتّقوى، وراحوا بغيرة الرّعاة المؤمنين، يؤسّسون أديارًا أخرى وأناطش. وجاء كلامُ القاصد الرّسوليّ العلّامة يوسف السّمعاني، الموفد من قبل البابا أكليمنضوس الثّاني عشر عام 1735 شهادةً حيّة ودافعًا لتثبيت قصدِ المؤسّس وخطى الرّهبان في مسيرتهم. قال: "بعدَ أن تفحَّصنا أمورَ الأديار وجدنا، والحمدُ لله، رهبانَكم محافظين على الحياة النّسكيّة ونافعين القريب بنصائحهم ومثلهم ومحافظين على القوانين البيعيّة." وفي 17 كانون الثّاني سنة 1740 أثبت البابا أكليمنضوس الثّاني عشر قانون وفرائض رهبنة القدّيس أنطونيوس من مجمع مار أشعيا بقوّة البراءة الّتي بدؤها: Pater"   "Misericordiarum    

عابدات وقفن أنفسهن للتّعبّد والإصغاء لكلمة الله والخدمة، عُرفن براهبات مار أنطونيوس لمجمع مار أشعيا يعشن في أديار مخصّصة لهّن مثل مار الياس غزير 1665، والسّيّدة بكركي 1720، ومار أنطونيوس بعبدا 1745. وكانت أخرى مزدوجة بين المتوحّدات والرّهبان أمثال دير سيّدة طاميش 1673، ودير مار سمعان- عين القبو 1756، ودير مار بطرس وبولس في القطّين 1760.

وأهمُّ ما أقدمت عليه الرّهبانيّة هو إنشاء مؤسّسة للرّاهبات، تتبع نظام رهبان مار اشعيا وقوانينهم. لكن هؤلاء الرّاهبات يَدِرنَ أديارَهن بذاتهنّ بإشرافِ المجمع العامّ والرّئيس العامّ. وقد أوحت الطّلباتُ فكرةَ التّأسيس، في منتصف القرن الثّامن عشر، حتّى أخلى الرّهبان دير مار الياس في غزير عام 1748 من الدّارسين فيه، لتخصيصِه لقبول المُتجنّدات الجديدات لخدمة المسيح. وعند نجاح هذه التّجربة أسّس الرّئيسُ العامُّ توما مدلج، دير مار أنطونيوس البادوانيّ في جزّين ووضعَ فيه الرّاهبات اللّواتي كنّ في ديرَي مار بطرس وبولس في القطّين، ومار أنطونيوس في بعبدا. وفي دير السّيّدة في بكركي (الّذي كانت تقطنه راهبات أنطونيّات قبل أن تشتريه الرّاهبة هنديّة).

وأكملت الرّهبانيّة نموّها تحت نظر الرّبّ في الخدمةِ والقداسة، وانتشرت أديارُها في المناطق اللّبنانيّة كافةً، حتّى أصبحَ الرُّهبان يؤمنون خدمةَ المؤمنين في خمسةِ وثلاثين ديرًا وأنطوشًا في القرن التّاسع عشر، نظرًا لحاجة الكنيسة الملحّة إلى كهنة يقومون بالقدّاس والرّتب الكنسيّة والوعظ. والجديرُ ذكرُه انّ عددًا من الرّهبان خاطرَ بحياته لهداية الأمراء اللّبنانيّين إلى الإيمان الكاثوليكيّ ومنهم أمراء أبي اللّمع في برمّانا وقرنايل وبيت مري وتعهّدوا بالخدمة الرّوحيّة في شملان وبيت الدّين وبيروت وضواحيها للأمراء الشّهابيّين المتنصِّرين، عوضًا عن غيرتهم في صدّ التّوسّع البروتستانتيّ في القرن التّاسع عشر. وقد اشتهر الرّهبانُ الأنطونيّون بالوعظ وأعمال الرّحمة والإحسان والطّبّ وبالتّربية والموسيقى وبالأعمال الاجتماعيّة. وكان رئيس الدّير، في وقت واحد، خادمًا وقاضيًا ورئيسًا زمنيًّا ومختارًا.

