الأب يوسف مونّس: إنّ السّماء لن تترك لبنان
"يد الله تكتب مستقيمًا على خطوط لولبيّة
غيري يقرأ في كتب السّياسة وأنا أقرأ في كتاب السّماء، حيث لإيماني دور أساسيّ بعيد عن كثرة التّحاليل والتّأويل والتّقدير.
يد الله تكتب مستقيمًا على خطوط لولبيّة. وهي تحفظنا ونحن في قلب جبّ الأسود كما حفظت دانيال النّبيّ.
يد الله تعمل في ليل التّاريخ
كثرة الانتظار كادت تصل بنا إلى اليأس وقطع الرّجاء. فكلّ يوم لا بل كلّ ساعة كلام عن أمل جديد. ثم تُسكّر الأبواب وتنكسر الآمال ويتبعثر الرّجاء. لنعود نصلّي وتعطينا الصّلاة شحنة رجاء وفسحة أمل بأنّ يد الله تعمل في هذا اللّيل الأسود لخيرنا وخير بلدنا وهي الّتي ستنتصر مع الفجر والضّياء على الشّرّ والخطيئة.
في هذ الجوّ من الفرح لطاقة التّغيير الشّابّة النّقيّة الّتي تفجّرت في السّاحات والطّرقات والشّوارع لزراعة الرّجاء بلبنان ويتعافى الفساد والسّرقة والنّهب وهدر المال العامّ وتفقير وتجويع طبقات عديدة من النّاس والجماعات في هذا الجوّ وحده الرّجاء بلبنان أفضل، يشعّ فجره للوطن الجريح.
يسوع هو موضوع حياة
أنا أقرأ في كتاب يسوع المسيح فهو ليس موضوع قراءة فقط بل هو موضوع حياة يسوع ليس هو فقط موضوع عقيدة نطّلع عليها ونعرفها، بل هو موضوع حياة نعيشها معه وفيه وله في أعماق كياننا في قلوبنا أنّه حضور حياتي فنحبّ بقلبه ونعمل بيديه ونتكلّم بشفتيه حاملين رسالة سلام ومحبّة ومغفرة وأخوة ومشاركة.
أسكت إهدأ
في هذه العاصفة الّتي تكاد تغرق سفينة الوطن، وحده يسوع يستطيع أن يزجر العاصفة والرّيح ويقول للبحر الهائج من المشاكل والضّيقات أسكت، هنا، فيسكن البحر وتهدأ الرّيح وبقدرته يحدث هدوء عظيم وهو يقول لنا: لماذا أنتم خائفون؟ آمنوا فيّ أنا معكم إلى منتهى الدّهر. أنا من ينقذكم من ضيقكم وآلامكم.
هذا الجبل وقف لي
في الكتاب المقدّس تظهر عناية الله بلبنان وحمايته له. وهذا ظاهر في هذه النّصوص والمراجع:
تثنية الاشتراع 25/3، 53/32، 4/34 يشرع بن سيراخ 4/1 حزقيال 3/30، 15/31
"ونظر موسى إلى الشّمال، نحو أرض لبنان، وقال: وهذا الجبل؟ أجاب الله وقال: أغمض عينيك هذا الجبل وقف لي. لن تطأه قدماك ولا الّذي سيأتي من بعدك".
إختبارنا طوال سني الحرب يعلّمنا أنّه كان يطلع علينا فجر بهيّ كلّ مرّة كدنا نصل فيه إلى الهاوية واليأس وقطع الرّجاء كانت هناك يد إلهيّة تمسك بنا وتحوّل الأمور إلى خيرنا وصالحنا. وكنّا نعيش في حالة عجائبيّة تحوّل الأمور إلى خيرنا وصالحنا بطريقة لا تصدّق. وكنّا ننشد لا تخف أيّها القطيع الصّغير، الله هو لك نصير مهما اشتدّت وضاقت عليك الأمور والصّعوبات.
إنّه الرّجاء بالعناية الإلهيّة وبقدرة الله الّذي يدفع بنا إلى هذا الموقف. فأنا أعتقد أنّ يد الله تكتب التّاريخ، والتّاريخ يخضع لجغرافيّة الزّمان والمكان وحركة الشّعوب والأمم والوقائع الاقتصاديّة والسّياسيّة ومصالح الجماعات وحبّها للعيش الكريم الحرّ".