لبنان
17 شباط 2025, 15:00

إبراهيم للمتزوّجين: أنتم شهادة حيّة أنّ الزّواج المسيحيّ ليس مجرد عقد، بل سرّ، فيه يحلّ الله ليبارك ويوحّد

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفلت لجنة "عائلة من أجل المسيح" في بلدة الفرزل باليوبيل الذّهبيّ والفضّيّ للمتزوّجين لاتّحادهم بسرّ الزّواج المقدّس، خلال قدّاس إلهيّ ترأّسه رئيس أساقفة أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، في كنيسة سيدة البشارة، بمشاركة كاهن الرّعيّة الأب طوني ابو عرّاج.

إحتفلت لجنة "عائلة من أجل المسيح" في بلدة الفرزل باليوبيل الذّهبيّ والفضّيّ للمتزوّجين لاتّحادهم بسرّ الزّواج المقدّس، خلال قدّاس إلهيّ ترأّسه رئيس أساقفة أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، في كنيسة سيدة البشارة، بمشاركة كاهن الرّعيّة الأب طوني ابو عرّاج.

بعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران ابراهيم عظة هنأ فيها المحتفلين باليوبيل وقال :"أيّها الأحبّة، نلتقي اليوم في هذه المناسبة العزيزة، مناسبة اليوبيل الفضّيّ والذّهبيّ لعدد كبير من الأزواج في بلدتنا العزيزة الفرزل، لنرفع الشّكر لله الّذي أعطى هذه العائلات نعمة الاستمرار والثّبات في درب الحياة الزّوجيّة، بكلّ ما فيها من أفراح وتحدّيات، انتصارات وتجارب، صمود في وجه العواصف وثبات في المحبّة والإيمان.

وما أجمل أن نستقي من نور الكتاب المقدّس ما ينير دربنا، فنعود اليوم إلى أحد أعظم الأمثلة الّتي أعطانا إيّاها الرّبّ يسوع في الإنجيل، مثل الابن الشّاطر (لوقا 15: 11-32)، لنفهم من خلاله معنى العائلة الحقيقيّ وأهمّيّتها، ودورها في حياة كلّ فرد منّا.

يحكي لنا يسوع عن شابّ قرّر أن يترك بيت أبيه بحثًا عن حياة أخرى، متوهّمًا أنّ السّعادة تكمن خارج جدران العائلة، في حياة الاستقلال والتّرف. لكنّه سرعان ما اكتشف أنّ البعد عن البيت الأبويّ يعني الضّياع، وأنّ الأب، رغم جرحه العميق من رحيل ابنه، ظلّ منتظرًا عودته بعيون مليئة بالحبّ والرّجاء. وعندما عاد الابن نادمًا، لم يواجه الرّفض أو العقاب، بل استُقبل بالأحضان، وعاد ليجد مكانه محفوظًا في قلب العائلة.

وهنا نتأمّل: أليس هذا حال الكثير من العائلات اليوم؟

كم من زوج أو زوجة يبتعد رويدًا رويدًا، ليس بالضّرورة بالجسد، ولكن ربما بالقلب، بالعاطفة، بالاهتمام، بالوقت، بالانشغال عن العائلة بمشاغل الدّنيا؟ كم من مرّة نظنّ أنّ السّعادة تكمن خارج إطار الزّواج، أو بعيدًا عن العائلة، فنغفل عن الكنز الحقيقيّ الّذي أعطانا إيّاه الله، ألا وهو البيت الّذي يجمعنا، والشّريك الّذي وهبنا الله إيّاه لنكمل المسيرة معه؟

العائلة هي الحصن الّذي يحفظنا في الأزمات. الابن الشّاطر لم يكن ليعود إلى بيته لو لم يكن يعلم في داخله أنّ هناك أبًا يحبّه، وأخًا وعائلة تنتظره. وهذا درس لنا جميعًا: العائلة ليست مجرّد إطار اجتماعيّ، بل هي حصن للحماية، هي الحضن الّذي نلجأ إليه عندما تشتدّ علينا التّجارب، هي المكان الّذي نجد فيه من يسامحنا، من يحبّنا بلا شروط، من ينتظر عودتنا مهما حصل.

أيّها الأحبّاء، أنتم اليوم، بمناسبة يوبيلكم الفضّيّ أو الذّهبيّ، تقدّمون شهادة حيّة لهذه الحقيقة. فالزّواج ليس مجرّد ارتباط قانونيّ، بل هو رحلة مليئة بالمحبّة والغفران والعودة المستمرّة إلى الآخر، كما عاد الابن الشّاطر إلى بيت أبيه.

الزّواج هو دعوة إلى الغفران والاستمرار. ما كان ليوبيلكم أن يتحقّق اليوم لولا أنّكم عشتم قيم الإنجيل في بيوتكم:

المغفرة الّتي تعلّمناها من الأب الّذي استقبل ابنه بلا شروط. في الحياة الزّوجيّة، هناك أخطاء وسقطات، لكن هناك أيضًا قلب كبير يغفر، مثل قلب الأب السّماويّ.

الصّبر والثّبات، فكما انتظر الأب عودة ابنه، كذلك ينتظر كلّ زوج وزوجة أن ينمو الآخر ويتغيّر للأفضل، بالصّبر والتّضحية.

المحبّة غير المشروطة، الّتي لا تحسب الأخطاء، بل تفرح بالحقيقة، كما قال بولس الرّسول: "المحبّة تحتمل كلّ شيء، وتصدّق كلّ شيء، وترجو كلّ شيء، وتصبر على كلّ شيء" (1 كورنثوس 13: 7).

رسالتي اليوم إلى الأزواج: كونوا نورًا في هذا العالم. في زمن يكثر فيه الطّلاق والانفصال، ويصبح الالتزام بالعائلة تحدّيًا، أنتم اليوم شهادة حيّة أنّ الزّواج المسيحيّ ليس مجرّد عقد، بل سرّ، فيه يحلّ الله ليبارك ويوحّد. أنتم اليوم نورٌ في عالم مليء بالظّلام، صوتٌ ينادي بأن الحبّ الصّادق لا يموت، وأنّ العائلة المبنيّة على الإيمان قادرة على مواجهة كلّ التّحدّيات.

ختامًا، فلنطلب من الرّبّ أن يبارك عائلاتنا، أن يقوّي روابط المحبّة بين الأزواج، أن يجعل بيوتنا أماكن تفيض بالسّلام والغفران، وأن نبقى دائمًا مثل الأب السّاهر على بيته، المنتظر لأولاده، والمستعدّ دائمًا للعطاء بلا مقابل.

الشّكر الكبير لـ"عائلة من أجل المسيح" الّذين تعبوا في تحضير هذا الاحتفال ومبارك يوبيلكم، ومبارك بيتكم، ومباركة محبّتكم الّتي تعكس محبّة الله لنا جميعًا. آمين."

بعدها جدّد المتزوّجون عهود المحبّة أمام مذبح الرّبّ.

وقبل نهاية القدّاس، كانت كلمة للآنسة غادة غصّان بإسم لجنة عائلة من أجل المسيح شكرت فيها المطران ابراهيم على محبّته ورعايته، وتحدّثت عن نشاطات اللّجنة في البلدة، وشكرت كلّ من ساهم في إنجاح القدّاس.

بعدها جرى توزيع شهادات تقدير للمحتفلين بيوبيل زواجهم، ثمّ كان نخب المناسبة.