لبنان
17 تشرين الأول 2016, 13:46

الأب بو عسّاف: لنترك الله يعمل فينا ومن خلالنا

ترأس كاهن رعية مار يوسف شحتول قداس الأحد الخامس من زمن الصّليب، وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى عظة جاء فيها:

في هذا الأحد المبارك نتأمّل في كلمة الله التي سمعناها في الرسالة إلى أهل فيليبّي حيث القدّيس بولس زرع كلمة الله فأثمرت جماعة مؤمنة بالرب يسوع، وعند غيابه نشب، كما في كلّ جماعة شقاقٌ وخلافٌ وإنقسامات. فكانت دعوة بولس إلى أهل فيليبّي أن يعملوا في غيابه على إعادة اللحمة والتعاون والتضامن فيما بينهم. والسؤال المطروح هل يمكن للإنسان إذا ما وقع في ضعفٍ معيّن أو جماعة وقع فيها خلاف أن تعمل بمفردها على معالجة هذا التحدّي؟ هل لله دورٌ في حياتنا اليوميّة؟ وهل دعوة بولس إلى أهل فيليبي للمصالحة لها بعدٌ آخر؟

من الطبيعي أن يسعى الإنسان في حياته اليوميّة إلى العمل نحو الأفضل، يطوّر في نمط عيشه، يهدم الجدران في علاقته مع الآخرين، يفعل ما يريد وفقاً للحريّة التي أغدقها الله عليه عندما خلقه على صورته كمثاله. ولكنّ الإنسان في طبيعته ضعيفٌ ومحدود في عمله وإرادته وعقله. فيذكر مار بولس إلى أهل فيليبيّ بأن "الله هو الذي يجعلكم تريدون وتعملون بحسب مرضاته." فالله هو الذي يعمل فينا ومن خلالنا، الله هو يلاقي عملنا وحريّتنا وإرادتنا في منتصف الطريق. فأمام التحديّات والصعوبات لا بُدّ أن نجعل الله نصبَ عيوننا وفي وسطنا لتتحّد إرادته بإرادتنا فيكتمل مشروعه الخلاصيّ. 
فالمجتمعات والدول التي تواجه مشاكل وانقسامات عليها أن تعيد الله إلى وسطها، إلى حياتها اليوميّة. فعمل الله فينا لا يتعارض مع مبدأ حرّيتنا وإرادتنا البشريّة، وعمل الله هو الذي يقودنا إلى المصالحة الحقيقيّة.
والفكرة الثانية التي نتوقّف عندها في كلام بولس أنّه حمّل أهل فيليبّي مسؤوليّة ورسالة مهمّة. هم مدعوون أن يسلكوا وسط جيل معوّج ومنحرف يضيئون فيه كالنيّرات في العالم، فلم تعد جماعة فيليبيّ مؤتمنة على ذاتها بل هي شعاع نور في عالم يحتاج إلى النور، خميرة في قلب العجين. جماعة فيليبّي أيقونة تعكس حضور الله في وسط جيل معوّج. فالمسيحيّ لا يستطيع أن يكون من دون طعم أو لون، يتصالح ليُصالح، يُحب ليعلّم المحبّة، يصفح ليعلّم الصفح، يغفر ليعلّم الآخرين الغفران.
إذاً لنترك الله يعمل فينا ومن خلالنا، نشرك عملنا بعمله، إرادته بإرادتنا فنصبح كالنيّرات في وسط عالم يحتاج للسلام والرجاء والحياة.