لبنان
29 أيار 2020, 06:30

الأب جوزف جبّور: كم أحوجنا في هذه الظّروف أن نجتمع كلّنا حول أمّنا العذراء مريم!

تيلي لوميار/ نورسات
يواصل مقام سيّدة زحلة والبقاع رفع الصّلوات إلى الله بشفاعة مريم العذراء خلال شهرها المبارك، وللمناسبة ترأّس الأب جوزف جبّور القدّاس الإلهيّ أمس الخميس، وألقى عظة قال فيها:

"في شهر الورود هذا، نكرِّم أمَّنا العذراء مريم، الوردة الّتي لا تذبل، والّتي فاح عطر قداستها، فملأ الأرض والسَّماء حتَّى أنَّ الله، عزَّ وجلّ، انحنى نحوها بواسطة الملاك جبرائيل ليشمَّ عطرها، ويلقي عليها أجمل تحيَّة سلام سمعتها آذان البشر، ويجعلها أمًّا لكلمتِه القدُّوسة.

السَّلام عليكِ يا مريم. هذا ليس سلامًا عاديًّا، إنَّه سلام الله، ينبوع الفرح الّذي يتدفَّق من أعماق كلّ من يسمعه. العزَّةُ والقدرة الإلهيَّة تلقي سلامًا على فتاة النَّاصرة الصّغيرة المتواضعة، فتحوِّلها إلى أمِّ المسيح، وملكةً على الأرض والسّماء. إنَّه تتويجٌ سماويّ لبنت أرضنا، إنّه عرس روحيّ حيثُ ظلّلها الرُّوح القدس، فصارت السَّماء الجديدة والأرض الجديدة، الّتي ستنبت منها شجرةُ الحياة الّتي يتغذَّى منها المؤمنون.

السَّلام عليك يا ممتلئة نعمةً، الرَّبُّ معك. إذا كان الرَّبُّ ملأ العذراء مريم من نعمته القدُّوسة، وصارَ هو معها. فمَن يمكنُه إذًا أن ينقِّص من كرامتها، أو ينزع عنها مسحة الطّهر والقداسة؟ إنَّ كلَّ تعرّضٍ لطهارةِ وقدسيَّةِ العذراء مريم، هو تعرُّضٌ مباشر لقدرة الله الّتي هي معها، ولنعمة الرُّوح القدس الّتي حلّت عليها فقدَّستها ورفعتها فوق كلّ نساء العالم. إنّه مجرّدُ فحيحٍ للشَّياطين لأنَّ هذه الفتاة قد هزءتْ بهم وداستْ بالفعل على رأس الأفعى القديمة.

لذلك أسرعت أليصابات وهتفت عند لقائها بالّتي كانت تحمل الله في بطنها: مباركةٌ أنت بين النِّساء، ومباركةٌ ثمرة بطنك. فقد عرف أليصابات نبويًّا أنَّ مريم نالتْ بركة وحظوةً لم تنلها أيّة امرأة قبلها ولن تنلها من بعدها. فهي وحدها استحقَّت أن تحمل في بطنها الثّمرة المباركة، ابن الله الوحيد. وقد أنجبتْ بالفعل يسوع المسيح، إلهًا كاملاً وإنسانًا كاملاً، فصارتْ بالتَّالي أمًّا لله لأنَّه خرجَ منها إلى العالم كاملاً غير متجزّئ.

الأمُّ بعد أن تنجب ابنها، لا ينتهي دورها أبدًا، بل يتكرَّس دورها كأمِّ إلى الأبد. وسوف ينظر إليها الله دائمًا على أنَّها أمَّه الحبيبة الّتي اعتنتْ به على الأرض، وربَّته وأرضعته لبنها، واحتضنته بحنانها، وعلّمته كلماتِه البشريَّة الأولى، وبقيت معه للنّهاية حتَّى أقدام الصَّليب، وفرحتْ بقيامته المجيدة. لذلك استمرّتْ العذراء بعد العنصرة بأن تكون أمًّا للكنيسة النّاشئة، وللرُّسل يجتمعون حولها ليسمعوا منها كلمات التّعزية والتّشجيع، وأخبار يسوع الإنسان. لذلك سمِّيتْ بحقٍ أمَّ ومعلّمة الكنيسة. كم أحوجنا في هذه الظّروف أن نجتمع كلُّنا حول أمّنا العذراء مريم لتعزّينا وتشجّعنا وتحمينا من كلّ ضعف ووباء وتبعد عن بلادنا المآسي والانهيار".