إبراهيم في زيارته الأولى لعنجر: لبنان سيبقى بالرّغم من كلّ اليأس والإحباط
وفي تفاصيل الزّيارة، أقيم للمطران إبراهيم استقبال كبير في مركز سركيس زيتليان الثّقافيّ شارك عدد كبير من فعاليّات البلدة، وكانت خلاله وكانت كلمة ترحيب لممثّل مطرانيّة الأرمن الأرثوذكس الأرشمندريت انانيا كوجانيان جاء فيها: "بلدتنا الحبيبة عنجر تهلّل فرحًا بزيارة المطران ابراهيم ابراهيم والوفد المرافق
إنّه يوم تاريخيّ، فهذه أوّل زيارة رسميّة إلى بلدة عنجر من راعي أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك. نحن نعتبر أنّ عنجر بما لها من تاريخ وما تمثّله في الوجدان الأرمنيّ والوجود البقاعيّ هي امتداد طبيعيّ لمدينة زحلة وأحد حصونها المنيعة، وما زيارة المطران ابراهيم إلى البلدة اليوم إلّا تأكيد على ذلك وتمتين لجسور الأخوّة والتّعاون بين عنجر وزحلة لما فيه خير الجميع."
وأضاف "لقد دأب سيادة المطران ابراهيم منذ اليوم الأوّل على تولّيه المسؤوليّة في أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع على تكريس دور مطرانيّة سيّدة النّجاة على الصّعيد البقاعيّ واللّبنانيّ وصولاً إلى المرجعيّة العالميّة لمدينة السّلام زحلة بالرّغم من الظّروف الصّعبة الّتي نمرّ بها والتّحدّيات الجمّة الّتي نواجهها، وإيماننا المسيحيّ المتجذّر يبعث فينا روح الأمل أنّ هذه الظّروف ستمرّ وسنبقى!".
وإختتم "سنبقى مسيحيّين مشرقيّين على إيماننا المنيع، منفتحين على الجميع وفي الوقت ذاته نحافظ على ذاتنا وكياننا على أرض المسيح.
في الأخير أتوجّه بالشّكر الجزيل إلى صاحب السّيادة المطران ابراهيم ابراهيم لتكريس هذه الزّيارة الرّعويّة إلى أهله وإخوته في بلدة عنجر. أهلاً وسهلاً ."
رئيس بلديّة عنجر وارتكس خوشيان رحّب بالمطران ابراهيم على طريقته وقال بحسب إعلام المطرانيّة: "أهنّىء سيادتكم لأنّكم أتيتم إلى المكان الصّحيح. هذا المقرّ بالذّات يجمع كلّ أهالي عنجر من كلّ أطيافهم.
أرحّب بسيادتكم بإسم كلّ أهالي عنجر وأعتبر أنّنا اليوم في ضيافتكم. نحن نواكب الأمور السّياسيّة والأمنيّة والاجتماعيّة في لبنان كوننا من العناصر الفاعلة في هذا البلد، ونحن نثمّن عاليًا الحركة المكّوكيّة الّتي تقومون بها في شتّى المجالات الوطنيّة في لبنان السّياسيّة والأمنيّة والرّوحيّة، نكبر بكم ونتمنّى لكم كلّ التّوفيق."
وإختتم "أنا لا أجامل إذا قلت بأنّكم بخّور متنقّل يبارك الجميع وهذا لسان حال الجميع هنا، وعندما نواكب أعمالكم نشعر بأنّ الجيش اللّبنانيّ ليس الوحيد الّذي يحمي الوطن لكن هناك عناصر كانت مهملة في الماضي، والشّخصيّات أمثال سيادتكم يخلقون البسمة والأمل والفرح في هذا المجتمع، ونحن في لبنان اشتقنا للفرح والأمل، والوضع السّيّء الّذي وصلنا إليه نتحمّل نحن مسؤوليّته لأنّنا لم نعرف أن نساعد أنفسنا. أصبحتم المدرسة الّتي تعلّم الاتّكال على النّفس لنشر المحبّة بين النّاس لأنّه في النّهاية هذا الوطن وطننا إلى أبد الآبدين."
