لبنان
08 آب 2022, 10:20

إبراهيم دشّن كابيلا التّجلّي في زحلة وأزاح السّتار عن نصب تذكاريّ للمطران حدّاد

تيلي لوميار/ نورسات
بدعوة من كاهن وأبناء رعيّة القدّيس أندراوس في زحلة، دشّن وكرّس رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم كابيلا التّجلّي عشيّة عيد التّجلّي خلال احتفاله بالذّبيحة الإلهيّة بمشاركة النّائب الأسقفيّ العامّ الأرشمندريت نقولا حكيم، كاهن الرّعيّة الأب طوني الفحل، الأرشمندريت عبدالله عاصي، والآباء طوني رزق، أومير عبيدي، إيلي البلعة وشربل راشد، وخدمته جوقة الرّعيّة بالتّعاون مع جوقة مقام سيّدة زحلة والبقاع، بحضور عدد من الفعاليّات.

بعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران ابراهيم عظة تحدّث فيها عن عيد التّجلّي وهنّأ بتدشين الكابيلا، فقال :

"في المرّة الأخيرة الّتي احتفلنا في صلاة النّوم هنا أيّام الصّوم كان البرد قارسًا. المكان هو نفسه لكن المشاعر اليوم مختلفة، اليوم لدينا دفء إضافيّ الى جانب الحرّ الموجود في الجوّ لدينا حرارة بأنّ هذا المكان ينقلنا إلى زمان ومكان آخر، حيث كانت رؤية لراعٍ كبير أراد أن يكون هذا الجبل على مثال جبل التّجلّي فكانت هذه الكنيسة وحملت اسمه.

تحتفل الكنيسة غدًا بعيد تجلّي ربّنا يسوع المسيح. وعيد التّجلّي هو عيد إظهار ألوهيّة المسيح الّتي تجلّت بأنوار باهرة. هذا النّور الّذي يجب أن يحلَّ علينا: في قلوبنا وفي أفكارنا، في أجسادنا وفي نفوسنا. هذا النّور نحتاجه اليوم أكثر من أيّ يوم مضى ونحن نعيش أيّام ظلمة وحروب، أيّام خراب ودمار وضياع. نور المسيح هو الّذي نعيشه اليوم قد عاشه قبلنا إله الحياة وسيّدها يسوع المسيح. يسوع الّذي يعطي معنى لألمنا فندرك أنّ بعد الموت قيامة وبعد الظّلمة نور وخلاص.

عندما نرتفع إلى هذه الرّتبة العالية من الرّوحانيّة نستطيع عندها أن نختبر التّجلّي ويصبح لنور المسيح مكانٌ في حياتنا. نور التّجلّي يُظهر لنا حقيقةً لا تتغيّر وهي أنَّ كلّ النّاس متساوين بالكرامة عند الله وأنّنا جميعًا أبناؤه وأنّه لا فرق بين إنسان وإنسان. فكلّنا أبناء الله ونسل ابراهيم.

من هنا نأخذ هذه العبارة وعلينا إعطاؤها الأهمّيّة كوننا متساوين لذلك لا يجوز أن نعيش بحسب البروتوكولات الّتي هي ضيّقة وتقيّد. مع العلم أنّ الكنيسة الكاثوليكيّة هي الأولى في العالم في البروتوكول. لكنّنا في بلد لا يجوز أن نتقيّد بهذه البروتوكولات داخل كنائسنا ونحن في أزمة وصعوبة. نحن جميعًا في نفس السّفينة ليس هناك كبير أو صغير. الأزمة اليوم تطال الجميع، لذلك عندما نكون في بيت الله نكون جميعنا أبناء الله. وأنا أخذت قرارًا منذ مدّة بإلغاء البروتوكولات في كنائسنا في كلّ الأبرشيّة، باستثناء حالات محدّدة فقط عندما يكون الرّؤساء الثّلاثة أو من يمثّلهم، عندها علينا التقيّد بالبروتوكول احترامًا لرأس الهرم.

نحن اليوم أتينا ندشّن ونكرّس كابيلا التّجلّي على هذه الأكمّة الزّحليّة النّيّرة في كنيسة القدّيس أندراوس الّتي شيّدها السّعيد الذّكر المطران أندريه حدّاد وسوف نزيح بهذه المناسبة السّتار عن نصبه التّذكاريّ.  

مع المطران أندريه من علو السّماء نصلّي اليوم من أجل السّلام في لبنان الّذي أحبّه. هذا البلد الشّهيد الّذي يحمل صليبًا كبيرًا يجعل شعبه يقع تحت وطأة الحمل الّذي لا يمكن حمله بحسب طاقاتنا البشريّة المحدودة.

" لبنان الرّسالة " كما سمّاه البابا الرّاحل يوحنّا بولس الثّاني يتحوّل اليوم إلى رسالة مفتوحة لكلّ الأحرار في العالم يسألهم فيها عن الضّمير العالميّ الّذي هو أكثر المهدّدين بالموت والزّوال بسبب ما يجري لشعبنا المقهور.

نحنُ هنا لنصلّي. والصّلاة هي راحة في صحراء رحلة حياتنا الصّعبة. نشرات الأخبار تحرق أعصابنا. فالكنيسة إذًا يجب أن تكون بالصّلاة مكانًا للهدوء والتّأمّل وزرع الأمل في نفوسنا القلقة.

