لبنان
29 آذار 2021, 11:50

الأب الياس كرم: غريب أمر النّاس!

تيلي لوميار/ نورسات
ها هي الكنائس اليوم تشتاق إلى أبنائها بخاصّة في هذا الزّمن المبارك، زمن الصّوم المقدّس، وها هم يتوقون إلى العودة إلى زواياها ليرفعوا صلواتهم منها إلى الله، لكنّ الوضع الصّحّيّ لا يزال يفرض نفسه واضعًا شروطًا لحضور الجماعة المؤمنة إلى الكنيسة، خوفًا على صحّتّهم ومنعًا لانتشار الوباء أكثر.

وعن هذا الموضوع بالتّحديد، اختار الأب الياس كرم أن يوقّع مقالاً جديدًا عبر موقعنا حيث كتب:

"منذ سنة ونيّف نعيش حالة غير مستقرّة على صعد متعدّدة ولاسيّما على صعيد الحياة الكنسيّة. لا صلوات مكتملة ولا خِدم متكاملة ولا أوقات منتظمة. نعيش ونقرّر يومًا بيوم وهذا كلّه ناتجٌ عن الوباء الّذي حطّ رحاله على البشريّة جمعاء.  

أضف إلى الحَجر ومنع التّجوّل والمظاهرات وإقفال الطّرقات،  ناهيكم عن أزمات إقتصاديّة وأمنيّة ونفسيّة. كل ذلك انعكس سلبًا على التزام المؤمنين بمشاركتهم في الحياة الكنسيّة الطّبيعيّة.

عشنا زمن الصّوم الكبير السّنة الفائته معموديّة الدّموع الّتي فرضتها علينا إجراءات الوقاية الإلزاميّة. وكانت شريحة كبيرة من أبنائنا تتألّم لعدم السّماح لهم بالمشاركة في الصّلوات ولاسيّما صلوات الصّوم الأربعينيّ المقدّس والأسبوع العظيم والفصح المقدّس. وأذكر هنا أنّه أدمعت عيناي في أحد الشّعانين لعدم مشاركة الأطفال وأهلهم، وهذه السّنة أيضًا فُرض علينا أن نعيش موانع الاحتفال بهذا الموسم المبارك، والاكتفاء بنقلها عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ، وبالتّالي نحن على موعد مجدّدًا مع انهمار الدّموع كبارًا وصغارًا.  

أخوتي المؤمنين مشاركتكم بالحياة الكنسيّة لا تقتصر على هذا الزّمن المبارك، وأبواب الكنيسة مشرّعةٌ لكم على مدار السّنة في الأيّام الطّبيعيّة، فأين أنتم من حياة الكنيسة خارج زمن الأسبوع العظيم والفصح المقدّس. أين النّاس عندما يُسمح بالمشاركة النّسبيّة في الصّلوات، أين هم في صلوات الصّوم. ويسألونك منذ الآن عن خدمة جنّاز المسيح، واذكر هنا أنّ معظم الكهنة تفاجأوا بمشاركة المؤمنين الكثيفة في هذه الخدمة المميّزة ولم يعد بالإمكان الاستيعاب، رغم قرارات التّعبئة العامّة، في حين أنّ هناك صلوات توازي هذه الخدمة جمالاً والنّاس غائبة.

غريب أمر النّاس، عندما يُسمح بنسبة معيّنة من المشاركة في القدّاس وسائر الصّلوات تُفتش عن الحضور فلا يتخطّون أصابع اليد، وإذا مُنعت المشاركة نتيجة التّعبئة العامة، يتهافتون ويزايدون حول موضوع إقفال أو فتح الكنائس، (حيّرتونا بأمركم).

أيّها المؤمنون الأحبّة عليكم بالعدل في مشاركتكم بالطّقوس الكنسيّة، ولا تكونوا موسميّين، نظّموا مجيئكم ضمن العائلة الواحدة وبشكل مداورة. لا تحرجوا الكهنة الّذين هم مؤتمنون على خلاصكم والحفاظ على صحّتكم. إخضعوا للتّدابير الوقائيّة الّتي تضعها الكنائس للمشاركين في الصّلوات.

مشكلة الوباء لن تُحلّ بليلة وضحاها. علينا بالتّعايش معها، ولاسيّما في حياتنا الكنسيّة. إنّ هذا الوضع الّذي نعيشه يسبب الحزن والتّعاسة للكهنة، الّذين همّهم الرّعائيّ أن يتشاركوا مع أبنائهم في الصّلوات، فأتى هذا الوباء ليفرمل ويعرقل مجيء النّاس إلى الكنيسة، ويمنعنا من ممارسة شعائرنا الدّينيّة ويعيق إقامة سائر الاحتفالات بما فيها العمادات والأعراس والمآتم.  

كهنة الرّعايا يلتزمون كسائر المواطنين بالقرارات الّتي تصدر عن لجنة الكورونا، وأيضًا بتوجيهات السّلطات الرّوحيّة. فإذا التزمنا بخارطة الطّريق المتبّعة للوقاية، نستطيع عندها أن نمارس طقوسنا الكنسيّة من دون إحراج ومن دون موانع.  

لا تعيشوا المثل القائل: كلّ ممنوع مرغوب. نسّقوا مجيئكم إلى الكنيسة مع كاهن رعيّتكم وليس حصرًا في الأسبوع العظيم والفصح المقدّس إنّما على مدار التّعبئة العامّة، وبذلك تستقيم الأمور دون مزايدات أو نقصان. "وَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ بِلِيَاقَةٍ وَبِحَسَبِ تَرْتِيبٍ." (1 كو 14: 40)".