لبنان
28 تموز 2025, 14:00

الأباتي رزق للكاهن الجديد أبو ملهم: لا تخف لأنّك مبارك من الرّبّ

تيلي لوميار/ نورسات
في قدّاس الشّكر الّذي احتفل به الرّئيس العامّ للرّهبانيّة المارونيّة المريميّة مع الكاهن الجديد الأب الياس أبو ملهم الّذي نال سرّ الكهنوات يوم الجمعة، بوضع يد راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبد السّاتر، ألقى الأباتي إدمون رزق كلمة، في كنيسة دير سيّدة اللّويزة- زوق مصبح، قال فيها:

"نحن اليوم، في الأحد الثّامن من زمن العنصرة، زمن الرّوح وزمن الأعمال، وقد أعطته الكنيسة المارونيّة عنوانًا كبيرًا، سأنطلق منه في كلمتي، وهو "روحانيّة الرّسول". وكأنّنا بقراءات اليوم، ندخل قلب الله في اختياره للرّسل. ها في القراءة الأولى، نسمع نشيد عبد الرّبّ، وفيه تلمسنا كلمات هي وصايا، لا بل مزايا ومسؤوليّة للكاهن، إذ يقول "أنا الرّبّ دعوتك في البرّ وأخذت بيدك، وجعلتك نورًا للأمم، لكي تفتح العيون العمياء وتخرج الأسير من السّجن، والجالسين في الظّلمة من بيت الحبس." (أش 43: 6-7) هذه دعوة الكاهن السّامية، دعوة نضال في خدمة وخلاص البيعة، وأيضًا في خدمة من يبحثون عن الله وهم بعد لا يدركون أنّ الخلاص هو بيسوع المسيح.

اليوم، أيّها الكاهن الجديد، الأب الياس أبو ملهم، أتينا معك، في هذا القدّاس، على ضريح المؤسّس، المثلّث الرّحمة، المطران عبدالله القراعلي، نشكر الله على ائتمانك لهذا السّرّ العظيم، سرّ الكهنوت. وفي هذا التّقليد الرّهبانيّ العريق، نأتي معًا، رهبانيّةً وأهلًا وأحبّاء وأصدقاء، إلى هذا المقرّ، ضريح المؤسّس في دير سيّدة اللّويزة، لنشكر الرّبّ ونأخذ بركته ونطمئن قلب المؤسّس أنّ الرّهبانيّة الّتي حلم بها واجتهد في تثبيتها، وفنى عمره من أجل استمراريّتها، هي بخير؛ لا تزال تثمر رهبانًا وكهنةً يسيرون على الخطى الّتي رسمها بقلبه وفكره وحياته، من أجله ومن أجل من سيختارون درب الرّهبانيّة درب خلاص لنفوسهم ولنفوس الكثيرين.

أيّها الأخ الحبيب في الرّهبانيّة، والأب الجديد في المسؤوليّة، أبونا الياس أبو ملهم، ليس صدفةً أن تنطلق في حياتك الكهنوتيّة، اليوم، حين نتأمّل بروحانيّة الرّسول، فإنّ الرّبّ يناديك ويثق بمقدرتك؛ فهو الّذي أخذك بيدك، وأنار طريقك، وأعطاك الموهبة كي تنادي باسمه وتصلّي لشعبه وتبارك المؤمنين به، وتنير عيون العميان البعيدين عن حبّه، وتسمع وجع المتألّمين، وتكلّمهم بكلمته ليشفوا. وهذه الخدمة، تجعل منك عظيمًا إن تحياها بالتّواضع والفقر والتّجرّد من أجل المسيح.

اليوم، على صخرة قراعلي حيث نشأت رهبانيّتنا، وارتوت من روحه وصلاته ودموعه، يتحقّق حبّ القراعلي وحلمه براهب جديد، كاهن، يسير بفخر وعزّة طريق بذل الذّات وإرضاء الرّبّ من أجل خلاص البشر.

ورغبة مؤسّس الرّهبانية هي رغبة حياة طاهرة، مثمرة في المسيح، كما يقول القدّيس بولس في رسالته إلى أهل روما "رغبة الرّوح حياة وسلام".

إنّ الطّريق ليست بسهلة يا أخي الحبيب، ولا نعدك أنّها طريق ورود دون أشواك، لكنّك ستكتشف حلاوة الأشواك في جمال الورود، عندما تسير مع يسوع ولأجل يسوع وفي خدمة من يحبّهم يسوع. وأنت أدركت أنّك كي تكون عظيمًا عليك أن تخدم بفرح عظيم. لا تخف لأنّك مبارك من الرّبّ، وهو لا يتركك في وسط الطّريق. ونحن معك في مسيرتك الكهنوتيّة كما نحن معك في المسيرة الرّهبانيّة. فلا تطمح لأقلّ من الكمال والنّقاوة والقداسة!

أيّها الكاهن الجديد،

إنّ مؤسّسنا يفرح اليوم فيك، وكلّ قدّيسي رهبانيّتنا يشكرون في السّماء ويمجّدون الله، ويفتخرون بك. تمامًا مثلنا، نحن الّذين رافقناك في مسيرتك الرّهبانيّة ونشهد على سعيك الدّؤوب ومحبّتك لله ولأبناء البيعة.

​إنّ سرّ الكهنوت، الّذي قبلته، هو سر عظيم في تواضعه، لأنّه سرّ الخدمة وغسل الأرجل وإطعام أهل البيت، لكنّه أيضًا يعظّم شأن الكاهن، لأنّه يحمل بين يديه من ترهّبه الملائكة، فافرح يا أبونا الياس لأنّك ستحمل الله بين يديك كلمةً وقربانًا إلى شعب الله، وسترفع أيضًا الكنيسة جسده السّرّيّ.

في إنجيل هذا الأحد، دعوة للتّبشير بالحقّ، و"الحقّ يصل إلى النّصر". وهذا ما تحتاجه كنيسة اليوم، أن نبشّر بالحقّ وننتصر به. فطوبى لك أيّها الكاهن الجديد إذا أدركت أهمّيّة دورك في مشروع الله الخلاصيّ، والرّوح القدس لن يتركك في رغبتك بخدمة المسيح ومحبّيه. فلا تخف أن تذهب حيث يأخذك الرّوح، ولا تتوان في المحبّة والخدمة، حبًّا بالمسيح.

أنت تنتمي إلى سلالة القراعلي، الجبّار في الحبّ والتّجرّد والخدمة في سبيل الكلمة، وهذه الرّهبانية تصلّي لك ولرسالتك الجديدة مع مؤسّسها ورهبانها ونسّاكها وقدّيسيها منذ التّأسيس حتّى اليوم. اسلك في النّور، واحمل يسوع المسيح بفخر إلى الأمم لأنّها "تجعل فيه رجاءها"، وليكن كهنوتك مصدر فخر للكنيسة. إنّ طريق القداسة هي طريق خدمة وفرح وتجرّد من كلّ شيء، ما عدا الله. أبق نظرك على يسوع، فلا تضلّ في الطّريق، ولا تقدر التّجارب عليك، مهما قست.

أوصيك أن تتجدّد كلّ يوم بمحبّة المسيح، وأضعك بين يدي الرّبّ، وفي ظلّ جناحي سيّدة اللّويزة، الأمّ السّاهرة، وأصلّي كي تبقى كاهنًا جديدًا، تفرح بكهنوتك، ولا تملّ أن تتعب في خدمتك. هنيئًا لرهبانيّتنا وللكنيسة! آمين."