بدوره ردّ المطران ابراهيم شاكرًا الجميع على حفاوة الاستقبال وشدّد على العلاقة التّاريخيّة بين زحلة وعنجر وقال: "الله معكم ومع هذه البلدة العريقة المتجذّرة في هذه المنطقة والتّاريخ .
لا نستطيع أن نتصوّر لبنان بدون عنجر، ولا نستطيع أن نتصوّر عنجر بدونكم، ولا نستطيع أن نتصوّر زحلة بدون عنجر. هذا البقاع يتنفّس برئتين رئيسيّتين: زحلة وعنجر، ومن الضّروريّ جدًّا أن يكون هناك تفاعل بين هاتين المدينتين لكي يبقى السّهل الّذي يتوسّط هاتين المدينتين هو فعلاً جسر اللّقاء الدّائم لكي يكون المسيحيّون بشكل خاصّ متواصلين وأقوياء في زمن التّشرذم والانقسامات.
بالرّغم من كلّ اليأس والإحباط الّذي يحيط بنا لبنان سيبقى. والمسيحيّون في لبنان سيبقون لأنّ لبنان لا يستطيع أن يكون وطنًا مستقلًّا وذات سيادة إلّا بوجود المسيحيّين، لذلك اليوم إخوتنا المسلمون يجب أن يعرفوا أنّ مسؤوليّتهم الأولى في هذا الوطن هي الحفاظ على هذه الصّيغة وعلى المسيحيّين. لذلك علينا أن نحافظ على بعضنا البعض مسلمين ومسيحيّين لنكمل شهادة العيش الواحد.
ليس من السّهل أن ينسى الإنسان التّاريخ، وربّما ما زلنا نسدّد فواتير التّاريخ. حكمنا العثمانيّون أربعماية سنة وانتزعوا من شراييننا الفكر السّياسيّ والفكر الوطنيّ والفكر السّياديّ، وعلّمنا أن نكون مخبرين على بعضنا البعض وأن نكون تبعيّات، لذلك لم ينجح لبنان كوطن مستقلّ بعد 400 سنة من الاحتلال، لم يستطع اللّبنانيّون ان ينسوا الماضي، عاشوا فيه أكثر من الحاضر. واجباتنا جميعًا أن نطوي هذه الصّفحة وأن ننسى الماضي الأسود ونفتح للحاضر والمستقبل الصّفحات البيضاء الّتي هي بيدينا لأنّ الكتاب كلّه بيدينا. الرّبّ دعانا اليوم لنبني وطنًا جديدًا وأن نجدّد اللّقاء به بين كلّ أبنائه وأن نعيش بسلام وأمان. الخوف الّذي زرع في آبائنا وأجدادنا هو خوف مبرّر، والّذي يقول بأنّه ليس لدينا الحقّ أن نخاف فليتذكّر التّاريخ فيعرف أنّنا في قلق دائم لأنّ تاريخنا مقلق ولأنّ خلفنا مذابح وتهجير وحروب واضطهاد لا يجب أن يسيطروا علينا لكن لا يجوز أبدًا أن ننساهم.
نحن اليوم كمسيحيّين في لبنان نؤمن بأنّ لبنان هو لنا، نحن لسنا طارئون على هذا البلد، نحن في صيغته الأساسيّة المكوّنة. لا أحد له منّة علينا بأن نوجد أو نزول، هذه مسألة بيدنا وبيد الرّبّ، منفتحين على كلّ الإرادات الطّيّبة والحوار والعيش الواحد لكن في الوقت نفسه لا يمكن أن نسمح لأحد أن يتخطّى الخطوط الحمراء في التّعاطي مع المسيحيّين لأنّ كرامتنا هي فوق كلّ شيء، كرامتنا مرتبطة بكرامة الإنسان ككلّ الّذي زرعها الله في كلّ إنسان من دون أيّ مقابل، كرامة مجّانيّة أعطيت لنا ونحن نرى أنّ كرامة لبنان مرتبطة أيضًا بكرامة الإنسان الّذي أوجده الله في هذا الوطن. لا يوجد أيّ شيء بالصّدفة، الرّبّ اختارنا جميعًا أن نكون هنا، في عنجر، في زحلة، في الفرزل، في مشغرة وبعلبك، في كلّ هذه المناطق التّاريخيّة الرّائعة ولكن لا نريد أن نعيش في التّاريخ بقدر ما نريد بناء التّاريخ القادم للأجيال القادمة.