ولكنّ روحُ الشّرّ تتربّصُ بمحبّي الرّبّ. فكلّما عصفت الحرب والثّورات في البلد قدّم أبناء الكنيسة ومنهم رهبان وراهبات مار أنطونيوس، دمهم على مذابح الرّبّ. لقد طُردوا من أديارِهم فنُهِبَت وأُحرقَت. وتعرّضوا للجوع والمرض، وكان نصيبُ قسمٍ كبير منهم  الموت أو التّكسير بدءًا بحوادث 1840 في جزّين وما تبعها. وزمنُنا اليوم شاهدٌ في دير القلعة مع الرّهبان وفي كفرشيما مع الرّاهبات.  فهذا الجوق الكريم المضحّى بهم أمام عرش الحمل، أتى على الرّهبانيّة وعلى البلد بأغزر البركات.

وفي عام 1932 ساعد الرّهبان أخواتِهم الرّاهبات للانتقال من حصن دير مار أنطونيوس- جزّين إلى دير مار ضومط- رومية المتن، الّذي عُيّن مقرًّا للمبتدئات وُجعل قسمٌ منه مدرسةً للفتيات. وكانت الشّرارةُ الأولى لانفتاح الرّاهبات الأنطونيّات المحصّنات على الرّسالة، تلبيةً لحاجات اللّبنانيّين بعد الحرب العالميّة الأولى، ولرغبتهنّ بالمساهمة في رسالة تطوير العائلة اللّبنانيّة من خلال تثقيف الفتيات.  وفي سنة 1940 بموافقة المجمع المقدّس بدأت الرّاهبات بأعمال الرّسالة خارج الدّير. وفي 17 كانون الثّاني سنة 1958، ثبّت البابا بيوس الثّاني عشر رسوم جمعيّة راهبات القدّيس اشعيا الّتي قدّمتها الرّئيسة العامّة وفق الإرادة الرّسوليّة الّتي بدؤها: Postquam Apostolicis Litteris

وما تأخّرت الحرب العالميّة الثّانية، والثّورات، والحروب أن عصفت من جديد في لبنان وفي المنطقة. لكنّها جاءت لتثبّت قناعةَ الرّهبانيّة أنّها وُلدت في هذا الشّرق لتبقى فيه إلى جانب المؤمنين ضمن إطار الكنيسة البطريركيّة الأنطاكيّة المارونيّة المحلّيّة، الّتي عينُها على المؤمنين في نطاقها كما في العالم. ولم تتوانَ الرّهبانيّة، عندما دعت الحاجة، من أن تلتحقَ بالمؤمنين المنتشرين في أنحاء العالم، محافِظةً على إيمانهم ضمن كنيستهم الأمّ الّتي لا تميّز بين أبنائها حيثما وُجدوا. فرهبانيّتُنا تسير تحت نظر الرّبّ يسوع وبمعيّته منذ نشأتها، كما سائر الرّهبانيّات والكنيسة في لبنان. إنّ يدَ الرّبّ معنا، نقعُ ثمّ ننهض. ويبقى الرّبّ، المؤسّسُ والباني، رجاءنا، ويبقى إيمانُنا متجذّرًا، لا يتزعزع. نحن لن نخافَ ولن نقلق مهما ازدادت التّحدّيات. نعملُ ما يُلهمُنا به الرّبّ، فهو سيّد التّاريخ وقادرٌ أن يغيّر مجراه.

نطلبُ شفاعة كلّ الآباء والأخوات، من رهبان وراهبات، غادرونا إلى بيت الآب. ونشكرُهم لأنّهم شقّوا لنا الطّريق في التّأسيس والانتشار. نعاهدُهم ونعهدُهنّ بأنّنا سنبقى أمينين وأمينات للرّسالة الّتي أوكلونا بها، في مسيرة فجرٍ جديد، يلوح في أفق هذا الوطن الجريح. وعلى الرّبّ الاتّكال.

أعزّائي، احتفالُنا اليوم تعبيرٌ عن امتناننا للرّبّ مدى هذه السّنين، إنّه الخطوة الأولى في انطلاقة السّنة اليوبيليّة الـ325، وستتبعها محطّاتٌ أخرى في مجالاتٍ متعدّدة، وأماكنَ أخرى يُعلن عنها في وقتها.  

