لبنان
04 آذار 2025, 14:20

إبراهيم: الصّوم ليس للرّياء ولا للتّفاخر بل هو لقاء شخصيّ مع الله

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس رئيس أساقفة أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران إبراهيم إبراهيم قدّاس أحد مرفع الجبن والعيد الثّالث والخمسين لفوج زحلة الرّابع، في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة- زحلة.

وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى إبراهيم عظة قال فيها بحسب إعلام الأبرشيّة: "في هذا الأحد المبارك، أحد مرفع الجبن، يقدّم لنا الإنجيل المقدّس من متّى 6: 14-21 ثلاث دعائم أساسيّة لحياتنا المسيحيّة: المغفرة، الصّوم، والكنز الحقيقيّ. كلمات المسيح اليوم تدعونا إلى التّعمّق في روحانيّة الصّوم الّتي نبدأها بعد أيّام، لنهيّئ قلوبنا لاستقبال نعمة القيامة.

يبدأ الرّبّ يسوع حديثه بهذه الكلمات: "إن غفرتم للنّاس زلاّتهم، يغفر لكم أيضًا أبوكم السّماويّ. وإن لم تغفروا للنّاس زلّاتهم، لا يغفر لكم أبوكم أيضًا زلّاتكم" (متّى 6: 14-15). إنّ المغفرة ليست خيارًا، بل هي جوهر إيماننا المسيحيّ، فهي المدخل الأساسيّ للمصالحة مع الله ومع الآخرين. كيف نطلب رحمة الله إن كنّا لا نرحم بعضنا بعضًا؟ كيف نرجو مغفرته إن كنّا نحتفظ في قلوبنا بالحقد والضّغينة؟

المسيح يريد قلوبًا طاهرة، متحرّرة من الأثقال، قلوبًا تستطيع أن تحبّ وتغفر، لأنّ المغفرة ليست ضعفًا، بل قوّة عظيمة تحرّر الإنسان من أسر الكراهيّة وتفتح له طريق الفرح والسّلام.

ثمّ يعلّمنا الرّبّ كيف يكون الصّوم الحقيقي: "ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين... وأمّا أنت، فمتى صمت فادهن رأسك واغسل وجهك، لكي لا تظهر للنّاس صائمًا، بل لأبيك الّذي في الخفاء" (متّى 6: 16-18).

الصّوم ليس مجرّد الامتناع عن الطّعام، بل هو جوعٌ إلى الله، وعطشٌ إلى كلمته. إنّه تدريب للنّفس على التّخلّي عن المادّيّات الّتي تُثقل الرّوح، ودعوةٌ إلى الدّخول في عمق العلاقة مع الله. الصّوم ليس للرّياء ولا للتّفاخر، بل هو لقاء شخصيّ مع الله، نعيش فيه التّواضع ونقدّم أعمال الرّحمة والمحبّة.

لذلك، لنصم بروحٍ فرحة، ونحوّل أيّام الصّوم إلى زمنٍ مقدّس، يطهّر قلوبنا، ويملؤها بالنّور الإلهيّ.

يذكّرنا المسيح بمصدر الغنى الحقيقيّ: "لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض... بل اكنزوا لكم كنوزًا في السّماء... لأنّه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضًا" (متّى 6: 19-21).

ما قيمة المال والممتلكات إن لم يكن القلب ممتلئًا بمحبّة الله؟ ما نفع الكنوز الأرضيّة إن كانت أرواحنا فارغة من النّعمة؟ الكنوز الحقيقيّة لا تُحصى بالذّهب والفضّة، بل تُختزن في الأعمال الصّالحة، في العطاء، في الخدمة، في الحبّ الصّادق، وفي السّير بحسب وصايا الله.

