دينيّة
09 آذار 2025, 14:00

الأرثوذكسيّة... والأيقونات

تيلي لوميار/ نورسات
في الأحد الأوّل من الصّوم، يتوقّف خادم وكاهن عائلة كنيسة الصّليب للرّوم الأرثوذكس في النّبعة الأب باسيليوس محفوض عند "عيد انتصار الأرثوذكسيّة يعني انتصار الأيقونات ورفعها"، شارحًا أهمّيّتها في الكنيسة الأرثوذكسيّة.

ويكتب الأب محفوض في هذا السّياق:

"نحن اليوم الأحد الأوّل من الصّوم يحمل تاريخًا له قيمته اللّاهوتيّة وقيمته القدسيّة بالنّسبة إلى الكنيسة المقدّسة، اليوم عيد انتصار الأرثوذكسيّة يعني انتصار الأيقونات ورفعها. بعد أكثر من 100 عامٍ من الاضطهادات ضدّ كلّ من يؤيّد ويستعمل الأيقونات إلى أن استلمت الإمبراطورة المغبوطة الذّكر ثيودورة السّلطة فأعادت احترام وتكريم الأيقونة، وصار احتفال بهيّ عام 842 للميلاد وكان ذلك اليوم هو الأحد الأوّل من الصّوم. وصار به زيّاح للأيقونات نطوف بها في الكنيسة معلنين أنّنا نرفعها لكي نستعين بها لترتفع نفوسنا إلى الله وهذا ما سنحتفل به مقلّدين ذلك التّاريخ المجيد. عيدنا اليوم هو عيد رؤية الله بشخص المسيح، عيدنا اليوم هو عيد الأرثوذكسيّة الّتي هي استقامة الرّأي. والرّأي هو الموقف في الحياة وليست المعلومات، يعني الأرثوذكسيّة هي استقامة المسلك والحياة، باختصار الأرثوذكسيّة هي طلب رؤية وجه يسوع وهذا هو من نسعى إليه ومن نشتهي رؤياه. لهذا إذا كنتم يا أحبّائي في البيت أو في العمل فالأيقونة يجب أن تكون مرفوعة في كلّ مكان لترتفع القلوب بنظرات الأعين لتعاين الله من خلال هذا الرّسم المبارك. لكن رؤيتنا لأيقونة المسيح والقدّيسين يجب أن تترافق مع طهارة القلب "طوبى لأنقياء القلوب فإنّهم يعاينون الله" لذلك طهارتنا وإيماننا وصدقنا وتوبتنا تجعلنا نرى الأيقونة فعلًا. إنّ رؤيتنا للأيقونة تجعلنا عفيفين في مسلكنا وهذا هو الإكرام والسّجود الحقيقيّ للأيقونات.

إنّ المراقب للخدم اللّيتورجيّة الأرثوذكسيّة يلاحظ مباشرة الأهمّيّة الخاصّة الّتي يعطيها المؤمن الأرثوذكسيّ لأيقونات القدّيسين. فمن عادة المؤمن الأرثوذكسيّ الّذي يدخل كنيسته لحضور الخدم اللّيتورجيّة أن يذهب مباشرة إلى الإيقونسطاس، الّذي يفصل بين الهيكل وصحن الكنيسة، حيث يقبّل الأيقونات بكلّ اهتمام ودقّة وترتيب، فيقبّل أوّلًا أيقونة السّيّد المسيح وبعد ذلك أيقونة السّيّدة والدة الإله وأيقونات الملائكة والقدّيسين، ثمّ يذهب مباشرة إلى الصّمدة الموضوعة تجاه الإيقونسطاس والحاملة أيقونة القدّيس الّذي تعيّد له الكنيسة في ذلك اليوم، حيث يبدي احترامه بتقبيله لأيقونة القدّيس وينحني راسمًا إشارة الصّليب. وبعد أن يعبّر عن إكرامه للأيقونات يعود لينضمّ إلى جماعة المصلّين. وهذا التّكريم للأيقونات لا يتمّ في الكنائس فحسب بل يتعدّاها إلى المنازل أيضًا، إذ أنّنا نجد في كلّ بيت أرثوذكسيّ أيقونة موضوعة في زاوية في النّاحية الشّرقيّة من كلّ من غرفتي الجلوس والنّوم، وهذه الزّاوية تدعى بـ"الزّاوية الجميلة". ومن عادة الضّيف الأرثوذكسيّ الّذي يدخل الغرفة أن يحيّي أوّلًا الأيقونة بالإنحناء ورسم إشارة الصّليب ومن ثمّ يسلّم على مضيفه. دعائي وصلاتي أن نمتلك عيونًا روحيّة لنرى وجه الحبيب يسوع وأن يكون الجميع من مستقيمي الرّأي بصدق."