وأخيرًا باسم الرّهبانيّة الأنطونيّة بفرعيها أكرّرُ التّرحيب بكم وبكنّ جميعًا وأشكر الأب العامّ الأباتي جوزف بو رعد الّذي شرّفني بإلقاء هذه المقدّمة وأن أجولَ في تاريخ رهبانيّتنا القديم لأتعرّف عليه أكثر. وأشكرُ إخوتَنا الرّهبان الّذين لم يوفّروا ذاتَهم من أجل تقدّمهم وتقدّم أخواتِهم الرّاهبات، اللّواتي بخفاء المحصّنات عملنَ لتأمين ما يلزم لحياة أنطونيّة- عائليّة روحيّة، بروح التّعاون والأخوّة. ولتبقى أمُّنا العذراء مريم، أمُّ الكنيسة وسيّدةُ قنّوبين تظلّلُنا، ومار أنطونيوس يثبّتُنا في جهادنا، ومار أشعيا يُلهمُنا حاجاتِ شعبنا."

بعدها ألقى الأب العامّ عظةً قال فيها:  

"نجتمعُ اليومَ لنحتفلَ، لنفرحَ، بل لنعيّدَ وعيدُنا مثلّثُ العناوين. ثلاثةٌ هي أسبابُ سرورِنا وهي متشابكة. الأوّلُ هو أنطونيوسُ أبو الرُّهبانِ، الّذي نُحيى ذِكراهُ اليومَ كعائلةٍ أنطونيّةٍ ملتئمةٍ وواحدة مع كلِّ المكرّسينَ وكلِّ من جَذبهُ مثالُ كوكبِ الصّحراء. والثّاني هو يوبيلُ الكنيسةِ الجامعةِ الّذي دعانا فيهِ قداسةُ البابا لنكونَ "حجّاجَ رجاءٍ"، على مثالِ أنطونيوسَ صاحبِ الذّكرى. والثّالثُ هو يوبيلُ رهبانيّتنا الثّلاثَمائةِ وخمسِ وعشرينَ الّذي تَداعينا فيهِ لنكونَ "فرحينَ في الرّجاء".

ومثلّثةٌ هي كلمةُ اللهِ لنا بأصواتِ أشعيا النّبيِّ ومرقسَ الإنجيليّ والرّسولِ بولس.

يَنقلُ لنا النّبيُّ دعوةً إلهيّةً ملحّةً ومباشرة: "هَلمّوا": يا عِطاشُ إلى الماءِ ويا جياعُ إلى الخبزِ. عِندَهُ الضّروريُّ للحياةِ ويوزّعُهُ مجَّانًا. عندهُ الحياةُ ويَهبُها بسخاءٍ وبِكثرةٍ، لطالِبِها. وعِندهُ أكثَر. عندهُ النّشوةُ والمُتعةُ، خمرٌ وأطيابٌ "تتلذّذُ بها النّفوس". هي دعوةٌ للدّخولِ إلى فرحِ السّيّد. واحدةً يسأل: "أَميلوا آذانَكم وهَلُمُّوا إِلَيَّ إِسمَعوا فتَحْيا نفوسُكم". مُناهُ أن نُلبّي دَعوتَهُ. بحسرةٍ يَحُضُّنا النّبيُّ للتّنعُّمِ بقُربِهِ: "إلتمسوهُ ما دامَ يوجَد، أُدعُوهُ ما دامَ قريبًا". كيفَ لنا أن نَرفُضَ دعوةً كهذِه؟ يُجيبُنا هو بسؤالٍ بل بتساؤلٍ: "لِمَاذا تَزِنونَ فِضَّةً لِما لَيسَ بِخُبْز وتَتعَبونَ بما لاشِبَعَ فيه؟" لوَسوَسةٍ من الشّرّيرِ نُشكّكُ بقَصدِ الله، نُفضِّلُ امتلاكَ الفضّةِ وشراءَ سعادَتنا ... في بلدٍ بعيد. فالفضّةُ تُوهِمنا بالقدرةِ والعظمةِ وينتهي بنا المطافُ مثلَ آبائنا في الصّحراءِ، بتحويلِها الى صنمٍ نَعبُدهُ ونضحّي لهُ ومن أجلِهِ. ما أصعبَ الجريَ إليهِ بيدينِ فارغتَينِ، ما أصعبَ أن نُقرَّ بحقيقتِنا الهزيلةِ، بآدميَّتِنا، "فيَرحَمَنا ويُكثِرُ العَفْوَ لنا"! نَعلَمُ أنّ رِضاهُ أطيَبُ من الحياة. إلاَّ أنَّ ما هو أصعبُ علينا من تَركِ الفِضّةِ وباقي الضّماناتِ هو تغييرُ طُرقِنا، وعاداتِنا وأنماطِ حياتِنا، وتبديلُ أفكارِنا وذُهنيَّاتِنا. نعم إنَّ أفكارَه ليست افكارَنا وطرقَه ليست طرقُنا. وما تمسُّكُنا بما نحنُ عليهِ إلّا حكمٌ على أنفُسِنا بالتّخبّطِ والضّياعِ والغُربةِ عن السّعادة. في آخرِ الأمرِ يحثُّنا كلامُ أشعيا لنخلعَ عنّا حُلّةَ الشّابِّ الغنيِّ الحزين ونلبَسَ ثوبَ الشّابِّ الغنيِّ الآخرَ، أنطونيوس، فنترُكُ ما نملِكُ ونسيرَ خلفَه في البراري وفي كلِّ مكان.

