لبنان
31 آب 2017, 07:05

الأب مجدي علّاوي: حضرة البابا القدير... بابا الفقراء... بابا ثورة المحبّة في العالم أجمع!

توجّه خادم جمعيّة سعادة السّماء في لبنان الأب مجدي علّاوي برسالة إلى البابا فرنسيس خلال لقائه في الفاتيكان، كتب فيها:

 

"أنا "الأب مجدي علّاوي" خادم جمعيّة سعادة السّماء في لبنان، أتوجّه برسالتي هذه بالشّكر لقداستكم على استضافتكم لنا في الفاتيكان، شكراً للرّوح القدس الّذي أتاح لنا أن نرى شعلة النّور والمحبّة الّتي تنبثق من وجهكم وأعمالكم المنيرة، شكراً لبركتكم الّتي سترافق جمعيّتنا "سعادة السّماء" إلى أبد الآبدين بشفاعتكم وشفاعة كنيستنا الأمّ.

ما نراه اليوم هو ثورة بحقّ الإنسان والإنسانيّة، ثورة حبّ لا متناهٍ، ثورة تواضع ينحني أمامها أهمّ رجالات العالم. شكراً من كلّ فقير مُعدم أعطيته من قلبك وحنانك، شكراً من كلّ مسلم ودرزيّ وبوذيّ وملحد غسلت رجليه، شكراً من كلّ لاجئ آويته من دون أن تسأل عن العرق والدّين والجنسيّة. شكراً عن كلّ دولة قمت بزيارتها وعن كلّ منحرف شعر من خلالك أنّ يسوع يحبّه، شكراً لأنّ الإنسانيّة في حضرتك انعتقت من قيود الأرضيّات فتحوّلت إلى إنسانيّة السّماوات.

على مشارف العام 2020، تتجلّى الكنيسة بأبهى حللها من خلالكم، أنتم حجر الزّاوية، أنتم مثال يسوع المسيح على الأرض، فلا خوف ولا وجل على كنيستنا طالما أساساتها صلبة كالصّخر وطالما مفتاحها في عهدة بابا الفقراء، البابا فرنسيس.

باسم جمعيّة سعادة السّماء، نطلب بركتكم الكريمة يا قداسة البابا لتأسيس رهبنة "نور العالم" التّابعة لجمعيّتنا. فمن قعر الظّلمات والإدمان والمخدّرات والجوع والتّشرّد والأمراض، ظهرت في جمعيّتنا دعوات رهبانيّة، دعوات صادقة وملتزمة أشدّ الالتزام ونابعة عن وعي وإرادة حرّة وكاملة، دعوات شباب كانوا عبيداً للمخدّرات، فتحرّروا من العبوديّة باسم يسوع المسيح الّذين تتلمذوا له واختاروا أن يتبعوه إلى الأبد. دعوات شباب كانوا من ديانات أخرى، ومن خلال مسيرتهم في جمعيّتنا اكتشفوا أنّ لا خلاص إلّا بالحبّ، إلّا بيسوع المسيح، فنالوا سرّ العماد. 

نعم، إنّها دعوات استثنائيّة، دعوات ستضمن استمرار رسالتنا المتجذّرة على طرقات لبنان وفي الشّوارع بين الفقراء والمنسيّين والمحتاجين، دعوات ستضمن استمرار جمعيّتنا وسيكونون بإذن الله وبإذنكم يا بابا الفقراء كهنة ورهبان الطّريق، كهنة ورهبان "سعادة السّماء". فبطبيعة الحال نحن زائلون، نحن اليوم نعيش في حالة عبور نحو دنيا الحقّ، فتبقى الرّهبنة ورسالة جمعيّة "سعادة السّماء" إلى أبد الآبدين.

ستكون رهبنة الإنجيل الحيّ، مع شروق الشّمس يحتفلون بالذّبيحة الإلهيّة وبصلاة الصّباح، بعدها ينطلقون نحو مراكز الفقراء في كلّ لبنان، ثم يتلون صلاة الظّهر ويستكملون رسالتهم مع الفقراء، لينتهي النّهار مع سجود للقربان وقدّاس شكر. ستكون رهبنة تضمّ علمانيّين ومكرّسين لخدمة الفقراء مهما كان دينهم أو جنسيّتهم أو عرقهم!

حتّى يومنا هذا، ومنذ العام 2016 منحت سرّ العماد لحوالي 250 مسلماً من بعد حصولي على إذن المطران بطبيعة الحال، كما قمنا بمساعدة حوالى الـ700 مدمن على المخدّرات منذ تأسيس جمعيّتنا حتّى اليوم، والعلاج الأساسيّ ليس بالأدوية وإنّما يتمحور حول دواء "يسوع المسيح". أمّا في ما يتعلّق بمطاعمنا المجانيّة للفقراء المنتشرة في لبنان والّتي لا نميّز فيها بين مسلم ومسيحيّ، بين لبنانيّ ولاجىء والّتي تتمحور حول فاتورة "شكراً يسوع"، فنطعم من خلالها آلاف الجياع يوميّاً. ففي مطعم طرابلس المجانيّ يتوافد إلينا حوالى الـ 220 شخصاً يوميّاً للحصول على وجبة الغداء أو العشاء، وهناك انطلقنا هذا العام بمشروع رمضانيّات، وقدّمنا وجبة الإفطار يوميّاً لحوالى الـ 200 جائع في أفقر حيّ في طرابلس وذلك إضافة إلى مأدبة الغداء الاعتياديّة. 