صلاتنا من أجل لبنان ليست سياسيّة ولا مذابحنا منابرُ سياسيّة، بل بيوت عبادة فيها نسلِّم الله صعوباتنا وهمومنا وأحزاننا وجروحنا لنحصل منه بالمقابل على سلامٍ لقلوبنا وأملٍ ورجاء لنفوسنا.

أدعوكم جميعًا لعمل كلّ ما بوسعكم لمساعدة لبنان بالصّلاة والصّوم والتّقادم. لكي ينظر الرّبّ الله إلى آلامنا فيشفيها وإلى جروحنا فيداويها."

وعن عيد مستشفى تلّ شيحا قال: "عيد التّجلّي هو عيد مستشفى تلّ شيحا. هذا المستشفى هو حلم الزّحليّين وحلم كلّ رعاة زحلة. ونحن اليوم في زمن صعب، كلّ المستشفيات في لبنان تمرّ في زمن صعب، ومستشفى تلّ شيحا كغيرها من المستشفيات تمرّ في صعوبة لكن لا يمكن أن ندعها تسقط أبدًا، في ظلّ وجود محبّين وزحليّين وأصحاب الإرادات الطّيّبة تلّ شيحا ستبقى وستبقى أقوى، وكلّ الإشعاعات الّتي تحاك حول هذا المستشفى ومعظمها مفبرك، لن تؤدّي إلّا إلى نتيجة واحدة: مزيد من الازدهار ومزيد من الثّبات في خدمة المرضى في زحلة والمنطقة. تلّ شيحا هي أمانة في أعناقنا أعطانا إيّاها رعاة كانوا يحملون هموم النّاس وعملوا عشرات السّنوات من أجل بنائها وتطويرها ولن نسمح أبدًا بأن تؤخذ إلى أيّ مكان آخر. أهنّئ مستشفى تلّ شيحا وكلّ العاملين فيها بعيد التّجلّي وأتمنّى لهم جميعًا المزيد من العطاء والتّقدّم.  

شكرًا لكلّ الأصدقاء الّذين حضروا ليشتركوا معنا اليوم، خصوصًا أفراد عائلة المثلّث الرّحمات المطران العظيم أندريه حدّاد ممثّلين بإبن أخيه السّيّد روبير حدّاد.  

ونحن اليوم في هذا القدّاس نتذكّر تلميذًا كبيرًا ليسوع هو المطران أندره حدّاد. مع كلّ الزّحليّين الحاضرين وكلّ الأصدقاء نصلّي اليوم لشخص نذر حياته على مثال يوحنّا المعمدان لخدمة المسيح بجرأة وشجاعة وتصميم وصدق وكِبَر وشهامة. لا أنسى لمّا كنت في الإكليريكيّة من سنة 76 كيف كنّا نتمنّى أن نراه لأنّه صاحب شخصيّة متميّزة ومزيّنة بالمواهب وبخاصّة بعفويّة معجونة بالجاذبيّة والكلمة السّحريّة. كبرنا وكبر فينا تقديرنا لرمز من رموز الرّهبانيّة المخلّصيّة وركيزة من ركائز كنيستنا الملكيّة. هو من روم وجبل شرق صيدون الّتي بنواحيها بشّر المسيح وارتاح للتّأمّل بتاريخها وجمالها. هو إبن دير المخلّص عرين المصلّين المتخشّعين بصوامع المحبّة وهياكل الرّوح. هو الكاهن الرّسول والقائد الّذي ينقلك من عواصف القلق إلى قلاع الإيمان. هو مطران الشّباب ومطران العروس الأبهى جمالاً وجارة الوادي الأعلى من قمم الجبال، زحلة دار السّلام. هو القائد بالفطرة، المبدع بجمع القوّة مع الحكمة مع التّواضع. وهو صاحب الضّحكة المشعّة فرح نابع من قلب يسع الجميع. إرتبط إسمه بإسم زحلة برباط أبديّ لأنّه أحبّ زحلة أكثر من ذاته ولأنّه الرّاعي الصّالح كان دائمًا مستعدًّا يبذل نفسه عن رعيّته.  

في الختام أودّ أن أشكر كاهن الرّعيّة قدس الأب طوني الفحل وكلّ معاونيه وكلّ الآباء الّذين اشتركوا معي في هذه الذّبيحة الإلهيّة ورتبة التّكريس. كما أشكر بلديّة زحلة على تسمية الشّارع الموازي للكنيسة على اسم المطران أندريه حدّاد. أشكر جميع الّذين حضروا من قريب أو من بعيد للمشاركة في هذه المناسبة المباركة وكلّ الّذين ساهموا في إنجاحها. بارككم الله وأعاد عليكم هذا العيد لسنين طويلة."

وبعد القدّاس، انتقل الحضور إلى مدخل الكابيلا حيث أزاح المطران إبراهيم السّتار عن لوحة تذكاريّة بمناسبة تدشين كابيلا التّجلّي. ثمّ كانت كلمة لرئيس البلديّة المهندس أسعد زغيب أعلن فيها عن تسمية الشّارع المجاور للكنيسة على اسم المطران أندريه حدّاد.