وبالحديثِ عن الشّابِّ الغنيِّ، يَنقِلُ لنا الإنجيليُّ مَرقُسُ حِوارَ الرّبّ مع تلميذِهِ بطرس، حِوارًا يَعقِبُ مباشرةً حوارَهُ العقيمَ مع الشّابّ. دعوةٌ أُجهِضت إزاءَ دعوةٍ وُلِدت وشَبّت وأينعت. عادَ الشّابُّ طالبُ السّعادةِ حزينًا مكسوفًا لإنَّه خافَ أن يُسلِّمَ مالَهُ للمحتاجينَ ويُسلِّم أَمرَهُ ليسوع. حَزِنَ وأحزَنَ يسوعَ معهُ. عَزّاهُ بطرسَ بكلامهِ "ها نحنُ قد تَركنا كُلَّ شيءٍ وتَبِعناك". فالتفتَ يسوعَ إلى رأسِ الرُّسلِ وبيّنَ لهُ صوابَ خِيارِهِ. أعادَ على مَسمَعهِ القاعدةَ الذّهبيّةَ الّتي نادى بها الرّبُ في أشعيا: أترُك كلَّ شيءٍ تعطى كلَّ شيءٍ... أضعافًا. إنّ من يَتخلَّى عَن عائِلتهِ وبابَ رزقهِ من أجلِ الرّبِّ والبشارةِ بهِ، تُفتَحُ لهُ أبوابُ السّعادةِ الأبديّةِ، في هذهِ الدُّنيا مع اضطهاداتٍ وفي الآخرةِ بدونها. والإضطهاداتُ هُنا هي الّتي تُعطي للسّعادةِ قيمتَها وتَسمحُ بتجذُّرِها في أرضِ الواقعِ وتثمِّنُ جَهدَ المدعوِّ ونضالَهُ. هي سعادةٌ مُرَبّيةٌ، تكبّرُ وتنمّي وتُشجّعُ على عَدم التّراخي في السّير نحو الآب. هو مَنطِقُ الخِصبِ والبركةِ الّذي يلاقي فيهِ اللهُ جَهدَ الإِنسانِ بفيضٍ من مواهِبِه، فيجعَلُ من أبي المؤمنينَ إبراهيمَ الّذي تَركَ بيتَهُ وعشيرتَه أمّةً كبيرة... ولو بعدَ أجيال.

