الأب بو عسّاف: أبناء النّور هم حرّاس لإخوتهم
بين إنجيل الوكيل الأمين الحكيم ورسالة القديس بولس إلى أهل تسالونيكي قاسم مشترك وهو انتظار مجيء الرّب. ويميّز القديس بولس بين أبناء النّهار وأبناء الظلمة. والرّب يسوع في مثل الوكيل الأمين ميّز بين العبد الوكيل الأمين وبين العبد الشّرير. فإذا كنّا نحن من أبناء النّهار ومثل الوكيل الأمين الحكيم، ما هو المطلوب منّا؟ أن نقضي حياتنا على هذه الأرض كمن لا هدف لحياته فنأكل ونشرب ونمرح ونذبل كعشب الحقل، أم هناك مسؤولية عليّنا تحمّلها؟
أعود إلى كلمة الله في الرسالة والإنجيل لأستخلص أمورًا أربعة ترافق أبناء النّور في انتظار مجيء الرّب:
السهر :
يدعونا القديس بولس في رسالته أن نسهر ونصحُو. فالسهر هو علامة الترقّب والإنتباه لكل ما يمكن أن يدخل إلى حياتنا ويعبث بحياتنا الرّوحية والإنسانية والإجتماعية. ويدعونا القديس بولس أن نكون في معركتنا وجهادنا اليومي مثل جندي، نلبس درع الإيمان والمحبة لنحمي قلبنا محور كيان الإنسان من سهام الشرير المتربّص على أبواب قلب مجتمعنا وعائلتنا وحياتنا اليومية يتحيّن الفرصة لينقض ويخرّب علاقتنا بالله والآخرين. ويكمل القديس بولس داعيًا أبناء النّور لوضع خوذة رجاء الخلاص والخوذة تحمي رأسنا مركز العقل حيث تتولّد الأفكار والمخططات. فعندما نسهر لابسين الله فلا شيء يبعدنا عن محبة المسيح
والآخر.
البنيان وتشجيع بعضنا البعض:
في انتظار مجيء الرّب نحن أبناء النّور دعوتنا أن نشجّع بعضنا البعض لأنّ إيمان الجماعة وسند الإخوة وتشجيعهم يحفّز الآخر على المضيّ في مسيرته الرّوحيّة مهما كانت الصعوبات. فعندما قتل قايين هابيل سأله الرّب "قايين لماذا قتلت أخاك هابيل؟" فكان جوابه "أحارسٌ أنا لأخي؟". نعم، أبناء النّور هم حرّاس لإخوتهم من أجل حمايتهم والإنتباه على نموّهم الروحي والإنساني.
الأمانة:
الله أعطانا الوكالة لنحسن إدارتها، فأنا الوكيل ولست الأصيل. علينا أن نكون أمناء لأنّنا مؤتمنون على أمور لا نمتلكها نحن بل هي ملك الله. أن تكون أمينًا، أن تحسن التصرّف بكل المقدّرات التي وضعها الله بين يديك لتضعها في خدمة الإخوة والجماعة.
أن تحسن إستخدام حرّيتك فتعطي الطعام في حينه:
الله أعطانا الحرّية كهبة مجّانية لكل إنسان وعلينا أن ندرك أنّ الحرّية هي مسؤولية تجاه الله والذّات والآخر. فالكل ينتظر منك أن تعطيه شيئًا. الأم والأب يعطيان التربية في حينها لأولادهم والكاهن يعطي التعليم ويحسن التدبير ويعمل إلى تقديس النفوس وكل ذلك في حينه. والعامل يبدع ويصنع ويعمل وينتج في حينه لأنّ ربّ العمل ينتظر منه الكثير. فإذا أسأنا استخدام حرّيتنا مثل العبد الشّرّير ولم نعط الطعام في حينه نخسر نحن ونفقد الآخرين الكثير من النِعم التي يحتاجونها.
خلاصة: في مسيرتنا على هذه الأرض علينا أن نسهر ممتلئين من الإيمان والرجاء والمحبة فنكون أمناء حكماء على الوديعة التي أودعنا إياها الرّب، فنبني ما هدمه الشّرير ونشجّع الآخرين إذا ما أخطأوا فنحسن إستخدام حرّيتنا ونعطي الطّعام لمن يحتاجونه وفي حينه.