إكتشاف أقدم مسكن بشري مسقوف عمره مليونا سنة
وتشير مجلة Quaternary Science Reviews، إلى أن طول هذا الكهف أكثر من 140 مترًا، ويدرسه العلماء منذ فترة طويلة، حيث عثروا فيه على أدوات حجرية وآثار أخرى للنشاط البشري، ولكنهم لم يعثروا على أي رفات للبشر. وقد يكون السبب سهولة وصول الحيوانات المفترسة والحيوانات التي تأكل الجثث إلى الكهف.
ويذكر أنه في عام 2008 استنتج فريق من علماء الآثار برئاسة مايكل تشازان من جامعة تورونتو، أن عمر الأدوات التي عثر عليها في هذا الكهف حوالي مليوني عام. هذا بحد ذاته ليس أمرًا فريدًا ، لأنه سبق أن اكتشف علماء الآثار أدوات عمرها 2.6 مليون عام، وأخرى عمرها 3.4 مليون عام، ولكن لم يكتشفوا في أي كهف مثل هذا العدد الكبير من القطع الأثرية القديمة.
ويتّضح من هذا، أن أسلافنا البعيدين استخدموا قبل مليوني عام مثل هذه الملاجئ للسكن. ويتيح عمر هذه القطع الافتراض بأنّ إنسانًا استخدمها في حياته اليومية عاش قبل جنس إنسان Homo .
ولكن شكك حينها العديد من الخبراء باستنتاجات فريق تشازان. بيد أن فريقًا آخر من علماء الآثار يضم مايكل تشازان أيضًا، أجرى دراسة مفصّلة جديدة لطبقات الكهف. واتضح أن عمر القطع الأثرية التي عثر عليها في كهف فاندرويرك 1.77-193 مليون عام. وأن هذه الأدوات صنعت في نفس الكهف ولم تجرفها المياه من مكان آخر.
ويشير هذا الاستنتاج، إلى أن أول من سكن هذا الكهف هم على الأرجح من جنس (Homo habilis) أو أسلافهم من جنس Australopithecus. وقد بقي هذا الكهف مكانًا للسكن خلال فترة زمنية طويلة، حيث عثر فيه العلماء على آثار عمرها حوالي مليون عام لاستخدام النار، وأن مكان شعلة النار يبعد عن مدخل الكهف ما لا يقل عن 30 مترًا. وهذا يعني أن الإنسان أوقد النار هنا، وليس نتيجة حريق طبيعي.
وتجدر الإشارة، إلى أن علماء الآثار اكتشفوا سابقًا في مواقع مختلفة أدلة على استخدام النار عمرها 1.37-1.46 مليون عام، مع أن بعض الخبراء يعتبرها ناتجة عن حرائق طبيعية.
واكتشف العلماء في عمق الكهف قطعًا صغيرة من الصبغة الطبيعية - المغرة، موجودة في هذا المكان منذ 500-300 ألف سنة، وهذا لا يمكن أن يحصل بصورة طبيعية، أي أن أسلافنا هم الذين جلبوها إلى الكهف.
ويؤكد الباحثون، على أن قطع المغرة الصغيرة لا تصلح لصنع أدوات الشغل، ولكن يمكن استخدامها في الزينة والرسم، حيث يمكن طحنها ورش مسحوقها على جسم أو مكان ما وتزيينه، أو استخدامها في الرسم على جدران الكهف.
وعمومًا، إن اكتشاف هذه القطع الصغير من صبغة المغرة الطبيعية في هذا الكهف، هو أقدم دليل على أن الإنسان استخدمها في مجالات غير ربحية. ولكن لا نعرف ما الذي دفع أسلافنا لذلك: هل الرغبة في الجمال أم الرغبة في إرضاء الأرواح. ويبقى ذلك مظهرًا من مظاهر الحياة العريقة في القِدم.