وأخيرًا يَصرخُ الرّسولُ "كونوا فَرحينَ في الرَّجاء". فنُجيبُ "فَرِحونَ نحنُ في الرّجاءِ". إنّه شعارُنا ورغبتُنا ومسعَانا. يُلاقي بولسَ قولَ الرّبِّ عن الاضطهاداتِ بكلامِهِ عن الصّبرِ والثّباتِ سبيلًا للفرح. إلّا أنّ مُفتاحَ الفرحِ والسّلامِ في قلبِ الجماعةِ إنّما هو التّواضعُ. "ميلوا إِلى الوَضيعِ، لا تَطمَعوا في المعالي، تَنافَسوا في إِكرامِ بَعضِكُم لِبَعض". ولكنَّ التّواضعَ ليس فعلًا وإنَّما هوَ موقفٌ مِنَ الذّاتِ ومن الآخرينَ يُعبّرُ عن نفسِهِ بأفعالٍ. والموقفُ هذا يَنبعُ من وعيِ كلٍّ منَّا لوَضاعَتِهِ الّتي يَستحيلُ التّسليمَ بها إلّا في وقوفِنا أمامَ الله، اللهِ الرّحومِ الحنونِ الصّبور. هكذا فانّ مواظَبتَنا على الصّلاةِ هي ضمانةُ قبولِنا بِوَضاعَتِنا وبوضاعةِ الآخرينَ وإكرامِهِم. والصّلاةُ، بهذا المعنى، هي سبيلُ كلٍّ منّا إلى المحبّةِ المسيحيّةِ وسبيلُ جماعاتِنا إلى الوَحدةِ والتّعاضُد.

أمَّا يوبيلُنا فيُقرأُ من عُنوانِهِ. "فَرحونَ في الرّجاء". هوَ في آنٍ جوابٌ على دعوةِ الرّسولِ بولس وترجيعٌ لصدى دعوةِ خليفَةِ بُطرس لنا لنكونَ "حجّاجَ رجاء". أردنَاهُ فَرعًا من يوبيلِ الكنيسةِ العامّ وهو كذلك. فرهبانيّتُنا وُلدَت أساسًا في سنةٍ يوبيليّةٍ فَكتَبَ علينَا المؤسِّسونَ ألّا يكونَ لنا يوبيلٌ خارجَ يوبيلِ الكنيسة. وفي يوبيلِ الكنيسةِ هذا المطبوعِ بختمِ الرّجاءِ اخترنَا التّسطيرَ على الفرحِ، علامةِ الرّجاءِ والحياةِ والبركة. فنحن حُجّاجُ الرّجاءِ وفَرحونَ فيهَ.

يوبيلُنا نريده أشبَهَ باحتفالِ كلٍّ منّا بعيدِ ميلادِه. ومَوقفُ كلٍّ منّا من ذكرى مِيلادِهِ هو نَفسُه موقِفُه من حياتِهِ. فأوَّلُ كلامِ ايّوبَ البارّ الغارقِ في الشّقاءِ حدِّ اشتهاءِ الموت كان "بلعنِه يومَه". ولَعنُ يومِهِ كان بلَعنِ يومِ ولادَتِهِ: "لا كانَ نَهارٌ وُلِدتُ فيه ولا لَيلٌ قالَ: قد حُبِلَ بِرَجُل". يلعَنُ أوّلَ يومٍ من حياتِه ليلعنَ حياتَهُ من أَوَّلِها، من أَساسِها. هو بكرُ الأيّامِ، الخطوةُ الأولى الّتي تحدِّدُ مسيرةَ الإنسانِ في هذه الحياة.

