الأب بو عسّاف: لا تخف من الفشل لأنّ الله سينظر الى قلبك ويرفعك إلى الأفضل
في هذا اللقاء، أطلب منكم اخوتي وأخواتي أن تسلّموا حياتكم للرّب بحلوها ومرّها، واضعين أمام مذبحه كل همومكم ومشاكلكم.
كما نحتفل اليوم بذكرى ولادة القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع التي أصبحت معلّمة في الكنيسة، انطلاقاً من العلاقة الرّوحيّة الجميلة التي عاشتها، بناءً على كلمة الله التي سكنت بها فجعلته يظهر من خلالها إلى الخارج. فالانسان الممتلئ بحضور الله ونعمته سيفيض بها الى الخارج.
فالمجتمع اليوم بحاجة ماسّة إلى فيض من النّعم ومحبّة الله وخيراته على البشريّة. فالله يعمل من خلالنا، لكي يظهر بأنّه ما زال إله محبّة وخير ورحمة وسلام وتواضع.
إنّ الزّياح داخل الكنيسة في الاحتفالات الدينية ليس فولكلورًا، إنّما للتّأكيد بأنّ كلمة الله لم تكتب منذ 2016 سنة، بل أنّ كلمة الله حيّة وهي موجودة في وسطنا وتحاكي كل فرد منّا وتجيب على اشكاليّات الحياة لتعطي معنى جديداً لها.
واذا أردت اليوم أن أقوم بقراءة لحياتي الاجتماعية والانسانية والروحية والعمليّة الروتينيّة التي أعيشها، أجد الاجابة في كلمة الله. بطرس الذي كانت مهنته صيد الأسماك، كان ضليعاً وخبيراً وناجحاً بها. ورغم هذه الخبرة والنّجاح والكفاءة، قال "تعبنا الليل كلّه ولم نصطد شيئاً".
أحياناً كثيرة يسمح الله بأن تفشل المشاريع التي نخطّط لها، ومرّات عديدة نختبر الفشل "ونصل إلى الحضيض"، وعندها يتدخّل الله. كما نظنّ أنّنا نستطيع أن نحقّق النّجاح بالقوّة التي نتمتّع بها والخبرة، إضافةً الى السلطة والمال. فالله لا يسمح بفشلنا لأنّه يحبّ ذلك، بل لكي يرتفع بنا نحو الأفضل. نحن نستطيع بقوّة وحضور يسوع في حياتنا أن ننجح ونحقق المستحيل: مع الله نستطيع كل شيء، اذا جعلنا الله في وسطنا. لذا، نحن اليوم بحاجة أن نكرّر اختباراتنا في الحياة من أجل كلمة المسيح، وان باءت هذه التّجارب بالفشل، عندها نخسر معركة وليس الحرب كلّها. فالحياة عبارة عن حروب دائمة، والانسان عليه أن يكون في حالة مكافحة دائمة، وليس عليه أن يشعر باليأس والهزيمة؛ بل يجب أن يتّكل على كلمة الله لأنّ معه سينال النّصيب الأوفر والأفضل.
انطلاقاً من هنا، يجب أن نطرح على أنفسنا السؤال الآتي: الى أي درجة يسوع حاضر في حياتنا ومخطّطاتنا وعملنا وتطلّعاتنا؟ ويجب أن لا ننسى أنّ وجود يسوع في حياتنا أمر ضروري لنجاحنا، فالله إله الخير والفيض. فكم من المجتمعات تعيش اليوم بعيدةً عن الله على حساب العقل والسّلطة والمال؟
في الحياة سنختبر الفشل، ولكن لن نعرف قيمة الله وحضوره في حياتنا إلا في هذه المرحلة، وعندها سنقول "لأجل كلمتك ألقي الشّباك".
اذاً، نحن لا يجب أن نخاف من أن نقدّم فشلنا وضعفنا ومحدوديّتنا للرّب لأنّه لن يديننا على ذلك، بل يريد أن يملأنا بروحه وقوّته لأنّه ينظر إلى قلبنا ويرفعنا إلى الأفضل، تماماً كما جرى مع بطرس والتّلاميذ، لأنّ مع الله نحارب ونقدر على كل شيء.