إبراهيم بعيد الصّعود الإلهيّ: لا يجب الخوف من إعلاء الصّوت وتصويب المسار
بعد الإنجيل المقدّس كانت كلمة ترحيب من رئيسة المعهد الأمّ إميل جوزف الحاج شاهين قالت فيها:
"سيادة المطران ابراهيم ابراهيم رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك
نرحّب بكم في معهد يسوع الملك وتحديدًا من أمام أيقونة المسيح الملك الّذي ترعرع على التّأمّل ببهاء محيّاه جميع تلامذة وخرّيجي هذا المعهد. وهو المثال الأعلى لكلّ العاملين ههنا.
نعلم أنّ تأمّل الحبيب يجعل المتأمّل يشبهه. لذلك ورغم الصّعوبات الجمّة الّتي يمرّ بها القطاع التّربويّ عامّة ومعهدنا خاصّة، نستمرّ يإغناء المجتمع الزّحليّ وكلّ مكان يحلّ به أحد أساتذتنا وخرّيجينا، بثروات الإيمان والأخلاق والعلم سواسيّة. فهذا المعهد جعل غاية وجوده السّهر على توازن العلم والخلق والحياة الرّوحيّة لروّاده.
إنّنا لذلك نأتمنكم على حمل هذا المعهد في صلواتكم وعلى تبنّيه وهو أصلاً ولدكم- بين جهودكم للمحافظة على المؤسّسات الملكيّة وانتشالها من كبواتها. كما أنّنا نؤكّد لكم أنّنا نحملكم على الدّوام في صلواتنا ونحن نعاين جهودكم المضنية في خدمة الفقراء وتوجيه المقتدرين نحو الخدمة.
بارك الله جهودكم وشكرًا على تلبيتكم الدّعوة للاحتفال بالقدّاس في عيد ملك معهدنا."
بدوره هنّأ المطران ابراهيم المحتفلين بالعيد وتطرّق إلى الوضع التّعليميّ الرّاهن فقال: "الحضور الكريم مع الأمّ الرّئيسة إميل جوزف وكلّ الرّاهبات.
هذا الحضور الكبير أتى ليكرّم تاريخًا عريقًا، تاريخ هذا المعهد المعطاء على الصّعيد الثّقافيّ والإنسانيّ لمدّة سنوات طويلة.
أتمنّى لكم جميعًا وخصوصًا الأهل الّذين يضنّون كلّ يوم في تربية أولادهم تربية إنسانيّة فوق كلّ شيء ومن ثمّ تربية مسيحيّة وتربية اجتماعيّة وثقافيّة تليق بالكرامة الّتي أعطيت لهم كطلّاب. معهد يسوع الملك يحمل هذا الإسم العظيم، اسم يسوع الّذي يفوق كلّ اسم، وبه نكبر ونفتخر بالإيمان والمحبّة لبعضنا البعض على مثاله هو الّذي أحبّنا حتّى أنّه تحرّك من علياء سمائه ونزل قبل أن يصعد.
القادة الحقيقيّون هم في تحرّك دائم، لا يجلسون على الكراسي فقط من ثمّ يديرون النّاس وأمور العباد عن بعد، ولم يتعلّموا من مثل يسوع الملك الّذي ترك عرش السّماء وأخلى ذاته آخذًا صورة عبدٍ، لذلك نجد اليوم في المكتبات المهمّة، وفي الغرب بنوع خاصّ، في قسم الأعمال حيث نجد الكتب المتخصّصة في إدارة الأعمال، نجد كتبًا عن يسوع القائد المثال الّذي منه تعلّمت الأجيال، القائد الّذي تحرّك من السّماء نحو الّذين أحبّهم وافتداهم بدمه الكريم، ليس فقط تحرّكًا لكن فداء أيضًا حتّى الموت على الصّليب."
وأضاف: "الأمّ الرّئيسة تحدّثت عن فكرة جميلة "نتحوّل إلى ما نتأمّل". وإذا تأمّلنا في هذا المعهد مثال المسيح يسوع الملك نصبح نحن بدورنا ملوكًا وملكيّين حقيقيّين، والملكيّون ليسوا جماعة تقوم على العصبيّة وعلى الانغلاق، لكن منذ تأسيس هذه الكنيسة كانت دائمًا كنيسة منفتحة وقائدة لأنّها تتحرّك وتلحق أبناءها حتّى في المغتربات من أجل إكمال عمليّة التّبشير لمجد الله يسوع الملك، كان هناك بعد نظر لدى رؤسائنا في ذلك العهد أيّ منذ 200 عام ورغم كلّ الصّعوبات لم يتوقّفوا عن نشر الإنجيل في أوقات المخاطر الّتي أصابتهم على مثال مار بولس في الأسفار".
