لبنان
27 تموز 2023, 06:30

الأباتي إدمون رزق: أعاهدكم أنّ الرّهبانيّة لن تتخلّى عن دورها وسنبقى كما كنّا سندًا للمظلوم وصوت الحقيقة المدوّي

تيلي لوميار/ نورسات
رفع الرّئيس العامّ الجديد للرّهبانيّة المارونيّة المريميّة الأباتي إدمون رزق الشّكر لله، مع مجلس المدبّرين العامّين الجدد، في قدّاس احتفاليّ ترأّسه في دير سيّدة اللّويزة- زوق مصبح، بحضور لفيف من الرّهبان وجمع من المؤمنين.

وللمناسبة، ألقى رزق كلمة قال فيها: ""روحُ الرّبّ عليّ، ولهذا مسحني لأبشّر المساكين، وأرسلني لأنادي بإطلاق الأسرى، وعودة البصر إلى العميان، وأطلق المقهورين أحرارًا."

في هذا الأحد التّاسع من زمن العنصرة، نتأمّل في هذه الآية من سفر أشعيا قرأها الرّبّ في مجمع النّاصرة، مدينة نشأته، روح الرّبّ عليّ مسحني وأرسلني، هو روح الرّبّ عينه الّذي حلّ على رهبانيّتنا المارونيّة المريميّة منذ لحظة التّأسيس، منذ أكثر من ثلاثماية وثمانية وعشرين عامًا، أحبّها، فأرادها أداة خلاص، تنادي بإطلاق الأسرى تكبّلهم سلاسل المادّيّة القاتلة وجشع الاستهلاك، وتعلن عودة البصر إلى من أعماهم فخر هذا العالم عن الحقيقة والحياة، فابتعدوا وضلّوا، وتطلق المقهورين إذ تحرّرهم من قهرهم وعبوديّتهم وتفتح عيونَهم من جديد إلى نور الملكوت وحبّ المسيح المحرّر.

بهذه الأمانة لروح الرّبّ المحرّر والمحيي، قبلتُ اختيار إخوتي الرّهبان لي لأكون أبًا عامًّا، لأقبل عن غير استحقاق نعمة الرّبّ المحيية تقودني في خدمة رهبانيّة أحبّها الرّبّ فدعاها، وفي حشا وادي قنّوبين كوّنها، وكان لها الرّاعي والرّفيق على مرّ القرون الثّلاثة والنّيّف، لتكون إناء ينضح برائحة المسيح العذبة والخلاصيّة.  

لقد اتّخذت شعاري، لحظة اختارني إخوتي الرّهبان لأكون على رأسهم وفي خدمة، "الرّهبانيّة المارونيّة المريميّة، لقاءٌ وانطلاق"، فخدمتي بإذن الرّبّ سوف تكون بأسرها مكرّسة لحدث اللّقاء الدّائم بين رهبانيّتنا والرّبّ المحبّ الّذي اختارها فكانت، ومن هذا اللّقاء بيننا وبين الله الثّالوث عبر حياة صلاة واتّحاد به، ننطلق لنحيا سرّ اللّقاء بين بعضنا البعض، لنكون كلُّ واحدٍ للآخر العضد والسّند والرّفيق، لنصبح كما شاءنا المؤسّسون، جسمًا واحدًا صلبًا متعاضدًا، في خدمة الكنيسة وشعب الله. من لقائنا ننطلق، لنعلن، ونبشّر ونخبر كم أنّ الرّبّ رحوم، محبّ، هو الفادي وبه وحده الخلاص.

أرفع الشّكرَ باسم الآباء المدبّرين الجدد الأباتي بيار نجم والأب جهاد يونس والأب جان مارون الهاشم والأب سمير غصوب وبإسمي الشّخصيّ، من أجل رهبانيّتنا ومن أجل رهبانِها، على تعبهم وخدمتِهم لشعب الله في أديارنا ورسالاتِنا ومدارسِنا وجامعتِنا، يُسهمون في بناء الإنسان، بصرف النّظر عن دينِه أو انتمائِه أو معتقدِه، ينشرونَ المحبّةَ ويعلنون حبَّ الله للإنسان.

أرفع الشّكرَ لحبرنا الأعظم، قداسة البابا فرنسيس، الّذي رافق رهبانيَّتنا بعنايته الأبويّة والمُحبّة، كما أشكر أبانا وراعينا، وسليل رهبانيَّتِنا، صاحبَ الغبطةِ والنّيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي الكلّيّ الطّوبى، على محبّته وصلاتِه وعنايته، فنحن نعلم أنّ في قلب سيّدِ بكركي محبّةً لا تفتُر لرهبانيّة صارت لنا أمًّا وأحبّتنا حتّى المنتهى.

