الأرشمندريت يعقوب: ما أحوجنا في هذه الأيّام إلى حضور الله في حياتنا
وفي نهاية الصّلاة ألقى الأرشمندريت جورج يعقوب كلمةً جاء فيها بحسب إعلام البلمند:
"نجتمع اليوم في هذا الموسم المبارك، في مسيرة الصّوم الأربعينيّ المقدّس، في هذا الدّير الشّريف، دير سيّدة البلمند البطريركيّ، الّذي يتربّع على هذه التّلّة المباركة ويتوسّط المؤسّسات التّربويّة البلمنديّة، لكي نرفع الصّلاة بقلب واحد وفكر واحد إلى الرّبّ القدّوس من أجل طلّابنا وجميع العاملين في جامعة البلمند.
نجتمع وفي اجتماعنا بركة ونعمة لأنّ فيه حضور لله. فالرّبّ يقول في الإنجيل: حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم" (مت18: 20). وما أحوجنا في هذه الأيّام الى حضوره في حياتنا وإلى فهم أهمّيّة ذلك على الصّعيدين الفرديّ والجماعيّ. فالإنسان للأسف يعتقد أنّ الله بعيد عنه، أو أنّه فكرة، وقد يعتقد أنّ الكلام عن الله هو أفكار فلسفيّة أو نسج من الخيال. ولكن على العكس إذا ما رجع الإنسان الى ذاته واكتشفها وغاص في أعماقها وفهم ذاته لا يستطيع إلّا أن يكتشف ويعرف أنّ الله في داخله. فالرّبّ يقول "ملكوت الله في داخلكم" (لو17: 21). ومعرفة الله الكاملة لا تتحقّق إلّا بمصالحة الإنسان مع نفسه ومع الآخر على أساس المحبّة "ومن لا يحبّ لم يعرف الله، لأنّ الله محبّة" (1 يو 4: 8).
اليوم وفي هذه الأيّام المباركة حيث جوّ الصّيام يعمّ البلاد بأسرها، والجميع يصوم من المسيحيّين والمسلمين، ليس خوفًا من الله بل ذبيحة شكران وتسبيح للإله الّذي أحبّنا أوّلًا وتعبيرًا عن اشتراك الجسد والرّوح في العبادة، نصلّي أن يكون هذا الصّوم المترافق مع الصّلاة الحارّة مقبولًا لدى الله من الجميع ونطلب منه أن يقبل طلباتنا وصلاتنا الّتي نرفعها اليوم ويبارك حياتنا ويوفّقنا جميعًا لكي نكون خير شهود لحضوره في حياتنا وفي حياة إخوتنا في الإنسانيّة والمجتمع.
وهنا لا يمكنني إلّا أن أنوّه وأشارككم فرحتي في مشهد مؤثّر تتميّز به جامعة البلمند عن باقي الجامعات ويعطيها الرّيادة والأوّليّة على سواها وهو مشهد طلّابنا وموظّفينا الّذي يؤمّون كنيسة هذا الدّير الشّريف كلّ يوم صباحًا باكرًا للدّعاء والصّلاة وأخذ بركة سيّدة البلمند من جميع الطّوائف. هذا المشهد يعزّي ويشدّد، هو بارقة أمل وسط ما يشهده العالم من اضطرابات وحروب على جميع الأصعدة وخاصّة تلك الّتي تحاول أن تبعد الإنسان عن الله وتعرّيه من إنسانيّته تحت مسمّى الحرّيّة والانفتاح. كونوا على ثقة أنّ السّيّدة لن تترككم وستكون مرافقة لكم وستنير دربكم بنور كلّ شمعة أضأتموها أمام أيقونتها العجائبيّة.
صلاتي إلى الرّبّ من أعماق القلب أن يبارك الله جامعة البلمند رئيسًا وعمداء وإداريّين وأساتذة. أمّا طلّابنا الأحبّاء والخرّيجين فدعائي إلى سيّدة البلمند أن تحفظهم تحت ستر وقايتها وتحميهم من الأعداء المنظورين وغير المنظورين، وتوفّقهم في جميع أمورهم.
ألا حفظ الله هذه التّلّة البلمنديّة وجميع مؤسّساتنا الجامعة ومعهد اللّاهوت والثّانويّة بشفاعة سيّدة البلمند وأدعية وصلوات أبينا صاحب الغبطة البطريرك يوحنّا العاشر السّاهر أبدًا على كلّ ما يخصّ هذه التّلّة. آمين."