أشكركم لأنّكم أعطيتم من وقتكم لاستقبالي في هذه البلدة الغالية جدًّا على قلبي، أنتم أهلي لأنّه عندما قست علينا ظروف الحرب في لبنان هجرنا بيوتنا في شرق صيدا وأهلي سكنوا في برج حمّود سنوات عديدة وتعلّمنا أنّ الغنى الحقيقيّ هو أن يعيش الإنسان في منطقة أرمنيّة".
ووفقًا للمطرانّية، كانا "المحطّة الثّانية في الزّيارة في متحف حوش موسى- عنجر الّذي يحوي تاريخ الشّعب الأرمنيّ واستمع سيادته من المسؤولين إلى شرح مفصّل عن محتويات المتحف والصّور التّاريخيّة الّتي تؤرّخ حقبة هامّة وهي مقاومة الأرمن في جبل موسى ونجاتهم من الإبادة. وقدّمت إدارة المتحف إلى المطران ابراهيم كتابين "من جبل موسى ... إلى حوش موسى عنجر" و"100 عام على الإبادة الأرمنيّة.. 100 شهادة عربيّة".
كما زار ابراهيم بلديّة حوش موسى- عنجر حيث قدّم له رئيس البلديّة وارتكس خوشيان ميداليّة البلديّة عربون محبّة وتقدير.
المحطّة الثّالثة كانت في كنيسة مار بولس للأرمن الأرثوذكس حيث كان الأرشمندريت كوجانيان في الإستقبال وشرح لسيادته عن تاريخ الكنيسة ودورها في المنطقة، ورفعت الصّلاة على نيّة لبنان وشعبه. كما زار المطران ابراهيم نصب شهداء الأرمن حيث وضع إكليلاً من الزّهر وصلّى لراحة نفوس الشّهداء.
وتفقّد المطران ابراهيم والوفد المرافق مدرسة هاراتش كالوسد كلبنكيان حيث اطّلع على أوضاع المدرسة وشارك التّلاميذ بعض الألعاب الرّياضيّة وزار الحضانة التّابعة للمدرسة ووزّع على الأطفال الميداليّات الّتي فازوا بها في النّهار الرّياضيّ الّذي نظّمته إدارة الحضانة، كما التقط صورة تذكاريّة مع الأطفال والإدارة.
وتابع المطران ابراهيم جولته في بلدة عنجر فزار كنيسة سيّدة الورديّة التّابعة لكنيسة ألأرمن الكاثوليك حيث كان الأب مسروب طوباليان في الاستقبال وأعطى لمحة عن تاريخ الكنيسة ونشاطها في البلدة، ورفع المطران ابراهيم الصّلاة من أجل كلّ محتاج وكلّ من يمرّ في حالة ضيق.
وانتقل سيادته إلى زيارة الكنيسة الأرمنيّة الإنجيليّة في عنجر الّتي تعرّضت لحريق منذ حوالي الشّهر بسبب احتكاك كهربائيّ، وكان في استقباله القسّ هاكوب اكباشاريان وشرح له عن الكنيسة والمشاريع الزّراعيّة الّتي تقوم بها وتمّ الاتّفاق مع مدير عامّ وزارة الزّراعة المهندس لويس لحّود على تفعيل التّعاون مع الوزارة، كما زار سيادته المدرسة التّابعة للكنيسة واطّلع على أوضاعها.
وإختتمت الجولة في مركز ومستوصف صليب إعانة الأرمن في عنجر حيث استمع سيادته من السّيّدات في المركز إلى شرح مفصّل عن العمل واتّفق على تقوية التّعاون مع مستشفى تل شيحا في المجال الاستشفائيّ والطّبّيّ، كما زار سيادته المشغل الحرفيّ للسّيّدات وأبدى إعجابه بالإنتاج المميّز للمركز.
وأقيم غداء في مطعم الشّمس على شرف المطران ابراهيم والوفد المرافق، حضره مدّعي عامّ البقاع القاضي منيف بركات."