لسانُ حالِنا في ذِكرى يومِنا الأوّلِ وكلّ الأيّامِ ليسَ أيّوبَ وإنّما مريم. مع مريمَ الّتي وُلِدنَا يومَ ولادَتِها إلى السّماءِ في الرّابعَ عَشَرَ من آب ألفٍ وسبعمائة، تعظِّمُ نفوسُنا الرّبَّ وتبتهجُ وتُنشِدُ بل وتَقبَلُ التّمجيدَ والحمدَ من الأجيالِ. نَقبَلُها من بابِ التّواضُعِ الّذي دعانا بولسُ لعبورِه إلى البركةِ. نعظِّمُ الرّبَّ لإنّه نَظرَ إلى وضاعَتِنا وصَنعَ بِنا عظائم. نَشهَدُ أنه حَقّق وعدَه لبُطرسَ ولنا فأَعطانَا عِوَضَ ما تَركنَا أضعافًا أضعافَ... مع اضطهادات. نُمجِّدُهُ ونَقبَلُ تَمجيدَ الأجيالِ لِمعاينتِنا عِنايتَه برُهبانيّتِنا ولإقرارِنا العميقِ بأنّ الخيرَ الّذي نَحنُ عليهِ إنّما هوَ نعمةٌ مِنهُ. فَرَحُنا بماضينا، بمن سَبَقونا في الرّهبانيّةِ، ليسَ تمجيدًا لأنًا جماعيٍّ متوهِّمٍ (للأنا الجماعيَّ المتوهِّمِ)، تمجيدًا يُغذّي فينا الكبرياء، الّذي هو أفظَعُ الرّذائل، فننتَفِخ بَدلَ أَن نَكبُرَ ونَتخاصَمَ بدلَ أن نتحابَّ.

نريدُهُ يوبيلًا للفرحِ والرّجاءِ مع الكنيسةِ الّتي لا فرحَ لنا بدونِها ولا رجاءَ خارِجَهَا.

نريدُهُ وِقفةً للنّظرِ إلى حالِنا من عَلو، إلى حياتِنا كُلِّها، بماضيها وحاضرها ومستقبلها. نريدُهُ صعودًا إلى الجبلِ حيثُ نَرتَفعُ عن يوميّاتِنا مِن دونِ أن نَخرُج منها، فنَرتَفعُ عَنها لنَرفَعَها.

نريدُهُ محطّةً للنّظر أوّلًا إلى الماضي وهو أساسًا يُحدَّد بعدد السّنينِ الّتي مضت. نُريدُ أن نُمعِنَ النّظرَ إلى ماضينا بتجرّدٍ وبجرأةٍ وبثقة. نُريدُهُ محطّةً لفلفشةِ أوراقِ من سَقَنَا المطويّةِ المنسيّةِ وقراءتِها بتروٍّ وسلام.

عينُنا على عنايةِ الرّبِّ وهذهِ لا تتجلّى إلّاَ في ماضينا كما هوَ لا في ذاكَ المتخيّلِ المـُجمَّلِ المصطَنَع. هي أساسُ رجائِنا الثّابتِ اليومَ وغدًا. عينُنا على النِّعمةِ الإلهيّةِ الّتي "تسدُّ عَوَزَنا وتَشفي مَرَضَنا وتُضمِّدُ جروحاتِنا وتَغفِرُ ذنوبَنا" (صلاة وضع اليد في رتبة الكهنوت).

مرّت رهبانيّتُنا بقممٍ عاليةٍ وأوديةِ ظلال الموت كادَت فيها أن تَضلَّ الطّريقَ وتندثر. في تاريخنا ما يُفتخَرُ به وما يُخجَلُ منه أيضًا. لأجلها كُلِّها نشكُرُ اليوم َالله. فبُلوغُ القِمَمِ يُشجِّعُنا لبلوغِ قممٍ أعلى. أمّا نراهُ اليوم َوضيعًا يَدفَعُنا لنَشكُرَ اللهَ على مَا نحنُ عليهِ وعلى كُلِّ مَن ضَحّى ليكونَ واقِعُنا أفضلَ من واقِعِه، شأنَ الآباءِ والأمّهاتِ مع أبنائِهِم.

عَرفَ أسلافُنَا كَيفَ يُجيبونَ على حَاجَاتِ كنيسةِ عصرِهم فدَامَت الرّهبانيّةُ ونَمَت. أحسَنوا التَّكيّفَ مع زَمنِهم مِن دونَ ان يَغفَلوا عن النّصيبِ الأفضل، عن غايةِ تكرُّسهِم ألاَ وهو التَّتلمذُ للرّبِّ يسوع والتماسُ وجههِ في كلِّ زمانٍ ومكان. نَقفُ لنَسألَ ونتخشّعَ: كيف استطاعوا بِتواضعِ إمكاناتِهم وقساوةِ الحياةِ في زَمَنهِم أن يَتخطّوا تحدّياتٍ وأزماتٍ داخليّةً وخارجيّةً قاسيةً ويستمرّوا؟

واقِعُنا لا يُشبِهُ ماضينَا. فالحياةُ لا تُقيمُ في منازلِ الأمس. لكِنّها إبنةُ الأمسِ وهي تَتحرّكُ اليومَ بحسبِ نظرتها إلى الغدِ.

