لبنان
13 تشرين الثاني 2023, 14:50

إبراهيم: نصلّي من أجل أن يمنحنا الرّبّ قلبًا يشبه قلب السّامريّ الصّالح ينفتح للجميع

تيلي لوميار/ نورسات
في الأحد الثّامن بعد الصّليب، احتفل رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ابراهيم ابراهيم بالقدّاس الإلهيّ في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة- زحلة، بحضور جمع من المؤمنين، تأمّل خلاله بمثل السّامريّ الصّالح، فكانت العظة التّالية:

"في هذا الأحد المبارك، نتأمّل معًا في أحد أعظم أمثال إنجيلنا المقدّس، مَثَلِ السّامريّ الصّالح، الّذي يُعدّ واحدًا من أكثر الأمثلة الحيّة والُملهِمة في تعاليم سيّدنا يسوع المسيح.

"من هو قريبي؟" كان هذا هو السّؤال الّذي طرحه عالم النّاموس على يسوع، وكان جواب يسوع عبر هذا المثلْ، مَثَلِ الرّجل الّذي سقط بين اللّصوص وتُرك مجروحًا بجراحات الحياة ومرميًّا على قارعتها يأنُّ وعيناه تبحثُ عن الرّحمة. مرَّ به كاهنٌ ولاويٌ يسيران على طريق اللّامبالاة والإهمال، وأيًّا منهما لم يقدّم المساعدة. أن تكون صاحبَ رسالة ومكرّسًا لا يعنيان شيئًا إذا ما انطفأت شُعلةُ المحبّةِ والإنسانيّةِ في قلبكَ. لكنَّ السّامريّ، الّذي كان يُنظر إليه كغريب ومنبوذ، توقّف وتقدَّمَ بقلبه قبل خطواته، وأظهر الرّحمة.

هذا المثل من الإنجيل، أيّتها الأخوات والإخوة، هو درس عظيم في المحبّة والرّحمة والتّعاطف. يعلّمنا الرّبّ يسوع من خلاله أنّ القريب ليس فقط من يشاركنا الدّمّ أو العِرق أو الدّين، بل هو كلّ من يحتاج إلى مساعدتنا.

في عالمنا المعاصر، حيث تعجّ الطّرقات بالمجروحين بفعل الحروب، والفقر، والتّمييز والفساد وانحلال الدّولة وغيرها من الآلام الّتي حلَّت في ديارنا، يدعونا الإنجيل لنكون مثل السّامريّ الصّالح. يدعونا لنتجاوز حدود الأحكام المسبقة والفوارق ونقدّم يد العون والمحبّة لكلّ من يحتاجها.

السّامريّ الصّالح لم يتساءل عمّا إذا كان الرّجل المجروح يستحقّ المساعدة أو عمّا إذا كانت أفعاله قد أدّت به إلى هذا الوضع. بل شعر بالرّحمة تجاهه، عالج جراحه وتكفّل برعايته. هذا هو جوهر المسيحيّة: الرّحمة بلا حدود، الحبّ الّذي لا يسأل عن الهويّة. الحبّ الّذي لا يرمي التُّهَم كمثلنا الشّعبيّ الأكثر رواجًا عند قُساةِ القلوب: "اللّي من إيدو الله يزيدو". ألا يكفي المساكين ما بهم؟ حتّى نأتيهم نحنُ بهذه القسوة المُدمِّرة؟

في حياتنا اليوميّة، يُطرح علينا نفس السّؤال: "من هو قريبي؟" هل نَمُرُّ مرور الكرام أمام الّذين يحتاجون إلينا؟ هل نغضّ الطّرف لأنّنا مشغولون أو لأنّ المساعدة تتطلّب منّا التّضحية؟ أم نتوقّف ونظهر الرّحمة والحبّ، كما فعل السّامريّ الصّالح؟

إنّ مثل السّامريّ الصّالح هو دعوة لنا جميعًا لنعيد النّظر في مفهومنا للقريب ولنعمل على توسيع دائرة الرّحمة والمحبّة في حياتنا. لنتذكّر أنّ كلَّ فِعلٍ من أفعال الرّحمة والمحبّة، مهما كان صغيرًا، له تأثيرٌ عظيم في السّماء وعلى الأرض.

في ختام هذه المشاركة الرّوحيّة، دعونا نصلّي من أجل أن يمنحنا الرّبّ قلبًا شجاعًا ومحبًّا، قلبًا يشبه قلب السّامريّ الصّالح، قلبًا ينفتح للجميع دون تحفّظ أو تمييز. ليعيننا الرّبّ على أن نكون مصدر رحمة وأمل لكلّ من نلتقي بهم في طريق حياتنا. آمين."