لبنان
14 أيار 2020, 13:50

الأب طوني الصّقر: الفرح الأكبر هو أن نقول نعم للحبّ بدون حسابات

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل الأب طوني الصّقر، في مقام سيّدة زحلة والبقاع، بقدّاس رابطة الأخويّات في زحلة والبقاع تزامنًا مع عيد سيّدة فاطيما، وألقى للمناسبة عظة قال فيها:

"نلتقي اليوم تحت راية أمّنا العذراء مريم سيّدة زحلة والبقاع وفي الثّالث عشر من أيّار عيد سيّدة فاطيما، ونسترجع معًا ظهورات أمّنا مريم للأطفال الثّلاث فرنشيسكو ولوتشيا وجاسينتا من العام 1917 وطلبت منه صلاة المسبحة، وكم نحن بأمسّ الحاجة لصلاتها واستعدادًا ليوم غد الرّابع عشر من أيّار والّذي طلب فيه قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس الصّوم والصّلاة والتّأمّل بمشورات مريم العذراء من أجل العالم، كي يجلو الرّبّ عنّا وباء كورونا وكلّ الأوبئة. كلّ ذلك بالتّضامن مع كلّ الأخويّات الأمّ في منطقة زحلة وقضائها ومع كلّ العائلات من فرسان وطلائع وشبيبة تضامنًا روحيًّا ولو عن بعد، نهدي لكم بإسم اللّجنة الإقليميّة بشخص رئيسها الأستاذ إيلي نوريّة وكلّ أعضائها فردًا فردًا أحر التّهاني بشهر أيّار المبارك، الشّهر المريميّ بامتياز، ومعًا نرفع الدّعاء بهذه الذّبيحة من أجل الصّحّة والتّوفيق، من أجل السّلام والوفاق لوطننا وللمسؤولين وللعالم أجمع.

نستلهم معًا قول الرّبّ من أراد أن يخلّص نفسه يهلكها، ومن يهلك نفسه من أجلي يجدها، أيّ من يحتمل الآلام بإسمي ولأجلي في هذا العالم تخلّد نفسه في العالم الآتي، أيّ أنّ الّذي لا يسلّم نفسه للشّهوات النّجسة فإنّه يحييها وأمّا الّذي يحبّ سدّ أطماع نفسه فإنّه يهلكها. لأنّه ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كلّه وخسر نفسه؟ أم ماذا يعطي الإنسان فداءً عن نفسه؟ خسارة النّفس هلاكها فإذا خسرتها لم يبق لك شيئًا، وإن أعطيت العالم كلّه لأنّه لا يساوي نفسًا تشتريها عوض نفسك. فالنّفس أشرف وأثمن ما للإنسان، ماذا تعطى عوضًا عنها إذا أهلكتها وكلّ ما في العالم من الجواهر والنّفائس لا يقوم مقامها، وماذا يعود علينا إذا رأينا العالم كلّه ممتعًا ونحن نتعذّب.

ليس من السّهل أن يصبح الإنسان تلميذ الرّبّ يسوع لأنّ مدرسة الرّبّ هي الصّليب، والصّليب هو الحبّ، والحبّ هو البقاء بعد الموت أيّ الخلود. والشّرط الأساس هي الحرّيّة، من أراد أن يتبعني... والقدّيس أغوسطينوس يقول "الله الّذي خلق الإنسان من دون إرادته لا يخلّصه من دون إرادته" وبماذا يفدي الإنسان نفسه لكي يستعيد الحياة الّتي خسرها؟ عندما ينتقل من الخيانة إلى الأمانة ومن الكذب إلى الصّدق ومن الغدر إلى الشّجاعة وقوّة المواجهة، من الانحلال الأخلاقيّ إلى التّرقّي في المطهر والجمال، من الشّرّ إلى الخير من الظّلمة إلى النّور وأخيرًا من الموت إلى الحياة.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء المتابعين معنا عن بعد، ماذا نفعل إزاء الله الّذي خدمنا إلى أن اختبر الخيانة والتّرك؟ يمكننا أن لا نخون ما قد خلقنا من أجله. نحن في العالم لنحبّ الله والقريب وكلّ شيء يزول أمّا هذا فيبقى ويدوم. إنّ المأساة الّتي نعيشها في هذه الأيّام الاقتصاديّة الخانقة تدفعنا لكي نأخذ على محمل الجدّ ما هو جدّيّ ولأنّ الحياة تقاس بالحبّ. لنقف أمام المصلوب "مقياس محبّة الله لنا" وأمام الله الّذي يخدمنا وصولاً إلى بذل حياته من أجلنا لنطلب أن نعيش لنخدم على مثال أمّنا مريم العذراء، ولنحاول أن نتواصل مع الّذي يتألّم والوحيد والمعوز، ولا نفكّرنّ فقط بما ينقصنا وإنّما بالخير الّذي يمكننا القيام به لأنّ الحياة هي عطيّة ننالها عندما نبذل ذواتنا في سبيل الآخرين، ولأنّ الفرح الأكبر هو أن نقول نعم للحبّ بدون حسابات كما فعل الرّبّ يسوع من أجلنا.

أشكر خادم المقام أخي قدس الأرشمندريت إيلي أبو شعيا والقيّم على المقام من قبل سيادة راعي الأبرشيّة، اخي الرّئيس شربل داوود ورئيس وأعضاء اللّجنة الإقليميّة للأخويّات".