لبنان
11 أيار 2021, 08:45

إنطباعات كنسيّة ينقلها الأب الياس كرم، فماذا يقول؟

تيلي لوميار/ نورسات
مع استمرار الإجراءات الوقائيّة في الكنائس والالتزام باستقبال ثلاثين بالمئة فقط من المؤمنين في كلّ قدّاس، ينقل الأب الياس كرم انطباعات كنسيّة في مقال جديد، يكتب فيه:

"من واجبات الكاهن الأساسيّة أن يؤمَّ المؤمنين في الصّلاة، ويقدّم دعاءهم للرّبّ كبخورٍ، لتستقيم صلاته وصلاتهم أمامه، ويكون رفع أيادينا ذبيحةً مسائيّة.

عند بداية جائحة الكورونا صدرت قرارات تمنع علينا استقبال المؤمنين في الكنيسة، وقد تُرجم ذلك بإقامة الخِدم الكنسيّة بمشاركة لا تتعدّى المرتّل ومساعد الكاهن والمسؤول عن وسائل التّواصل الاجتماعيّ في الكنيسة، لنقل الصّلوات عبر هذه الوسائل.

في ذاك الوقت كانت جوارح الكهنة تتمزّق كلّما طلب أحد المؤمنين المشاركة في الصّلوات، وقرارات السّلطتين الزّمنيّة والرّوحيّة تمنع حصول ذلك. نفسهم اليوم استطاعوا المشاركة بفرحٍ كبير، وأخوة آخرون غابت وجوههم عن المشاركة، بالرّغم من السّماح ضمن الحدّ الأدنى، مع الالتزام الكامل بالإجراءات الوقائيّة الملزمة.

تبقى عبارة "اذكرنا يا أبونا بصلاتك" شائعة على لسان كثر من النّاس، الّذين لا أسمح لنفسي بقياس صحّة إيمانهم. عتبي على هؤلاء أنّهم ينظرون إلى الكاهن كساعي بريد، في حين أنّنا نردّد في سفر المزامير: "هُوَذَا مَا أَحْسَنَ وَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَسْكُنَ الإِخْوَةُ مَعًا!".

طبعًا الخوف من الوباء مباح والاحتراز واجب، ولكن أن نتغيّب كلّيًّا عن ممارسة شعائر العبادة في بيت الرّبّ، ونذهب إلى أعمالنا وصنائعنا يوميًّا وبدون انقطاع، ونلتقي على غداء أو عشاء، وغافلين عن اهتماماتنا مائدة الرّبّ، أمرٌ لا يليق بعبادتنا له.  

سبق وقلنا عن أهمّيّة تنظيم المشاركة في الصّلوات ضمن العائلة الواحدة، بحيث يتناوب أهل البيت الواحد على المشاركة بين خدمة وأخرى، وعندها يقبل الله صلوات الكاهن على نيّة الأفراد بحضورهم شخصيًّا، أو أحد أفراد الأسرة الواحدة.  

أحبّاء كثر في بلاد الاغتراب تمنّوا لو كانوا معنا في هذا الموسم المميّز. لأنّ دولاً فرضت إغلاقًا تامًّا، وقد كانت الصّلوات المنقولة عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ من لبنان تعزيةً لهم في تذوّق الأسبوع العظيم والفصح المقدّس. إيمان هؤلاء الأحبّاء  العميق، الّذي أثلج قلبي فرحًا، جعلني أشعر كم يعوزني بعد لأرتقي سلّم الإيمان، أنا الّذي يقف أمام المائدة المقدّسة وأستدعي الرّوح القدس على القرابين في كلّ قدّاس إلهيّ. فسألت نفسي مرارًا وتكرارًا: ترى صلاة مَن قبلها الرّبّ أكثر!  

هذا نموذج لإيمان أشخاصٍ يشتهون المشاركة في القدّاس وما من كنيسة مشرّعة الأبواب لاستقبالهم. في حين أنّ كنائسنا افتقدت لوجوهٍ كثيرة تخوّفًا من الاختلاط، علمًا أنّ عددًا من هذه الكنائس أقامت أكثر من خدمة كنسيّة ليتسنّى مشاركة أكبر عدد ممكن من أبنائها.  

لست بديّان، لكن أردت في هذه السّطور توصيف الواقع، حتّى لا نسمح للشّرّ أن يمنعنا من ممارسة شعائرنا الدّينيّة بالمطلق. أوليست هذه وظيفته. وبالتّالي هل نساهم مع الشّرّير في تحقيق مآربه!

وهنا أسجّل إيجابيّة قلَّ نظيرها في لبنان، أنّ المؤمنين بمعظمهم  تقيّدوا بالتّدابير الوقائيّة وبالتزام توجيهات الكاهن والأخوة المساعدين، فجاء حضورهم الكنسيّ بنسبة عالية من التّنظيم، الأمر الّذي يشجّع على توسيع مروحة الحضور، وقد تجلّى هذا في الأسبوع العظيم الّذي يستقطب النّسبة الأعلى من المشاركين. وكان كلّ شيء بينهم بلياقة وترتيب. وطبعًا هذا ناتج عن تحسّس النّاس بالخطر. "رُبَّ ضارّةٍ نافعة".

على رجاء أن نعود لحياتنا الطّبيعيّة، أستودعكم الله القادر على أن ينقذنا ويقودنا إلى خير بشارته المنبعثة من قبر المخلّص."