إليكم ما كتبه الأب نقولا الرّياشي عن الأمّ ليونتين "الوردة البيضاء"!
"صفحة تلو صفحة تطوى من تاريخ رهبانيّة أعطت للكنيسة وللمجتمع أيقونات من العطاء والكِبر وحبّ الآخر.
لم أعرفها إلّا نسمة هادئة، جبّارة في تضحياتها وعملاقة في سياستها ودبلوماسيّتها، إنّها الأمّ ليونتين أبو رجيلي الرّئيسة العامّة السّابقة للرّاهبات الباسيليّات الشّويريّات.
هي الأمّ المحبّة للّيتورجية، للكنيسة، للرّهبانيّة ولكلّ إنسان التقت به. عرفتها رئيسة لعدد من مراكز الرّهبانيّة ولكن معرفتي بها توطّدت خلال مدّة خدمتها كرئيسة عامّة 12 سنة وخاصّة خلال خدمتي كمرشد للرّاهبات مدّة 3 سنوات (2007- 2010) حيث اكتشفت فيها الأمّ والأخت والمرشدة والصّديقة.
إنّها المحاورة بامتياز تعرف كيف تصغي لإلهامات الرّوح متّكلة على يسوع وأمّه مريم سيّدة البشارة.
نودّع الأمّ ليونتين، الكلمة الصّادقة والمرشدة النّاقدة من دون أن تجرح الّتي عاشت طيلة حياتها الرّهبانيّة على مبادىء الإنجيل من خلال عيش الكلمة والبحث عن المعرفة.
هي القامة الممشوقة، الوردة البيضاء الّتي لم ترضخ لصعوبات ومشاكل العالم بل جابهت العواصف بجبروت مغلف بروح المحبّة والحكمة والتّواضع.
نعم، إنّها الرّئيسة المحبّة لكلّ أخواتها الرّاهبات، العاملة بصمت، لا يلوي عزيمتها تعب أو قساوة الحياة بالرّغم من جسدها النّحيف الشّامخ دومًا كزيتونة حصن دير البشارة الّذي أحبّته وعاشت فيه طيلة خدمتها الرّهبانيّة وشاءت العناية الإلهيّة أن تنهي فيه آخر سنين حياتها.
هي الرّاهبة المتّشحة بالثّوب الأسود والأبيض لا مجال للرّماديّ عندها، وقد حاولت قدر المستطاع أن تثبت حضور الرّهبانيّة الشّويريّة في عدّة مواقف هي الآتية من هناك من نبع المحبّة والذّاهبة إلى هناك إلى من هو الطّريق والحقّ والحياة.
نامي قريرة العين يا من لم تنم لسنين طويلة حاملة في فكرك وقلبك همّ الرّهبانية كلّها.
اليوم تحزم أوراقك وتطوى معك صفحة مجيدة مكلّلة بالمجد والكرامة من تاريخ رهبانيّتك الّتي بذلتي ذاتك من أجلها، لتذهبي هذه المرّة إلى عروسك الإلهيّ. ولكن قبل أن أودّعك الوداع الأخير أحمّلك سلامًا إلى من سبقونا ولم نتمكّن من وداعهنّ الأخت اتنازي وماري برنار وميلاني وبولين وكليمنتين والأمّ تريز.
سلام وألف سلام على أمل اللّقاء حيث لا وجع ولا حزن ولا تنهّد بل حياة لا نهاية لها.
المسيح قام حقًّا قام!".