ننظُرُ إلى ماضينَا وإلى إِرثِ رهبانِنا وراهباتِنا لنُكمِّلَ ما نَقُصَ فيهِ ولِنَستَمدَّ مِنهُ العزيمةَ لنخوضَ صراعَنا اليومَ بصلابَةِ من تغلّبَت سَفينَتُهُ على أَمواجٍ أعلى وأعتى.

نَقِفُ لا لنتوقَّفَ وإنّما لالتقاطِ الأنفاسِ، "تا ناخد نفس"، لنَنتَعِش، "تا ناخد روح"، لنَقومَ بِزَخمٍ أكبَرَ الى واجِباتِنا الرُهبانيّةِ ونَبُثَّ هذا الزَّخمَ مِن حَولِنا.

أُسوةً بالكنيسةِ، يوبيلُنا نُريدُهُ سنةَ رضىً إلهيٍّ عَلينَا. وَحدَهُ هذا الرِّضى يَسمَحُ لنَا أن نَفرحَ بفرحٍ يدومُ ويتمدَّد. وسَبيلُنا إلى الرِّضى الإلهيِّ، كما أفادَنَا أشعيا هو التّوبةُ. أساسُها الإقرَارُ بِضُعفِنَا بِشفافيّةٍ وتَواضُعٍ وجُرأة. وهي مناسبةٌ لننهضَ لتغييرِ ما أفسَدَتهُ الأيّامُ في عيشِنا الرُهبانيِّ وتَشذِيبِ ما تَسلَّلَ إليهِ لضُعفِ طَبعِنا ولكَثرةِ التّغييراتِ الّتي طرأت على عَالَمِنا. هي محاولةٌ صادقةٌ لدَوزنةِ أفكارِنا على أفكارِ الله.

نَفرَحُ وفَرَحُنا ثمرةُ المصالحةِ. نُريدُها مُصالحةً شَاملةً كَاملة في زَمَنِ الغُفراناتِ الكامِلة. نُريدُها مُصالحةً على امتدادِ أديارِنا وصوامِعِنا ورَعايانا ومَدارِسَنا ومَياتِمنا ومِراكزِنا الصِّحّيّةِ ومآوينا في لبنان وسوريا وبلادِ انتشار أبناءِ كنائِسنا الشّرقيّة كُلِّها.

نُريدها مصالحةً مع اللهِ بالتّوبةِ إليهِ.

مصالحةً مع الذّات، مع هَويّتِنا، مع قوانِينِنا وَرُسومِنا، معَ دَعوتِنا المقدّسةِ إلى اتِّباعِ المسيحِ المطيعِ العفيفِ الفقير.

مصالحةً مع بعضِنا بعضًا، رهبانًا وراهباتٍ، على أساسِ التَّواضُعِ وإكرامِ الآخَر.

مصالحةً مع الكنيسةِ على أساسِ الانخراطِ الكاملِ والصّادقِ في رسالَتِها والإِصغاءِ المحبِّ لتَعليمِ رُعاتِها.

مصالحةً مع إخوتِنا واخواتِنا الـمُكرَّسينَ والـمُكرَّساتِ على أساس تَقديمِ خَيرِ الكَنيسةِ على خَيرِ كُل جماعةٍ من جماعاتِنا.

مصالحةً مع شرُكائِنا ومُعاونِينا في الرِّسالةِ، في مُؤسَّساتِنا كُلِّها على أَساسَ الاحتِرامِ والصِّدقِ والعدالةِ.

