إبراهيم وكهنة الأبرشيّة زاروا أزهر البقاع مهنّئين بعيد الفطر
وللمناسبة، كانت للمطران ابراهيم كلمة تهنئة قال فيها بحسب إعلام الأبرشيّة :
"أتينا متأخّرين للمعايدة ليس لأنّنا نحبّ أن نكون مسك الختام، بل كما تفضّلتم وقلتم بأنّ العيد مستمرّ وليس له ختام، للصّدقة لا ختام، ونحن مستمرّون بالصّوم عن أشياء كثيرة نتيجة الشّهر الكريم ونتيجة الصّوم المبارك، وهذا يعطينا دفع على مدار السّنة، ونحن نأتي ليس لتأمين بروتوكول معيّن لكنّنا نأتي بدافع الشّوق، يدفعنا قلب نابض بالصّدق تجاه شخصكم الكريم ودوركم المميّز في منطقة البقاع ولبنان ككلّ، والّذي ينتظرنا نحن الّذين ائتمنّا على محبّة النّاس وعلى الاهتمام بالنّاس هو كثير جدًّا، ربّما أحيانًا إذا عرفنا حجمه نراه لا يحتمل، كيفما تحرّكنا نرى مقدار التّحدّيات، على الصّعد الاجتماعيّة والرّوحيّة والإنسانيّة، تحدّيات على الصّعيد الاستشفائيّ والصّحّيّ.
نحن اليوم في مجال التّحضير للانتخابات البلديّة والاختياريّة وهذا أمر يفتح المجال للكثير من التّصادم والانقسامات في قلب البلدات والمدن، وهذا أمر لسنا بحاجة إليه، البلد يتألّم بما فيه الكفاية ولسنا بحاجة إلى ألم إضافيّ، لكن إذا كان لا بدّ من هذا الألم فيلكن ألم التّلاقي أيّ الجهد الّذي نبذله من أجل التّلاقي والتّوافق، من أجل تأمين الحياة الكريمة والعمليّة الدّيمقراطيّة في الانتخابات البلديّة والاختياريّة، وإن شاء الله يثمر دورنا خيرًا في مجتمعاتنا من أجل التّلاقي ومن أجل التّوافق لأنّه ليس هنالك أمر له قيمة أكثر من السّلام الاجتماعيّ في لبنان وهذا هو مبتغانا أن نرى مدننا وبلداتنا تتلاقى على الخير ولا تتنافس إلّا للخير.
إن شاء الله هذا العيد السّعيد الّذي أتى بعد شهر من الجهاد يعطي مفعولًا على مدار السّنة لكلّ اللّبنانيّين الّذين صاموا والّذين لم يصوموا، لأنّ الّذين يصومون، يصومون عن الّذين لا يصومون، والّذين يصلّون يصلّون عن الّذين لا يصلّون والخير العميم يأتي من أبنائه ومن أصحابه ومن أصحاب الإرادات الطّيّبة وينتشر للجميع هذا ما نتمنّاه.
أتينا معًا من أجل أن نكون معكم، من أجل أن نراكم ونفرح بلقياكم وهذا دومًا مبتغانا وفرحنا، ونأمل أن تستمرّ الأعياد بالرّغم من الظّروف الصّعبة الّتي يعيشها وطننا لبنان وتعيشها المنطقة ككلّ. الوضع الإقليميّ غير مستقرّ، كلّنا نعلم أنّ الخوف في الإقليم الّذي نعيش فيه لا يمكن أن يبقى خارج الحدود لكنّه يتخطّى كلّ حدود حتّى حدود النّفس ويدخل إلى كلّ قلب وإلى كلّ فكر، إلى حياة كلّ إنسان تهمّه حياة الآخرين. ونحن اليوم قلبنا مع كلّ المتألّمين في المنطقة وخصوصًا في غزّة الّذين لا مأوى ولا ماء ولا طعام ولا استشفاء لهم، هؤلاء صرخة ضمير أمام الإنسانيّة جمعاء، نأمل أن تصل هذه الصّرخة إلى أصحاب الإرادات الطّيّبة وإلى أصحاب القرار كي ر يبقى الوضع على ما هو عليه لأنّه وضع لا يحتمل، وإن شاء الله يعمّ السّلام في جنوب لبنان وفي غزّة والقطاع وفلسطين وفي كلّ المنطقة حتّى يكون لشعبنا كرامة يستحقّها في الأساس أعطاها إيّاه الله مجّانًا، "مجّانًا أخذتم مجّانًا أعطوا" والكرامة هي للجميع. سماحة المفتي... نحبّك."
