لبنان
17 آب 2020, 09:30

الأب ميشال عبّود: اليوم يجب أن نغيّر قلوبنا وأن نصنع تاريخًا جديدًا

تيلي لوميار/ نورسات
على نيّة ضحايا انفجار بيروت صلّى رئيس كاريتاس لبنان الأب ميشال عبّود الكرمليّ، خلال قدّاس إلهيّ ترأّسه قبالة المرفأ بجانب تمثال المغترب اللّبنانيّ، بدعوة من شبيبة كاريتاس والشّبيبة الأنطونيّة وبمشاركتهم، وبحضور متطوّعين من جمعيّات مختلفة وراهبات وحشد من وسائل الإعلام.

بعد تلاوة الإنجيل المقدّس ألقى الأب عبوّد عظة قال فيها: "ماذا تنفع الصّلاة هل ستردّ ما تهدّم وستقيم الموتى والأشخاص تحت الرّكام وستشفي الجرحى وتعيد بناء المنازل المهدّمة؟ والجواب لو كانت الصّلاة موجودة في قلوب الكثيرين لما شهدنا ما شهدناه.

الإنسان ليس مخلوقًا ليكون ترابًا في القبور فهل سنتمكّن أن نقيم الإنسان من التّراب؟ ولهذا قال لنا يسوع: ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكلّ كلمة تخرج من فم الله. فعلينا في هذه اللّحظات أن نؤمن بالحياة الأبديّة ولقد قال الرّبّ: من آمن بي وإن مات فسيحيا، وهذا ما رأته مريم ومرتا عندما قال لهما الرّبّ: أنا القيامة، أنا الحياة.

سألت الكثير من الأمّهات أين كانت العذراء مريم عندما مات أبناؤنا؟ الجواب، كانت عند أقدام الصّليب، فحياة مريم لم تكن سهلة، فعندما ولدت يسوع لم تجد مكانًا لولادته، إذًا من يحمل المسؤوليّة في حياته يجب أن يعرف الصّليب ويدرك أنّ سيف الألم في انتطاره. وعندما ولد يسوع ظهر الملاك ليوسف وقال له: قم خذ الطّفل وأمّه واهرب إلى مصر. لقد قتل هيرودوس أطفال بيت لحم عند ولادة يسوع وجاء في الإنجيل: صراخ سمع في الرّامة نحيب كثير، رحيل تبكي على بنيها وتأبى أن تتعزّى، ولقد هرب يوسف ومريم من سيف هيرودوس، الّذي تلوّن بدماء الأطفال، لهذا نرتدي الأحمر يوم الميلاد، ولهذا علّمنا مكلّل بالأحمر الّذي هو رمز الشّهادة والحبّ.

الإيمان لا يزيل المصائب، المصيبة تطال الجميع، المؤمن وغير المؤمن، الفقير والغنيّ، الحاكم والخادم، الموت لا كبير ولا صغير أمامه، إنّما الإيمان يعطي القوّة على تحمّل المشاكل، ويجعلك تعرف أن تعمل الخير. لو كان كلّ مسؤول في قلبه الإيمان ومحبّة الله، لما كنّا رأينا ما رأيناه.

ماذا تعلّمنا ممّا حصل، ماذا ينفع أن ندين غيرنا؟ وماذا ينفع أن نبكي على الأشلاء والأطلال؟ نحن لا نزال هنا وفي هذه اللّحظة نقول كما قال لصّ اليمين ليسوع: أذكرني متى أتيت في ملكوتك، وهو يقول لنا: اليوم ستكون معي في الفردوس.

اليوم يجب أن نغيّر قلوبنا وأن نصنع تاريخًا جديدًا، ففي كلّ ما سيمرّ في حياتنا يجب أن نخجل من عيون ربّنا في السّماء، ولذلك كلّ واحد يصلّي ويؤمن يجب أن يسأل هل هو مستعدّ أن يصعد إلى السّماء؟ فإذا قال نعم، يجب أن يبدأ من هنا. نحن اليوم نجتمع لنصلّي، نحن وفي حضور الله وموتانا هم في حضور الله أيضًا، ونلتقي بهم الآن في هذه الذّبيحة، ولهذا سنناضل في هذه الحياة وإنّما من دون سحق الآخرين، سنقول الحقيقة ونزعج الآخرين لأنّ الحقيقة مثل النّور تزعج من هم في الظّلمة، وإنّما لا نريد أن نخطىء كما هم أخطأوا لا نريد أن تصدر من شفاهنا أيّ كلمات توسّخ قلوبنا وأيّ أفعال تدين إيماننا.

إنطلقنا ككاريتاس وكشبيبة أنطونيّة مع العديد من الجمعيّات إلى قلب الخراب حيث هناك أناس ماتوا، ولكن وجدنا قلوبًا حيّة تعطي الحياة، البعض يقول إنّ شبيبتنا ضائعة وفاسدة، يمكن أن نرى بعض الشّبيبة الضّائعة لأنّها لم تفهم قيمة العطاء ولم تختبر حبّ يسوع، ولأنّها تعيش فراغًا حاولت أن تملأه من وسائل التّواصل الاجتماعيّ والإباحيّات واللّاأخلاقيّات. وأعتبر أنّ الإنسان الّذي يعيش مع الرّبّ لا يعيش دائمًا كملاك، هو يقع ولكن لو خطىء ووقع فرحمة ربّنا أوسع بكثير، ونحن سنعود للرّبّ كالإبن الضّالّ، والرّبّ يقبلنا ويعانقنا، سنأتي إليه بخطايانا، وسنقول له أعطنا يا ربّ يقظة الضّمير ولا تجعل ضميرنا يغفى، إجعلنا واعين، واجعلنا نزعج كما أنت أزعجت سنكون على الصّليب، ولكن هناك بعد كلّ موت قيامة".