وأشكر صاحبَ السّيادة، حضرة المفوّض الحبريّ، المِطران حنّا علوان السّامي الاحترام، الّذي رافق رهبانيَّتنا بحكمته وهدوئِه، كما بصلاتِه وأبوّته.

مع إخوتي الرّهبان أشكر الأباتي بيار نجم القبطان، الحكيم صاحب الوزنات العشر، الّذي قاد رهبانيّتنا إلى الميناء الأمين، واكتسب محبّة الجميع، فللرّبّ نصلّي لكي تبقى لنا وللكنيسة زخرًا روحيًّا، تعطي بصمت ومجّانيّة على مثال أمّنا مريم العذراء.

أرفع الشّكرَ من أجل عائلتي، من أجل أمّي، معلّمتي في حبّ الله وأمّه مريم، وإلى روح والدي الّذي ما انفكّ يرافقني بالشّفاعة من حيث هو، إلى جانب عرش الحمل. بصلاة والديّ صرت ما أنا عليه، كاهنًا راهبًا يعلن حبّ الله للعالم. بارككم الرّبّ وأعطاكم دومًا فرحَ حضورِه ومحبّتِه وسلامِه.

لا بدَّ لي أن أشكر محبَّتكم جميعًا الحاضرين فيما بيننا ...

كما أشكر أصحابَ السّيادة الحاضرين، ومن أوفد ممثّلاً عنه، كما الرّؤساء العامّين والرّئيسات العامّات، صلاتُكم هي المتكأ.

الشّكر أيضًا إلى السّادة رؤساءِ الأحزاب، والقياداتِ العسكريّة، وأصحابِ المعالي والسّعادة، والفاعليّات جميعًا وممثّيلهم، والأصدقاء الحاضرين فيما بيننا بالجسد، موجّهًا تحيّةً قلبيّة لكلِّ من تغيّب وهو متحّدٌ معنا بالرّوح.

أشكر جميع العاملين في مؤسّساتنا وأديارنا، على تعبهم وتضحياتهم وروح الانتماء الّتي ما بخلوا بها يومًا.

أشكر أبناء بلدتي رعشين والرّعايا الّتي خدمتها في زوق مصبح أدونيس ومار بطرس كريم التّين ودير شمرا.

أشكر بنوع خاصّ رابطة الأخويّات في لبنان عائلتي الجديدة الّتي علّمتني حبّ الرّسالة، وحبّ الجماعة، ومعنى التّضحية وفرح اللّقاء وقد شرّفني مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك بانتخابي لثلاث دورات متعاقبة مرشدًا عامًّا لها، هكذا تعرّفت على كنيسة لبنان المصلّية وزرت معظم الرّعايا فيها، لأعلن أنّ لبنان أرض صلاة وقدّيسين، لهم في قلبي مشاعر الحبّ وسأحملهم دائمًا في صلاتي كما هم فاعلون.

إتّحادُنا اليوم حول جسد الرّبّ الإفخارستيّ يكتمل عبر الأثير التّلفزيونيّ ووسائلِ التّواصل الاجتماعيّ، وهنا لا بدَّ لي أن أشكر جميعَ وسائلِ الإعلام الّتي تتولّى نقلَ قدّاسَ الشّكرِ هذا، دمتم رسلاً في خدمة الحقيقة والبشارة.

أعاهدكم اليوم أنّ الرّهبانيّة لن تتخلّى عن دورها الوطنيّ والاجتماعيّ، فهي في صلب صنع القرار، فالسّياسيّ الحكيم والنّاجح هو من يضع نصب أعينه كلام الإنجيل المقدّس. فلبنان بحاجة لنا، والرّهبانيّة ستبقى بتناغم كامل مع رأسها، وتسير بخطّ بكركي وسيّد بكركي، فلبنان يبنى بالعمل والكدّ لا بالكلام والثّرثرة. الرّهبانيّات المارونيّة مدماك أساس في بناء الوطن، ولن نتخلّي أبدًا عن هذا الدّور، وسنبقى كما كنّا في حضور الدّولة وغيابها سندًا للمظلوم وصوت الحقيقة المدوّي.

باركنا الرّبُّ وبارك وطَنَنَا، وطنَ الرّسالةِ، وبارك الرّبّ رهبانيَّتنا المارونيّة المريميّة، بنشئها وكَهنتها وكبارِها، بأديارها ورسالاتها ورعاياها ومؤسّساتها، رحم موتاها ووهبنا أن نبقى دومًا كما كنّا طيلةَ القرون الثّلاثة الأخيرة، حالة لقاء وحدث انطلاق، نعلن من خلاله للكون بأسره خلاص المسيح وبشرى إنجيله. آمين."