بدوره ردّه المفتي الغزّاوي بكلمة شكر جاء فيها: "نعم هناك للعيد صلاة ومع العيد صلة، وإذا كانت الصّلاة لوقت محدود فإنّ الصّلة لا حدود لوقتها. أنتم سيادة المطران ابراهيم علامة فارقة في بقاعنا، من خلال اللّقاءات مع بقيّة السّادة المطارنة الّتي حرصنا معكم عليها حتّى تبقى هذه الصلة بيننا، وإن كانت الزّيارات بمناسبة الأعياد هي لتأكيد المؤكّد، إنّنا نعمل معًا لما فيه خير البلاد والعباد، وأقول كنتم سبّاقين عندما بدأ شهر الصّوم وباركتم للمسلمين ببيان منكم تباركون للمسلمين فيه بداية شهر الصّوم، ونحن عندما نقرأ آية الصّوم نقرأكم في طيّات القرآن الكريم "كتب عليكم الصّيام كما كتب على الّذين من قبلكم لعلّكم تتّقون"، أيّ رجاءً نتّقي، رجاءً نصل إلى درجة التّقوى الّتي سعى إليها الأنبياء ويسعى إليها الصّالحون ويسعى إليها كلّ من كان على طريقهم، وعندما يصل الإنسان إلى درجة التّقوى يصل إلى درجة الشّكر الحقيقيّ وهو يعلم أنّ حتّى نعمة الشّكر تحتاج إلى شكر، لذلك أوحى الله جلّ جلاله إلى موسى أن يشكره فقال "كيف أشكرك والشّكر نعمة منك" فقال "الآن شكرتني"، فنحن نشكر الله على ما أنعم علينا من نعمة العبادة ونعمة هذا الإمداد وهذا الطّريق الّذي بدأه ما قبلنا ونستمرّ فيه عبادة لله جلّ جلاله، وما أجمل العبادة عندما تتلاقى مع العبادة.
شاء الله أن يكون في هذا العام الّذي النّاس ينتظرون فيه أن يكون عامًا فيه يُغاث النّاس وفيه وفيه يعصدون، وأن يكون هذا العام عام يمنٍ على وطننا وعلى هذا الإقليم وهذه المنطقة الّتي نعيش فيها في هذه البلاد، والّتي شاء الله أن تكون البلاد الأقرب إلى السّماء، فنحن البلاد الأقرب إلى السّماء، ووحي السّماء قريب من أرضنا، والتّحدّي الموجود في هذه البلاد هو من باب المواجهة بين الحقّ والباطل ومن باب مواجهة النّور للظّلام، ومن هنا نحن عندما نلتقي نكرّس هذه المعاني في ما بيننا ونعمل معًا لما فيه مصلحة أهلنا ومصلحة وطننا.
نعم نحن أمام استحقاقات، من الصّوم ينبغي أن نأخذ عبرة وأن نأخذ موعظة أنّنا نصوم عن المباح الّذي هو ضرورة لنا، المأكل والمشرب، وما حُرِّم على الصّائم أن يكون في نهاره وأُحِلَّ له أن يكون في ليله، ليكون في دورة تدريبيّة ليكون عن الحرام ابعد وليس فيه ضرر للإنسانيّة، لذلك نحن نعمل من خلال العبادة لتقوم الحياة على عبادة، وكنتم قد تفضّلتم أنّ المعاني الّتي كنتم تعظون النّاس بها في هذا العام وأكدّتم عليها أن يكون الإنسان في صوم حقيقيّ، كيف يعيش صائمًا بجوارحه وكيف ينتقل من صومٍ في قلّة طعام او في امتناع عن طعام، إلى الصّوم الحقيقيّ الّذي هو صلة القلب بالرّحمن، وصلة العبد بالعبد، حتّى يرحمنا الله، لأنّ العبد عندما يكون في خدمة العبد، يصبح العبد باب العبد إلى الله، ولذلك النّاس هم أبوابنا إلى ربّنا جلّ جلاله، وأحبّ النّاس إلى الله أرفعهم لعباد الله.
