الأب يوسف مونّس: الصّوم تشبّه واتّباع واقتداء بيسوع المسيح
رماد وتوبة وصيام
إنتهى أسبوع المرفع وابتدأ الصّوم الكبير بالرّماد على جباهنا يوم إثنين الرّماد. وسمعنا الكاهن يقول وهو يرسم صليب الرّماد على جباهنا: "أذكر يا إنسان أنّك تراب وإلى التّراب تعود"، وابتدأت أيّام الصّيام والقطاعة "والطّوّي".
الطّويّ
هو الصّيام طوال أسبوع الآلام أو الصّيام من يوم خميس الأسرار إلى يوم أحد الفصح صباحًا والامتناع عن أيّ مأكل أو مشرب طوال هذه الأيّام.
الصّوم يبتدئ بعرس قانا الجليل وينتهي بعرس الحمل والقيامة. عرس قانا حيث تحوّل الماء خمرًا وعرس القيامة والحمل حيث تحوّل الدّم إلى فداء وخلاص. والماء قوّة الرّوح القدس بالعماد المقدّس.
الصّوم تشبّه واقتداء بيسوع واتّباع له
زمن الصّوم هو ذكرى صوم الرّبّ في البرّيّة لمدّة أربعين يومًا مع ما رافقها من تجارب ونحن نصوم لنقتدي بالرّبّ يسوع في صيامه ونتبعه ونتحمّل التّجارب والمحن وننتصر مثله على تجارب الحياة. وعلينا أن نمرّ بالآلام والعذاب والموت حتّى نبلغ القيامة، ونتخلّص من معطوبيّتنا وضعفنا، ونشفى من كسرنا الوجوديّ ووضعنا البشريّ المهدّد دومًا بالموت والمرض والفشل والخيبة والهزيمة والفراق والكآبة والغربة.
وجهة الصّوم هي القيامة
وعلينا نحن أن نصوم ونسهر ونصلّي ونعمل أعمال البرّ والصّداقة والمحبّة لكي نقتدي حقًّا بيسوع الفادي والمخلّص. وجبهة الصّوم هي القيامة. فالصّوم إذًا هو رحلة بحريّة تقود إلى الميناء أيّ الخلاص والقيامة.
الصّوم جمال
والصّوم كما يقول مار أفرام يمنح نوعين من الجمال: يزيّن الجسد والنّفس معًا، يعطي النّفس سناء أمام الملائكة، ويعطي الجسد بهاءً أمام البشر (مار أفرام أناشيد الصّوم 9/31).
المسيح بالصّوم قهر الشّيطان وغلبه
والمسيح قهر الشّيطان حين جرّبه بلذّة الغنى وعلوّ المنزلة والمجد والسّلطة والكبرياء والتّعالي والتّشاوف ونحن مدعوّون للاقتداء به.
يجب أن نصوم سبت النّور لئّلا نقع في التّنّور
أمّا القوانين الرّسوليّة (سنة 380) فتقول لنا لنصوم إمّا خمسة أيّام، وإمّا يومي الأربعاء والجمعة لأنّ يوم الأربعاء صدر الحكم على الرّبّ وقبض يهوذا ثمن الخيانة ليسلّمه. وفي يوم الجمعة احتمل الرّبّ آلام الصّلب بأمر بيلاطوس البنطيّ، وأقيم العيد يومي السّبت والأحد لأنّ الأوّل ذكرى للخلق والثّاني للقيامة. يجب أن تحافظوا على سبت واحد في كلّ سنة هو السّبت الّذي كان فيه الرّبّ في القبر فصوموا في هذا اليوم... وصوموا أيضًا أيّام الفصح (أسبوع الآلام).
الخبز والملح والبقول والماء
ستّة أيّام تستعملون أثناءها الخبز والملح والبقول والماء للشّرب وامتنعوا عن الخمر واللّحوم... صوموا يومي الجمعة والسّبت معًا من استطاع لا تأكلوا شيئًا حتّى صياح الدّيك في اللّيل... وإذا لم يستطع أحد أن يصوم اليومين معًا فليحافظ أقلّه على السّبت... متى يرفع العروس عنهم فحينئذ يصومون في تلك الأيّام.
(القوانين الرّسولة سنة 308 - 1805).
خاتمة
ليس الصّوم عمل "Regime" أو حمية صحّيّة، وليس الصّوم هو الامتناع فقط عن أكل الشّوكولاتا وشرب القهوة والكحول والسّيجارة. هذه هي إماتات مستحبّة ولازمة.
الصّوم هو التّوبة إلى الله وعمل الخير ومساعدة الفقراء والأيتام والأرامل والمعوزين والمسامحة، مع اتّباع الوصيّة القائلة بالصّوم من منتصف اللّيل إلى السّاعة 12 ظهرًا، أمّا شرب المياه فلا يقطع الصّوم.
فليكن صومنا مقبولاً ومباركًا! أمّا الأطفال دون السّابعة والمرضى فلا يصومون. وكلّ صيام وأنتم بخير!".