مصالحةً مع إخوتنا الـمَسيحيِّينَ من أبناءِ الكنائسِ الأُخرى على أساسِ رَغبةِ الربِّّ المُلِحَّةِ لوَحدَتِنا في الشّهادةِ لحُبِّهِ لنا جميعًا،

مصالحةً مع شُركائِنا في الوطنِ على أساسِ المحبّةِ ونَبذِ الأَفكارِ المُسبَقَةِ والتَّعميمَاتِ القاتلةِ والشَّراكةِ في المصيرِ الواحدِ والشَّهادةِ لحبِّ الرّبّ لهم.

مصالحةً مع مُجتمعِنا بالتِزامِنا بواجِباتِنا كاملةً تُجاهَ الدّولةِ ونِضَالِنا لبَنائِها على أساسِ العدالةِ والمساواةِ وخصوصًا بعدَ أن عادت الحياةُ تَنبضُ في مفاصِلِها بانتخابِ رئيسٍ أزكى بعهودِهِ الثِّقَةَ بِقيامِها وعودتها لِتَأدِيةِ دورِها، حاضنةً لكُلِّ مُواطِنيها.

مصالحةً مع البيئةِ، مع الأرضِ على أساسِ احترامِها والمحافَظَةِ عَليها لِتَكونَ بيتَنا الـمُشترك.

فَرحونَ نحنُ في الرّجاءِ، فَرحونَ على رَجاءِ التّوبةِ والمصالحةِ والرّضى الإلهيّ".

وفي النّهاية تمّ إطلاق شعار سنة اليوبيل وشرح أمين السّرّ العامّ الأب الياس شماطه المعاني الّتي تضمّنها هذا الشّعار قائلًا:

يتوافق شعار يوبيل الرّهبانيّة مع يوبيل الكنيسة من حيث العنوان والألوان.

العنوان

الأنطونيّون في يوبيلهم "فرحون في الرّجاء". هم الّذين يتلقّفون دعوة الرّسول بولس إلى أهل روما (روم ١٢: ١٢ "كونوا فرحين في الرّجاء...") ودعوة قداسة البابا الى المؤمنين "حجّاج رجاء"، فيحتفلون بذكرى ولادة رهبانيّتهم بفرح ورجاء.

الألوان  

مستوحاة من يوبيل الكنيسة الجامعة. ألوان متعدّدة وفرحة. تبدأ باللّون التّرابيّ الّذي يدلّ على تجذّر الرّهبانيّة في الأرض وتنتهي بالأزرق اللّون الأنطونيّ بامتياز. وبين لون ولون وحدة في التّنوّع، في الخدمة والرّسالة، من جيل إلى جيل ومن بلدٍ إلى آخر.

الشّكل العامّ

تكتمل معالم الدّعوة بمجسّم يحيي رونق لحظة التّأسيس الأولى. شكله بيضاويّ وغير مكتمل كالرّحم الّذي تكوّنت في أحشائه الرّهبانيّة، ومنه خرجت. دوائر غير مغلقة مفتوحة على آفاق واسعة وآمالٍ لا محدودة ركيزتها أصالة تمتدّ على ٣٢٥ سنة من العيش الرّهبانيّ الأصيل.

المجسّم

يعكسُ ماضي رؤيتنا ويستشرفُ مستقبلنا. بين تاو الرّهبانيّة وقبّة "الدّير الأمّ"، دير مار أشعيا، هويّة واحدة. نوافذه تشعّ نورًا، تطلّ على العالم من علو وتنغلق لتنفتح على الله والعيش في حضرته، في الخفاء. في حناياه يولد كلّ أنطونيّ ويترعرع، ومنه يخرج إلى أديرة الرّهبانيّة اللّاحقة ورسالاتها على مساحات الوطن وبلاد الانتشار.

الشّكرُ أخيرًا للرّبّ القدير على نعمه وعطاياه الغزيرة، وعلى سنة اليوبيل هذه الّتي نرجوها وقفة تأمّل ورجوع إلى الذّات وإلى الخالق، وسنة اتّكال مُطلق على الرّبّ وعلى بركته. وليعطنا بشفاعة مار أنطونيوس ومار اشعيا ومار الياس من فيض حنانه كي نثمرَ دومًا الصّالحات ونكون كهنةً ورهبانًا وراهباتٍ قدّيسين محبّين للمسيح والكنيسة...

مبروك للكنيسة."