من النّفع الّذي نقوم به معكم أن نؤكّد على ما تفضّلتم به أنّ الانتخابات هي عابرة ولكن الإنسانيّة والقرابة والرّحم ستبقى بيننا، ومن هنا نحن بإسمكم ومعكم نؤكّد على الانتخابات أن تكون بهذا العمل الدّيمقراطيّ وألّا يكون هناك قطيعة رحم ولا قطيعة بين طائفة وطائفة وبين جارٍ وجار وبين حيّ وآخر. شاء الله أن تكون هذه القرى معطاءة من أرضها وعلينا أن نسعى كيف نعطي أهلنا من خلال هذه الاستحقاقات، والّتي هي المجالس المحلّيّة الّتي تمثّل دولتنا، وعندما تكون هذه المجالس بخير ستكون دولتنا عطرة بخير في قرانا ومدننا ومجتمعاتنا.
وإن كنّا نعيش آلامًا في ما يجري من حولنا وخاصّة في جنوبنا وفي فلسطين لمجاورتنا لها، فهذه القضيّة الّتي آن للإنسانيّة أن تكتب دورًا في إحقاق الحقّ، وأن يكون للإنسانيّة في بيت المقدس وفي ما حوله أن تكون لها الكرامة، ولذلك نحن من خلال ذلك العنوان أن يكون لبيت المقدس ولكنيسة القيامة وكنيسة المهد، أن يكون ذلك العنوان للجوار، أن نبقى مجاورين حتّى يكون لهذا الجوار معنى نطلّ به على الآخرين.
ومن هنا، واليوم يناسب يومًا دعي إليه العالم أن يقف مع إنسانيّة الإنسان في فلسطين وفي غزّة، وهذا اليوم الّذي يعيشه العالم اليوم عنوانًا، آن الأوان أن يعيشه العالم مضمونًا.
يا سيادة المطران والآباء الأعزّاء وأصحاب الفضيلة، إنّ دولتنا اليوم تعيش حالة مخاضٍ صعب، نعم قد نصبر على الآلام ولكن إن لا يتولّد من الآلام آلام، ولكن عندما تعيش المرأة الّتي تلد مولودًا ما يسمى بالطّلق الّذي تعيشه ألمًا على أمل أن يأتي المولود الّذي تفرح به الأمّ ويفرح به المجتمع. نحن نريد ولادة الدّولة بكلّيّتها، وولادة الدّولة بالتّوازن المناطقيّ، معكم ننادي دولتنا إنّ بقاعنا العزيز من حقّ الدّولة علينا أن نكون شركاء في صنع القرار فيها، وإن كنّا حرمنا كبقاع بكلّ طوائفنا أن نكون شركاء في صنع القرار في وزارة، فنأمل ألّا تُحرم الدّولة من طاقة أبناء البقاع بكلّ طوائفه وأن يكون للبقاع تلك الكلمة، وأن أُسرنا نشغر بأنّها مهدّدة في هذه الأيّام بما يُدخل على لبنان تحت عناوين لربّما هي عناوين شمسٍ ولكنّها في الحقيقة تحمل في طيّاتها ما لا يصحّ أن ينتسب إلى أُسرنا ولا إلى مجتمعاتنا.
إنّ الأعياد هي مناسبة أن نلتقي، ولعلّنا نلتقي قريبًا بإذن الله معكم حتّى ننادي بكتيرٍ من العناوين ليكون أهلنا في سعادة بوجودنا بينهم ولنكون لبنة بناء في دولتنا من خلال تواصلنا معكم.
الصّلة تبقى، والعيد يبقى، وإنّ الأرواح جنود مجنّدة، وإنّ المحبّة يا سيادة المطران هي متبادلة ولذلك قال له أحبّك فهل تحبّني؟ قال اسأل قلبك."