لبنان
16 آذار 2021, 08:50

الأب الياس كرم في ذكرى تأسيس حركة الشّبيبة الأرثوذكسيّة: صار عمرها 79

تيلي لوميار/ نورسات
في الذّكرى التّاسعة والسّبعين لنشأة حركة الشّبيبة الأرثوذكسيّة، يتشارك الأب الياس كرم مع قرّاء موقعنا ما تعلّمه من هذه الحركة، وما تصبو إليه بخاصّة في سبيل النّهضة، فكتب:

"نؤمن بعمل الرّوح القدس ونؤمن أنّنا "به نحيا ونتحرّك وتوجد" ونؤمن أنّنا تحت التّعليم، ونؤمن أنّ الله يتحرّك في أشخاص ليحرّكوا مجموعات ومجموعات. هذا فعلاً ما عرفته أنطاكية منذ 79 سنة حيث انسكب الرّوح في مجموعة شباب نهضويّين عزَّ عليهم الكسل الرّوحيّ في كنيستهم الأرثوذكسيّة. تمخّضت الأفكار فكانت ولادة حركة الشّبيبة الأرثوذكسيّة بتاريخ 16 آذار 1942 والّتي لم يبقَ على قيد الحياة من مؤسّسيها سوى المطران جورج خضر أطال الله في عمره وقدّس شيخوخته الصّالحة.

إنخرطتُ في هذه الحركة المباركة سنة 1986 وكانت من نِعم الله عليَّ بحيث شربت من نبعها الشّيء الكثير، وفهمت أنّ الكنيسة ليست الحجارة والطّقوس والأيقونات والتّراتيل والأعياد والأكاليل والعمادات والمآتم وقرع الأجراس، إنّما الكنيسة هي الأخ الصّغير، هي الآخر في حزنه وفرحه، في عسره ويسره، في خطيئته وتجلّياته. لقد علّمتني الحركة أنّ الرّعاية هي أساس النّهضة الرّوحيّة واقتحام البيوت في سبيل نشر الكلمة الإلهيّة عملٌ مقدّس. حرّكت فيّ أهمّيّة الالتزام بالصّلوات اليوميّة وقراءة الكتاب المقدّس، وكانت منشورات النّور الوِجهة الّتي صبونا إليها لنغرف من معينها المعلومات، فثقّفنا أنفسنا بتوجيهات مرشدين وآباء روحيّين نذروا أنفسهم لخدمة الكلمة.

علّمتني الحركة أنّ العمل الكنسيّ والهمّ الحركيّ من أولويّات حياتنا النّهضويّة، وهذه التّعاليم حفّزتنا لكي نساهم في افتتاح فروع حركيّة في رعايا متعدّدة من أبرشيّة هذا الجبل الّذي تربّع على قيادته الرّوحيّة المرشد والملهم الرّوحيّ الدّائم للحركيّين سيادة المطران جورج لسنوات وسنوات قبل أن يستعفي من هذا المنصب، ولكنّه في تعاليمه وفكره النّيّر وثقته المطلقة بالشّباب ومحبّته لهم، سيبقى قُبلة إلهامنا.  

وجوهٌ ووجوه مرّت على الفروع والفِرق الحركيّة، إخوة مرّوا مرور الكرام وإخوة ثبتوا في العمل والمساهمة في النّهضة الكنسيّة، وهنا تحضرني عبارة قالها أحد الأخوة المرشدين إنّ الشّخص الّذي يترك الحركة انفعاليًّا هذا لم يفهم قدسيّة انتمائه. إخوة تعدّت عضويّتهم الحركيّة للانخراط في الرّهبنة والسّلك الكهنوتيّ وإلى أعلى المراكز. إستطاعت الحركة أن تغيّر المعادلة في الكنيسة إيجابًا، وكما ردّد المطران جورج على مسامعنا أنّ  ما قام به المؤسّسون في البداية هو نفض الغبار عن الكتب التّعليميّة الّتي غطّتها السّنوات في الخزائن نتيجة العقم الرّوحيّ الّذي خلّفه الجهل التّعليميّ لبعض القادة الكنسيّين الّذين أهملوا الوديعة والرّعاية وأخذتهم الدّنيويّات. خوفي اليوم أن لا ينزلق الأخوة الحركيّون في متاهات هذا الدّهر الفاني وننزلق معهم. لم تخطئ الحركة في تعليمها وفي نشر روح النّهضة، ولا تُلام على سقطات من هنا أو هناك، فالحركة لا تقاس بشخص أو مجموعة إنّما تقاس بنتاجها عبر السّنوات، والأهمّ من هذا أن لا نستكبر بفرط الإعلانات ونعي أنّ "الْجَمِيع أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ". نحن مدعوّون اليوم أكثر من الأمس وبإلحاح إلى بثّ روح النّهضة بشكلٍ فعّال لأنّ الشّرّ يحاربنا بأنواع متعدّدة، فالكسل والخوف والفتور في المحبّة ممنوع، والعطاء مغبوط، والصّحو الرّوحيّ مفروض، والتّعاون والتّنسيق بين المراكز والفروع مطلوب، وتبادل الخبرات في مواجهة الأزمات ضروريّ، وإيلاء شؤون المنكوبين والمعوزين الأولويّة منعًا لاستغلالهم من المهرطِقين والمقتنصِين. علينا في هذه الحركة المباركة، والّتي بهمّة أعضائها لن يمسّها الشّيب مع هذه السّنوات، رغم أنّ الشّيب في النّاس هو الفطنة، علينا أن نخلع عنّا دائمًا ثوب العتاقة ونتجدّد بنعمة الرّوح القدس، وبتشديد عزم الجيل النّاشىء وتثبيت خطاه في الرّعاية ليستطيع قيادة هذا العمل بإخلاص وبروح إيجابيّة لكي يقودوا العمل الحركيّ بوثبات متجدّدة ومشرقة لأجل أن يبقى نور المسيح مضيئًا للجميع، فلا نكمَّ ثورًا دارسًا. على الحركة أن تبقى حاملة لواء التّواصل والتّفاعل مع حركات مشابهة لها في كنائس شقيقة ونعيش معهم الوحدة ضمن التّنوّع. المطلوب الكثير من حركة الشّبيبة الأرثوذكسيّة في سبيل النهضة وخصوصًا إبقاء الشَّركة مع الأخوّة الّذين هاجروا وتغرّبوا، ونسعى مع الباقين لتثبيت أقدامنا في هذه البقعة الأنطاكيّة المنكوبة في سوريا ولبنان، ومواجهة التّحدّيات حاملين مصلوبيّتنا بإخلاص وتواضع حتّى نعيش معنى القيامة الحقيقيّ. فإلى سنين عديدة ومديدة إلى الأخوة الحركيّين، إحملوا بعضكم أثقال بعض وتقوّوا بالنّعمة المعطاة لكم من لدن الله، "وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ." (مت 10: 28)".