أيّها الأحبّة، أيّها الكشّافون،

بينما نتأمّل في هذه القيم الإنجيليّة اليوم، نرى انعكاسَها واضحًا في مبادئ العمل الكشفيّ، ونحنُ نحتفل بعيد فوجكم الرّابع الكريم، للسّنة الثّالثة والخمسين، في رحاب مطرانيّتنا العزيزة.

لقد أسّس اللّورد بادن باول هذه الحركة العظيمة، لتكون مدرسةً في الفضائل، ورسالةً حقيقيّةً في بناء عالمٍ أفضل، وهذا يتطابق مع رسالة الإنجيل في تحقيق إرادة الله على الأرض.

أنتم أيّها الكشّافون، تعلّمتم في قوانينكم ورسالتكم أن تسعوا دائمًا إلى خلق عالمٍ أفضل، هذه ليست مجرّد كلمات، بل هي دعوة حقيقيّة لتحويل البيئة الّتي نعيش فيها إلى مكانٍ مليء بالمحبّة والخير والسّلام. هذه الرّوح تتلاقى تمامًا مع كلام المسيح الّذي يطلب منّا أن نكنز كنوزًا في السّماء، أيّ أن نكون سبب بركة وسلام في هذا العالم، لا أن نعيش فقط للذّات، بل أن نخدم ونحبّ ونعطي.

كذلك، فإنّ صلاتكم اليوميّة قبل وبعد الطّعام، ليست مجرّد تقليد، بل هي فعلٌ روحيٌ عميقٌ يعكس التزامكم برسالة الإنجيل. أنتم في صلاتكم تتّحدون مع المسيح الّذي أوصانا بإطعام الجائع، وهذا يربطكم بشكل مباشر مع المطاعم الرّحيمة الّتي تخدم الفقراء والمحتاجين. أنتم بهذا العمل تُجسّدون تعليم الإنجيل في حياتكم اليوميّة.

بهذه المناسبة الطّيّبة، نتقدّم بأحرّ التّهاني من جميع الكشّافين، قادةً وأفرادًا، من كلّ الجمعيّات الكشفيّة في زحلة. نرجو لكم مزيدًا من التّألّق والعطاء، سائلين الله أن يحفظكم ويبارك جهودكم في خدمة المجتمع والإنسان.

كما نرفع التّهنئة للقائد وسيم الزّين على تسلّمه مهام رئيس اتّحاد كشّاف لبنان، متمنّين له التّوفيق في هذه المهمّة الجليلة.

كما أتمنّى الشّفاء العاجل للقائد إيلي سالم، رئيس جمعيّة الكشّاف اللّبنانيّ المتغيّب لأسباب صحّيّة.

والآن، ونحن نستعدّ لتجديد العهد الكشفيّ، لنتذكّر أنّنا مدعوّون يوميًّا إلى تجديد عهدنا مع الله، في التّوبة والمغفرة، في الصّوم الحقيقيّ، وفي جمع الكنوز السّماويّة.

نسأل الله أن يبارككم جميعًا، وأن يجعل هذا العيد مناسبةً للمزيد من الالتزام بالقيم السّامية، لمجد اسمه القدّوس.  

ويبقى الفوج الرابع عالأكيد بزحلة للمجد عنوان

حكايي للكلّ حكيناها الله الكشفيّة ولبنان

أيّها الأحبّاء، ابتداء من الغد أبدأ بإلقاء مواعظ الصّوم: خلال الأسبوع الأوّل في الكاتدرائيّة ومن ثمّ في الرّعايا بحسب البرنامج المنشور على صفحتنا على الفايسبوك.

صوم مبارك للجميع!".

بعد العظة، قدّم القادة الكشفيّون درعًا تقديريّة إلى المطران ابراهيم عربون شكر وتقدير واحترام، وجرت مراسم تجديد العهود، وتلا أفراد من الفوج الرّابع نوايا خاصّة بالمناسبة.

وبعد القدّاس، انتقل الحضور إلى صالون المطرانيّة حيث تبادلوا التّهاني بالعيد.