الفاتيكان
19 تموز 2021, 08:45

"إيكولوجيا للقلب"... هذا ما يوصي به البابا فرنسيس!

تيلي لوميار/ نورسات
تلا البابا فرنسيس ظهر الأحد صلاة التّبشير الملائكيّ مع المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، وأعلن في ختامها قربه من سكّان ألمانيا وبلجيكا وهولندا المتضرّرين من الكوارث والفيضانات، وصلاته من أجل السّلام في جنوب أفريقيا وكوبا.

وقبل الصّلاة ألقى البابا كلمة روحيّة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "يساعدنا موقف يسوع، الّذي نلاحظه في الإنجيل الّذي تقدّمه لنا اللّيتورجيا اليوم، على فهم جانبين مهمّين من جوانب الحياة. الأوّل هو الرّاحة. إلى الرّسل، الّذين عادوا من تعب الرّسالة وبدأوا يخبروا بحماس بِجَميعِ ما عَمِلوا وعلَّموا، وجه يسوع دعوة بحنان: "تَعالَوا أَنتم إِلى مَكانٍ قَفرٍ تَعتَزِلونَ فيه، واستَريحوا قَليلاً".

بعمله هذا، يعطينا يسوع تعليمًا ثمينًا. على الرّغم من أنّه يفرح برؤية تلاميذه سعداء بمعجزات البشارة، إلّا أنّه لا يطيل في الإطراءات والأسئلة، بل يقلق لتعبهم الجسديّ والدّاخليّ. هو يريد أن يحذّرهم من الخطر، الّذي يتربّص بنا على الدّوام أيضًا: السّماح لأنفسنا بالوقوع في هوس القيام بالأشياء، والوقوع في فخّ الفعّاليّة، حيث ما يهمُّ هو النّتائج الّتي نحصل عليها والشّعور بأنّنا الرّوّاد بامتياز. كم من مرّة يحدث هذا الأمر أيضًا في الكنيسة: نحن مشغولون، ونركض، ونعتقد أنّ كلّ شيء يعتمد علينا، وفي النّهاية، نجازف بإهمال يسوع. لذلك دعا تلاميذه لكي يرتاحوا قليلاً في مكان قفر معه. لا راحة جسديّة وحسب، وإنّما راحة القلب أيضًا، لأنّه لا يكفي أن نوقف نشاطاتنا وإنّما نحن بحاجة لأن نرتاح حقًّا. ولكي نقوم بذلك، علينا أن نعود إلى جوهر الأشياء: علينا أن نتوقّف، ونصمت، ونصلّي، لكي لا نذهب من انشغالات العمل إلى انشغالات الإجازة. إنّ يسوع لم يتملّص من احتياجات الجموع، ولكنّه كان ينصرف يوميًّا أوّلاً إلى الصّلاة والصّمت في علاقة حميمة مع الآب. وبالتّالي يجب لدعوته الحنونة- واستَريحوا قَليلاً– أن ترافقنا: لذلك لنتنبّه من الفعّاليّة، ولنوقف السّباق المحموم الّذي يملي أجنداتنا. ولنتعلّم أن نتوقّف، ونطفئ الهاتف المحمول ونتأمّل في الطّبيعة، ونجدّد أنفسنا في الحوار مع الله.

مع ذلك يروي الإنجيل أنّ يسوع والتّلاميذ لم يتمكّنوا من أن يرتاحوا كما أرادوا. لأنَّ النّاس وجدوهم وتدفَّقوا من كلّ مكان. عندها شعر الرّبّ بالشّفقة علَيهم. وها هو الجانب الثّاني: الشّفقة. إذ تأثّر، كرّس يسوع نفسه للنّاس واستأنف التّعليم. يبدو الأمر وكأنّه تناقض، لكنّه في الحقيقة ليس كذلك. في الواقع، وحده القلب الّذي لا يسمح للعجلة بأن تستحوذ عليه هو القادر على التّأثُّر، أيّ أنّه لا يسمح بأن تسيطر على تفكيره أموره الشّخصيّة والأشياء الّتي يجب عليه القيام بها؛ بل يتنبّه للآخرين ولجراحهم واحتياجاتهم. إنَّ الشّفقة تولد من التّأمّل. وإذا تعلّمنا أن نرتاح حقًّا، نصبح قادرين على الشّعور بالشّفقة الحقيقيّة؛ وإذا عزّزنا نظرة تأمُّليّة، فسنتمكّن من المضيِّ قدمًا بنشاطاتنا بدون الموقف الجشع للّذين يريدون امتلاك واستهلاك كلّ شيء؛ إذا بقينا في علاقة مع الرّبّ ولم نخدّر الجزء الأعمق منّا، فلن تتمكّن الأشياء الّتي يجب علينا القيام بها من أن تخنقنا وتبتلعنا. نحن بحاجة إلى "إيكولوجيا للقلب" تتكوّن من الرّاحة والتّأمّل والشّفقة؛ فلنستفِد إذًا من فترة الصّيف لهذا الأمر!

والآن لنرفع صلاتنا إلى العذراء الّتي عزّزت الصّمت والصّلاة والتّأمّل وتأخذها على الدّوام الشّفقة الحنونة تجاه أبنائها".