وعن الوضع التّعليميّ الحاليّ قال المطران ابراهيم: "نحن أحيانًا نؤسر بالمفاهيم الّتي نعيشها اليوم لذلك نتحدّث عن خطورة إمكانيّة إقفال المدارس لأنّ الوضع الإقتصاديّ صعب جدًّا لكن لا ننسى أنّ هذا المعهد والكلّيّة الشّرقيّة وكلّ المدارس الّتي لها تاريخ عريق في زحلة مرّت عليها حروب عديدة ولم تقفل أبوابها، بل بقيت بالرّغم من كلّ الصّعوبات، وهنا أطرح سؤالاً: شخص كـ"سعيد عقل" أنتجته هذه المدينة وهذا المجتمع الزّحليّ، أين درس؟ وما كانت وسائل التّدفئة على أيّامه؟ لماذ أبدع بهذا الشّكل؟ لماذا لم تعل الأصوات بأنّه ليس هنالك من تدفئة في حين كان التّعليم تحت الشّجرة؟ طالب العلم لا يوقفه شيء لا هو ولا أهله ولا معلّميه الّذين يتابعون رسالة التّعليم في أصعب الظّروف، لذلك أنا شخصيًّا لا أستطيع أخذ أيّ قرار نيابة عن أيّ مؤسّسة رهبانيّة أو تعليميّة لكن لا أستطيع فهم فكرة أن يأتي وقت ونقفل مدارسنا. ممكن الإقفال يوم، يومين أو أسبوع بسبب العاصفة والجليد، لكن أن نقفل مدارسنا فقط لأنّه لم يعد هناك مردود منها، ومن قال إنّ مدارسنا فتحت من أجل المردود؟ المردود الأساسيّ في المدارس الّتي تحترم ذاتها هو التّوزيع الثّقافيّ والتّعليم قبل كلّ شيء، عندها نكون قد استثمرنا في توزيع المواهب الّتي أعطانا إيّاها الله وتمّمنا رسالتنا التّعليميّة بحسب الإمكانيّات المعطاة لنا. وهذه كلمات نراها في الإنجيل المقدّس. ومن قال إنّ المواهب مرتبطة دائمًا بالجيبة؟ كلّ الّذين أبدعوا في التّاريخ أبدعوا من لا شيء، لماذا اليوم أصبح العلم مرتبطًا بالجيوب؟ وهذا سؤال أطرحه.
ليكن الرّبّ في عون المؤسّسات التّربويّة وبنوع خاصّ الرّهبانيّات المقيّدة بقيود قاسية جدًّا بقوانين كنسيّة ورهبانيّة تلزمهم بعدم جواز بيع أرض لإبقاء المدارس مفتوحة، لدينا صعوبات عمليّة وهذا أمر أعترف به لكن علينا أن نجتمع كعائلة واحدة وألّا نرمي المسؤوليّة فقط على الرّاهبات والرّهبان والمؤسّسات التّربويّة. المشكلة لديها عدّة أوجه ولا يمكن أن تعالج من جهة واحدة. يؤلمني جدًّا أن تأخذ مؤسّسات قرارًا بإقفال مدرسة، ونحن بعيدون عن هذا القرار في هذا المعهد العريق، وأتمنّى أنّ الرّبّ الّذي يصنع الأعاجيب الكثيرة يجترح أعجوبة جديدة. فشفاء المريض مهمّ جدًّا لكن الأهمّ هو أن يشفي الله جيلاً كاملاً من الجهل الّذي يمكن أن يهدّده، لذلك علينا أن نصلّي لكي يرحمنا الرّبّ ويجد لنا حلّاً في هذا البلد المغمور بالمشاكل والهموم، ومع المؤسّسات المانحة نحاول إقناعهم بأنّ الطّعام ليس كلّ شيء، فالمساعدة يجب أن تشمل القطاع التّعليميّ والاستشفائيّ أيضًا، غريب أمر هذه المؤسّسات أحيانًا كثيرة يبعدون عن هدفهم الّذي ينبع من الإنجيل والّذي يجب أن يصبّ في رسالة الإنجيل. لا يجب الخوف من إعلاء الصّوت وتصويب المسار، لأنّنا نعرف الأزمة جيّدًا أكثر منهم، نعرف أين هو الجرح النّازف وأحد هذه الجراح المهمّة في حياتنا اليوم هو الأزمة التّعليميّة الّتي سبّبتها ألأزمة الاقتصاديّة.
أدعوكم في هذا العيد لكي نكون جميعًا إلى جانب الرّاهبات اللّواتي لديهنّ طاقة معيّنة للتّحمّل، وكلّنا لدينا طاقة معيّنة للتّحمّل ولكن عندما نكون محاطين بأشخاص يحملون معنا الرّسالة ويرفعون عنّا الصّليب مثل سمعان القيروانيّ يصبح درب الصّليب أسهل."
وفي حتام القدّاس، بارك المطران ابراهيم القرابين والزّيت والخمر والقمح، وانتقل الحضور إلى صالون المعهد حيث تبادلوا التّهاني بالعيد.