لبنان
16 آب 2022, 08:45

إبراهيم مسلّمًا لبنان وزحلة إلى عناية العذراء مريم: أصرخ نحوها يا عذراء أعينينا في زمن شقائنا

تيلي لوميار/ نورسات
صرخ رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع المطران إبراهيم مخايل إبراهيم إلى مريم العذراء في عيد انتقالها إلى السّماء بالنّفس والجسد، مسلّمًا لبنان وزحلة إلى شفاعتها، وذلك خلال قدّاس إلهيّ احتفل به في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة بمشاركة كهنة الأبرشيّة، وحضور راعي أبرشيّة زحلة المارونيّة المطران جوزف معوّض، وراعي أبرشيّة زحلة وبعلبك وتوابعهما للرّوم الأرثوذكس المتروبوليت أنطونيوس الصّوريّ، والمعتمد البطريركيّ الأنطاكيّ في روسيا المتروبوليت نيفن صيقلي، إضافة إلى حضور فعاليّات عديدة وحشد من المؤمنين.

بعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران ابراهيم عظة تحدّث فيها عن معاني العيد وقال :"من كان لسيّدة النّجاة عبدًا فلن يدركه الهلاك أبدًا. أسميتها "السّيّدةُ الّتي تُنجّي". هي الّتي تنجّي جميع اللّاجئين إليها. تمدُّ يدها إلى من هم في أتون التّجارب والمصاعب. إنّها سيّدة المنسيّين والمهمّشين والمضطهدين، تزرع فيهم الأمل والرّجاء وتتشفّع بهم لدى ابنها: الألفُ والياء، الّذي به كان كلُّ شيء والّذي من دونه لم بكن شيءٌ ممّا كان. نحنُ نحبّ مريم، لا طمعًا بأعجوبة ولا من أجل غاية آنيّة فقط، أنا نحبّ مريم لأنّها أمّ سيّدي ومخلّصي ولأنّي به صرتُ لها ابنًا. مريم هي أمّنا وسيّدة العالم. يسوع طلب منها أن تكون أمّي وأنا واقف أمام الصّليب بشخص يوحنّا التّلميذ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ: "يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ". ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: "هُوَذَا أُمُّكَ". وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذتُ مريم إلى خَاصَّتِي. منذُ تلك السّاعة ومريم معي، تمنحني الحنان وتهذّبني كطفل لها أن تربّيه وتنمّيه وتنجّيه.

كلّنا نصرخُ في الملمّات: يا عدرا. مريم تُدافع عنّا كما تدافع الدّجاجة عن فراخها الّتي تحتمي تحت جناحيها. العذراء لا تتكاسل أبدًا في حمايتنا في أوقات ضعفنا ومرضنا وشكّنا كما في أوقات صحّتنا ونجاحنا. وفي ساعة موتنا نصلّي كي تكون معنا لتخفّف عنّا رهبة ألم الانتقال ورهبته.

لقد أنارت العذراء دروب من بادروها بالإكرام لأنّها أمّ السّيّد الّذي وهب للعالم الحياة. العذراء تنير دروبنا كعلامة خلاص ورجاء. فلنودع أنفسَنا بين يدَيْها، لأنّها شفاءُ المرضى، وقد شارَكْت يسوعَ في آلامِه تحت الصّليب، وظّلَّت الثّابتةُ في نَعَمِها وفي إيمانها.

كيف نخافُ أو نيأس أو نُصاب بالإحباط ولنا في سيّدة النّجاة أمًّا تنجّينا في زمن الشّدائد والمصاعب؟ فنحنُ تحتَ سِترِ حمايتِها نلتجئُ، وهي لا تغفلُ عن طَلَباتِنا في احتياجاتِنا إليها، بل تُنَجِّينا من جميعِ المخاطرِ على الدّوام، لأنّها المجيدةُ المباركة.  

إنّ الله اختار فتاة من أرضنا لتكون الأقرب إليه وتتحدّى العادات والتّقاليد لتعمل مشيئته وتتحمّل الظّلم والإشاعات، وجعلها أمّه، فالثيوتوكوس" إذن هي بداية إيماننا وبداية خلاصنا "إنّ ابن الله قد اتّخذ لنفسه جسدًا من العذراء، لذلك حقّ للعذراء أن تُدعى والدة الإله" (غريغوريوس النّيصي (330-395).

يقول القدّيس العظيم ومعلّم الكنيسة توما الأكوينيّ: "كلّ من يرغب أن يحصل على نعمةٍ من عند الله، عليه أن يقترب من هذه الشّفيعة، أن يقترب منها بكلّ إخلاص، كونها أمّ الرّحمة، وتملك كلّ شيء في ملكوت عدل الله، فلا يمكنها أن ترفض توسّلك. كالبحّارة الّذين يهتدون بنجمةٍ مضيئةٍ لتقودهم صوب الميناء، كذلك المسيحيّون يهتدون بمريم صوب السّماء."

نحن نجتاز مع البشريّة جمعاء مرحلة صعبة وحرجة تستلزم إيمانًا عميقًا وروح مسؤوليّة فائقة. إنّه زمن الخيارات الصّعبة والمصيريّة. إنّه زمن التّنازلات والتّضحيات. لذلك وضع الله مريم في طريقنا كما وضعها في طريق ابنه أُمَّا تساعده في إتمام مشروع الخلاص، وقد استجابت العذراء دائمًا لندائه بإرادة تامّة نابعة من صلاتها الّتي لا تتوقّف. مريم بعد القيامة لم تترك التّلاميذ بل كانت سند الكنيسة النّاشئة وعضدها (راجع أع 1، 14). فمريم العذراء، أمّ الله وأمّ الكنيسة، تعيش أمومتها إلى الأبد. لذلك نضع مراحل حياتنا بين يديها الطّاهرتين حتّى ساعة الممات، كي تطرد عنّا كلّ خوف ووجع.  

أيّها الأحبّاء، لقد نعمت زحلة منذ نشأتها بحماية العذراء مريم، فمن من الزّحليّين والبقاعيّين لا ينحني إجلالاً أمام سيّدة النّجاة. هذا يجعل من الزّحليّين ومن البقاعيّين أبناء أمناء للعذراء مريم.  

أسلّم لبنان إلى عناية العذراء مريم وأصرخ نحوها من عُمق كياني. يا عذراء أعينينا في زمن شقائنا. ساعدينا كي نبقى كنيسة قويّة، حيويّة وحيّة، شاهدة، متماسكة ومقدّسة. بقوّتنا لا نستطيع فِعل الكثير. أنتِ خلاصُ كلّ المسيحيّين.

كلّ عيد وأنتم بألف خير."  

وبعد القدّاس انتقل الجميع الى صالون المطرانيّة حيث تقبّل المطران ابراهيم التّهاني بالعيد.