الأب الياس ابراهيم يحتفل بقدّاسه الأوّل
وبدوره ألقى الأب ابراهيم كلمة شكر فيها المطران درويش على رعايته الأبويّة، وكلّ الحاضرين على مشاركتهم الفرحة، كما توجّه بالشّكر الخاصّ لوالديه وزوجته، وقال :
"نظر يسوع إلى الشّاب الغنيّ، فأحبّه، وقال له: "اتبعني". وما زال حبّ المسيح يتغلغل في نفوس شابّة، حرّكتها نظرة المسيح الثّاقبة، النّافذة. إنّ نظرة المحبّة هذه هي دعوة إلى الاتّباع والسّير وراء المعلّم.
إنّ دعوة الله هذه لا تتقيّد ولا تتّحد بظرف أو بمكان، ولا بزمان أو إنسان دون سواه، إنمّا هي دعوة مجّانيّة مفتوحة لكلّ إنسان، وهي موجّهة للقلب المتواضع، الخاشع، المصغي، وطالما وقعت تلك البذرة في ذاك القلب الخصب، تحتّم الاعتناء بها، لكي تنمو وتكبر، فتغدو شجرة مثمرة، يستظّل بها ويتغذّى منها كل عابر سبيل.
لقد خلقنا الله أناسًا عقلاء، ومنحنا الكرامة لنكون نحن المبادرين والمسيطرين على أفعالنا، أيّ أن نكون أحرارًا في كلّ عمل نريد أن تقوم به، فإلى أين ننظر؟ وإلى أين نذهب؟ هل نتساءل ما هو مستقبلنا في وسط الصّعوبات والرّياح والعوائق؟ هل نريد أن نبدأ طريقًا جديدة؟ هل نريد أن نحلّق عاليًا؟ هل نريد أن نشقّ مستقبلاً جديدًا في حياتنا؟ لقد قال الرّب الإله: "قبل أن أصوّرك في البطن عرفتك، وقبل أن تخرج من الرّحم قدّستك، وجعلتك نبيًّا للأمم". دعا الله على مَرّ الحياة أشخاصًا كثيرين ليكونوا تلاميذه، فالكتاب المقدّس بعهديه، مليء بهذه الشّخصيّات التي سمعت نداءه وأجابت: "نعم، يا ربّ، هاأنذا. فها هو إبراهيم يلبّي دعوة الله، وكذلك يعقوب وموسى وجميع الأنبياء، وها بنا نصل إلى مريم العذراء التي هي أعظم مثال لنا بتلبية دعوة الله لها، إذ لم تتوانى بأن قالت نعم، فامتلأت نِعَمْ. ولا ننسى أيضًا تلاميذ السّيّد المسيح. أمّا في عالمنا اليوم، فإننا نرى الكثيرين من الشّباب في العالم كلّه يلبّون دعوة الله لهم. فها هم يضعون حياتهم بين يدي الله، واثقين به، مُتَحَدّيْن كلّ الصّعوبات التي تواجه مسيرة دعوتهم من: خوف وخجل من الآخرين. إنّ الله يدعو الجميع ولكنّ دعوته خاصّة لكلّ فرد، لكلّ شابّ وشابّة، فالبعض مدعوّ إلى الحياة الزّوجيّة، والبعض إلى الحياة الكهنوتيّة أو الرّهبانيّة. فهائنذا اليوم دعوة حديثة في الكهنوت أكرّس ذاتي وحياتي في خدمة النّفوس المحتاجة إلى الله إالى الذين هم قريبين وبعيدين عنه أيضًا. "فاسألوا ربّ الحصاد أن يرسل عملة إلى حصاده"." فهذه البلدة الحبيبة مشغرة خرّجت منها شابًا فتيًّا طموحًا وأعود إليها اليوم كاهنًا مصلّيًا خادمًا أمينًا للكنيسة ولأبناء بلدتي التي عرفتها منذ الصّغر بتنوعّها وتلوّنها ونسيجها المسيحيّ الإسلاميّ الذي عزّز فيّ روح المحبّة والتّعاون والصّداقة والانفتاح مع كلّ أقطاب المجتمع اللّبنانيّ السّياسيّ والاجتماعيّ والطّائفيّ فأنا فخور لأنّي من طينة هذه البلدة جُبلتُ ومن مائها شربت فرُويَت عظامي وشرايين قلبي من شذا أريجها الوطنيّ الصّادق. كيف لا وأنا عايشت المثلّث الرّحمات المطران سليم غزال رسول العيش المشترك والمبشّر به. فكان رجل الصّلاة والإيمان والتّواضع."
وختم الأب ابراهيم قائلاً "ندخل غدًا وإيّاكم مسيرة الصّوم الأربعينيّ المقدّس الذي من خلاله نرتقي إلى عالم السّماء والنّقاء والبهاء مبتعدين عن ملذّات هذه الحياة الفانية فوصيّة الله لنا اليوم في إنجيل القدّيس متّى الذي تُلِيَ علينا: «إِن غَفَرتُم لِلنّاسِ زَلاَّتِهِم، يغفِر لَكُم أَيضًا أَبوكُمُ ٱلسَّماوِيُّ زَلاَّتِكُم. وَإِن لَم تَغفِروا لِلنّاسِ زَلاَّتِهِم، فَأَبوكُم أَيضًا لا يَغفِرُ لَكُم زَلاَّتِكم فالصّوم دون المغفرة والعودة الى الذّات والضّمير وتنقيته لا يكون قد تمَّ.
وَإِذا صُمتُم فَلا تَكونوا مُعَبِّسينَ كَٱلمُرائين. فَإِنَّهُم يُنَكِّرونَ وُجوهَهُم لِيَظهَروا لِلنّاسِ صائِمين. أَلحَقَّ أَقولُ لَكُم: إِنَّهُم قَد نالوا أَجرَهُم. أَمّا أَنتَ فَإِذا صُمتَ، فَٱدهُن رَأسَكَ وَٱغسِل وَجهَكَ، لِئَلاَّ تَظهَرَ لِلنّاسِ صائِمًا بَل لِأَبيكَ ٱلَّذي في ٱلخُفيَة. وَأَبوكَ ٱلَّذي يَنظُرُ في ٱلخُفيَةِ هُوَ يُجازيكَ عَلانِيَة. ويوضح لنا نمط الصّوم وطريقة عيشه وتطبيقه مبتعدين عن الكبرياء والتّباهي والتّظاهر في حياتنا بل أن نحيا الصّوم في الخِفية في حضور الله وبِوَعيٍ روحيّ وحكمة لننال النّعمة والبركة من الله حتّى نستحقّ الوصول الى يوم القيامة المجيدة ونُعلن سويّةً المسيح قام...حقاً قام."