ابراهيم: التّواضع والبساطة هما الطّريقة الصّحيحة لإحراز التّقدّم في حياتنا الرّوحيّة
فالفرّيسيّ الّذي اعتمد على تفضيل نفسه وصلفه بأفعاله الصّالحة، قد غرق في الكبرياء والاعتزاز بذاته. مرضه يشبه مرض كثيرين في أيّامنا وهو تضخّم الأنا. نحن نسمع في لغة الطّبّ عن مخاطر تضخّم القلب والشّرايين والكبد وأعضاء الجسد. هكذا يصيبنا مرض تضخّم الأنا أي الكبرياء أو انتحار الأنا. أمّا العشّار الّذي عرف ضُعفه، وشخّصَ وعاين أمراضه بالانسحاق لم ييأس من رحمة الله وتوجّه إلى السّماء بقلب مُستَجْدٍ يستنجد بالله معترفًا بخطاياه.
في هذا المثل، يُظهر الله لنا أنّ التّواضع والبساطة أمامه هما الطّريقة الصّحيحة لإحراز التّقدّم في حياتنا الرّوحيّة. إنّ الاعتراف بخطايانا والاعتماد على رحمة الله يجعلاننا أكثر وفاءً للفضائل المسيحيّة والقيم الإنسانيّة."
وعلى ضوء ذلك، دعا ابراهيم إلى عيش التّواضع اقتداءً بالعشّار، وقال: "أيّها الأحبّاء لنعش حياتنا بتواضع العشّار ولنبنِ مع الله صداقة روحيّة فيها محبّتُه ومخافته أساسان للحصول على نعمه وبركاته. هلمَّ بنا نقَرَعُ عَلَى صَدورِنا قَائِلين: اللّهُمَّ ارْحَمْنِي، أَنَا الْخَاطِئَ. كيما إذا فعلنا هذَا نعود اليوم من هذه الكاتدرائيّة إِلَى بَيوتنا مُبَرَّرين، لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ، وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ."
وإختتم عظته بالقول: "فلنقتدِ دومًا بمثَلِ هذا العشّار الّذي اعترف بضعفه وتوجّه بقلب منسحقٍ إلى الله، ولنستمرّ في السّعي إلى الكمال بالصّلاة والتّوبة. اللهم ارحمنا وسامحنا جميعًا، وليتمجّد اسمُك القدّوس فينا".