لبنان
19 آب 2018, 14:00

الأب كرم في قدّاس كاريتاس السّنويّ: المطلوب قبل كلّ شيء هو واحد الإصغاء لكلمة الله

أقامت رابطة كاريتاس لبنان أقليم عاليه - بحمدون، القدّاس السّنويّ للإقليم في قاعة كنيسة سيّدة الانتقال في بلدة رأس الحرف، برعاية رئيس الرّابطة الأبّ بول كرم، بحضور شخصيّات سياسيّة، اجتماعيّة، دينيّة وأعضاء كاريتاس وحشد من الحضور.

 

وبحسب الوكالة الوطنيّة للإعلام، ترأّس القدّاس الأبّ كرم يعاونه الكهنة، وألقى عظّة قال فيها: "أنتم الّذين أتيتم اليوم يوم الرّبّ لنقدّم ذبيحة الشّكر لله خاصّة بمسيرة العنصرة بأسبوعها الرّابع عشر، والّتي فيها الكنيسة اختارت لنا أهميّة الإصغاء إلى كلام الله من خلال لقاء يسوع المسيح مع مرتا ومريم، ويسوع يدلّنا مباشرة إلى الجوهر والّذي هو الاختيار الأنسب والأهمّ والأوفر، لأنّ المطلوب قبل كلّ شيء هو واحد الإصغاء لكلمة الله، لأنّه في حياتنا اليوميّة الإصغاء للكلمة، والمسيح يعلّمنا أشياء كثيرة ولا يستثني من هو الأفضل، لأن يسوع قدّر موقف الخدمة من خلال مرتا، وقدّر أيضا موقف الإصغاء من خلال مريم.

أكيد نحن سنذهب معكم إلى الجوهر والأكيد من خلال الرّسالة التي سمعتموها حول أهميّة أنّ الإنسان يعرف كيف يذهب إلى الجوهر، نحن مدعوّون ان نذهب للأساس وهو الإصغاء إلى الكلمة، وحبّذًا اليوم لو أنّ كلّ النّاس تصغي جيّدًا لكلمة الله والتي هي كلمة حياة وليست أبدًا كلمة موت، والتي هي كلمة تعزية ورجاء وليست كلمة للاستسلام، فنحن بحكم معموديّتنا، نحن نعيش الرّجاء المسيحيّ ونتطلّع إلى البعيد لأنّ كلمة يسوع هي تعزية لا بل إنّها تبلسم جراح الإنسان حتّى ولو كان بحزن أو يأس، يسوع يعطي كلّ واحد منّا روح الطمأنينة، ولكن علينا أن نؤمن بهذه الكلمة ونعرف أنّها ستعطينا معنى جديدًا وستفتح لنا آفاقًا لحياتنا المسيحيّة بشكل خاصّ.

إنّ عملنا نحن في كاريتاس الذي هو جهاز الخدمة وجهاز الكنيسة الرّسميّ للعمل الإنسانيّ والاجتماعيّ هو عمل أيضًا يتطابق مع إنجيل مارتا ومريم، هناك أناس تعمل وتضحّي متطوّعين وخاصّة بهذا الإقليم كلّ فريق العمل الذين يضحّون ويعطون على قدر ما يستطيعون رغم كلّ الصّعوبات، يحاولون أن يجسّدوا حضور المسيح الخادم تجاه الجماعة، ونحن نعرف كم عانت هذه المنطقة وكلّ مناطق الجوار، وأنا أعرف جيّدًا هذه المنطقة، ولكن هذا لا يلزمنا أن نتراجع أبدًا، بالعكس نريد التّحدّي ونريد أن نبرهن لكلّ النّاس أنّه باستطاعتنا أنّ نخدم ونسعى إلى المحبّة ونجسّد حضور المحبّة في هذا المجتمع.

لا نستطيع أن نتغنّى بالعيش المشترك ونحن بعيدون عنه، العيش المشترك يتجسّد بالخدمة وبالتّضحية وهذا ما تقوم به كاريتاس، لأنّها ولا مرة تقول أنت أخدمك وآخر لا أخدمه، لا تميّز، كاريتاس منذ نشأتها منذ 45 عامًا حتّى اليوم تخدم الجميع ولا مرّة تسأل ما هو دينك أو لونك ومن أيّ فئة آت، فهي تتطلّع إليك كإنسان لأنّك تحمل صورة الله وكرامة الإنسان، وعندما ندخل بهذا المنطق نتخطّى حواجز كبيرة ونعرف قيمة حياة الإنسان وكرامته، وللأسف لا تزال في هذا البلد مجروحة ومنتهكة، بالخدمة نحن نحافظ على هذا البعد ونعطي معنى للخدمة الحقيقيّة، ونحن اليوم من خلال هذا القدّاس الذي نحييه بهذا الإقليم المبارك هو لشكر الجميع على عطاءاتهم المنظورة وغير المنظورة، على كلّ المحسنين والخيّرين والمستفيدين الذين آمنوا بالخدمة وبروح عمل كاريتاس ليكون عملنا فعلاً خطوة وراء خطوة ليصل إلى قلب الإنسان ويعطي البسمة الحلوة التي يحتاجها كلّ إنسان مجروح إن بكرامته أو بإنسانيته أو بحالته الاجتماعيّة، فاتركونا اليوم مع إنجيل مارتا ومريم نعود ونؤمن أكثر أنّ حضورنا بهذا الشّرق وفي هذه المنطقة وكلّ المناطق التي قالوا عنها إنّها تهجرت يجب ان نعود ونؤمن بالأرض وبالرّسالة وبالخدمة ونعود ونكون خميرة بهذا العجين لنستطيع أن نخمر ليس فقط هذه المنطقة ولكن كلّ المناطق اللّبنانيّة ونعود ونعطي معنى لحضور لبنان الرّسالة، هذا الذي تكلّم عنه قداسة البابا يوحنّا بولس الثّاني والّذي سلّمنا إياه وديعة لكي نستطيع أن نعيشها بهذا المجتمع وبهذا الوطن.


لا بدّ من ان أشكر الجميع فردًا فردًا وأشكر قبل كلّ شيء مبادرات كلّ شخص منكم المؤمن برسالة عمل الكنيسة وخاصّةً رسالة عمل كاريتاس التي هي الخدّمة، ونحن سنواصل خدمتنا وسنواصل عطاءنا، لأنّ هذا هو عطاء من ربّنا وليس من ذاتنا، وكلّ ما ربّنا قدّرنا على مشاريع نستطيع أن نقوم بها للإنماء وللوقوف بجانب الإنسان لن نتأخّر، هذه هي الكنيسة الخادمة والتي تعلن الرّسالة والبشرى وهي التي تعزّي كلّ إنسان ليبقى ابن الرّجاء والقيامة بنعمة الآب والإبن والرّوح القدس له المجد إلى الأبد".