أمّا مطعم عين الرّمّانة الّذي هو عبارة عن باص اندلعت من خلاله الحرب الأهليّة فحوّلناه إلى مطعمم يتوافد إليه حوالى الـ 100 جائع يوميّاً، في حين مطعم البرغر للأطفال يتوافد إليه حوالى الـ 150 طفلاً في اليوم لأنّ الطّفل الفقير يحقّ له بوجبة برغر كباقي أطفال العالم، هذا عدا عن مطعم شكّا الّذي يرسل 70 وجبة للمرضى الّذين لا يستطيعون مغادرة منازلهم، ومطعم الدّجاج المشويّ الّذي يوزّع كلّ سبت وأحد حوالى الـ250 فرّوجاً للعائلات الفقيرة الّتي لا تستطيع إطعام أولادها المشاوي كباقي العائلات.

أمّا مكتب الاستقبال في جمعيّتنا، فيستقبل يوميّاً حوالي الـ 40 شخصاً لإرشادهم ووضعهم في المكان المناسب بحسب ظروفهم الصّحّيّة والاجتماعيّة. وللموسيقى أيضاً حصّتها في جمعيّتنا إذ افتتحنا معهداً مجانيّاً للفقراء يستقبل حوالى 220 شخصاً يتعلّمون أصول الموسيقى والعزف على الآلات الموسيقيّة كافّة.

من ناحية أخرى، يستقبل نادي نور السّما حوالى 75 مسنّاً لا مأوى لهم، ويهتمّ صالون التّزيين والحلاقة المجانيّ بحوالى 30 رجلاً وامرأة من خلال تقديم خدمات قصّ الشّعر والصّبغة والحلاقة وغيرها من الأمور. كما نستقبل في بيت المشرّدين Homeless حوالى الـ 50 شخصاً من جنسيّات وأديان مختلفة، فنأويهم في اللّيل ونقدّم لهم كافّة الخدمات من طعام واستحمام ونوم وغيرها ومن ثمّ يزاولون نشاطاتهم الاعتياديّة في النّهار من دون أي تدخّل منّا. هذا عدا عن بيت مرتا الّذي يستقبل كلّ شابّ تعدّى عمره الـ 16 عاماً ويحتاج لتأمين عمل له ليضمن حياته واستمراريّته، وعدا عن سوبرماركت الأربعاء الّذي يؤمن احتياجات حوالى 700 عائلة من حبوب وخضار وثياب إلى جانب تأمين اللّوازم المدرسيّة سنويّاً لحوالى الـ 5620 طفلاً. ونحن اليوم في صدد افتتاح مصبغة في سنّ الفيل لنغسل ثياب الفقراء، ومطعم بيتزا PIZZERIA في فرن الشّبّاك إلى جانب نادٍ رياضيّ في منطقة الحازميّة عدا عن التّحضير لافتتاح أوّل نادٍ لأطفال السّرطان في منطقة الشّرق الأوسط.

وعليه، نحن بأمسّ الحاجة يا بابا الفقراء لرهبنة صلبة تدير هذه المشاريع ببركة ربّنا يسوع المسيح، نحن بحاجة لرهبنة "نور العالم" لتهتمّ بالفقراء وبمشاريع تُعتبر الأولى من نوعها في عالمنا العربيّ. فالفقير في ديارنا له الحقّ بأن يأكل بكرامة، لا أن يأكل بقايا الأكل وفتات الطّعام، الفقير له الحقّ أن تُغسل ثيابه وأن يقصّ شعره وأن يأكل بدون انتقاص لكرامته، والفاتورة هي فقط "شكراً يسوع" تلك العبارة المنتشرة في مطاعمنا كافّة.

باسم كلّ فقير، باسم كلّ مدمن وجائع، باسم كلّ طفل رضيع نجده أسبوعيّاً على باب جمعيّتنا، باسم الأحداث الأطفال الّذين كانوا في السّجن وحاربنا لننقلهم إلى جمعيّتنا، باسم كلّ سجين كان منسيّاً في السّجن فأخرجناه وآويناه، باسم كلّ شابّ في جمعيّتنا أراد أن يتبع المسيح إلى أبد الدهور، نصلّي يا بابا الفقراء كي نلتمس بركتك وموافقتك لتأسيس رهبنة "نور العالم"، لتكن رسالتنا نوراً للعالم أجمع على خطاك يا بابا المحبة!

وألف شكر من جمعيّة "سعادة السّماء"!

وتفضلوا بقبول فائق المحبّة والاحترام،

كاهن الطّريق الأب مجدي علّاوي."