لبنان
02 آذار 2021, 12:15

الأب الياس كرم: نحن والكورونا

تيلي لوميار/ نورسات
مقتبسًا عن خبرة استقاها من أناس يعرفهم، وجّه الأب الياس كرم صرخة إلى من لم يعِ بعد مخاطر وباء كورونا، فكانت السّطور التّالية:

"أكتب هذه السّطور بعد أن سمعت أنين ليلى على الهاتف تقول بصوت خافت ونَفسٍ ضعيف: "ما عدت أتحمّل يا أبونا الوجع، جسمي مكسّر طلبولي الصّليب الأحمر لينقلني على المستشفى".  

هذه حال كثر من المصابين بجائحة الكورونا الّتي لم يستطع الطّبّ لتاريخه أن يواجه تداعياتها على المصابين والّتي أظهرت الوقائع أنّ لا قاعدة في نتائجها بين كبير أو صغير، بين المصاب بأمراضٍ مزمنة وبين صحيح البنية. سارعت فورًا للاتّصال بمركز الصّليب الأحمر الّذي أبلغني أنّ مركزًا مجاورًا سيعمل على نقلها إلى مستشفى بعبدا الحكوميّ لأنّ سياراتهم تعمل على نقل مصابين إلى مستشفيات أخرى. قبل أن أتلقّى رسالة ليلى عبر الهاتف كنت أسعى لتأمين دواء لإبراهيم الّذي خالط أحد زملائه في العمل وجاءت نتيجة فحصه إيجابيّة، وبالتّزامن كنت أشدّد عزم ميشال في مواجهة هذا الوباء وأنسّق معه لإيجاد نوعٍ من الإبر لم يعد متوفّرًا في الصّيدليّات، هذه الأحداث حصلت ضمن ساعة من الوقت، هذه السّاعة نعيشها يوميًّا ومنذ بداية جائحة الكورونا، فللحظات شعرت بالارتباك وشعرت بالضّعف والإحباط والخوف فبادرت فورًا إلى تلاوة صلوات لأجل شفائهم وشفاء كافّة المصابين بهذه الجائحة الخطيرة الّتي وللأسف لا يكترث ولا يعترف بوجودها عدد كبير من اللّبنانيّين ولذلك يتفلّتون على هواهم دون مراعاة الحدّ الأدنى من سبل الوقاية، ولاسيّما الالتزام بوضع الكمامة والتّباعد الاجتماعيّ وتعقيم اليدين بشكل دائم، ويستسهلون الأمر بكلام مبرّر لا منطق فيه ولا إدراك. يقول المثل: "ما متت ما شفت مين مات"، وبعد هذا يصحّ القول: "على مَن تقرأ مزاميرك يا داود". فبحجّة غياب الدّولة وسلطات الرّقابة وعدم اقتناع شريحة كبيرة من المواطنين بضرورة الوقاية يتفلّت الوباء ويضرب النّاس لأنّنا نتعلّل بعلل الخطايا ونبرّر لأنفسنا ما لا يجوز تبريره. كلّ إنسان في هذا الوطن مدعوّ للوقاية لكي لا يتلقّى العدوى أو ينقلها للآخرين. ألم يحن الوقت بعد إصابات ووفيات تجاوزت الآلاف جرّاء هذا الوباء من أن نصحو ونتعلّم ولا نرمي السّبب فقط على الدّولة والمسؤولين، طبعًا ليسو براء بالمطلق نتيجة قرارات غير مدروسة؟ ألم يحن الوقت لنعي أهمّيّة الوقاية؟ وهنا تستطيع العناية الإلهيّة التّدخّل اذا أحسنَّا المداراة من هذا الوباء، ولا نستطيع أن نلوم أشخاصًا أصيبوا بهذا الوباء نتيجة رعايتهم لمرضى مصابين رغم كلّ الاحتياط، ولكن في الحالات العاديّة إذا قمنا بما يلزم من وسائل الوقاية واقتحمَنا الوباء فمن الطّبيعيّ أن نسلّم أمرنا لله، وفي كلّ الأحوال تسليم أمورنا لله هو في كلّ وقت وفي كلّ حين، المهمّ أن لا نسبّب لأنفسنا الإصابة بهذا الوباء ونقول: "هيك الرّبّ بدّو". رجائي من الجميع أن يعوا مخاطر هذا الوباء واتّخاذ كلّ وسائل الحيطة والحذر من تفشّيه بشكل كبير مجدّدًا مع دخولنا إجراءات جديدة لفتح البلد. وهنا يقع على عاتق كلّ شخص ضرورة الانتباه إلى أيّ عارض صحّيّ يشعر به للمبادرة فورًا إلى حجر نفسه وخصوصًا عن أهل بيته وجيرته وزملائه وأصدقائه ومعارفه، وأن لا يقصد أماكن للتّجمّعات حتّى لا ينقل الوباء ويقضي على كلّ الأحبّاء عندها يكون البكاء وصريف الأسنان.  

دعائي إلى الله أن يشفي جميع المصابين ويحمي الأصحّاء ويعضد الطّواقم الطّبّيّة السّاهرة على رعاية المصابين، فمريض الكورونا بحاجة إلى عناية إلهيّة وطبّيّة وبحاجة إلى صبر ومعنويّات عالية يستمدّها من المحبّين لكي تقطع هذه المرحلة بأقلّ أضرار ممكنة، "الطّويل الأناة يصبر إلى حين، ثمّ يعاوده السّرور"".