لبنان
24 أيلول 2016, 06:20

أيّها الشّباب، هل أنتم راضون؟

ريتا كرم
مع أولى زخّات المطر الخريفيّة الّتي تنبئ بشتاء قاسٍ، ومع تراكم النّفايات على طول الطّرقات اللّبنانيّة من دون أيّة حلول تومض بانفراجات قريبة، ومع رائحة الدّخان العابقة بعطر "الزّبالة"، ها هي كلّ الأوساخ تغرق ببرك مياه وتفيض بها الأوتوسترادات والشّوارع الدّاخليّة لتكشف عن فساد مؤسّساتيّ كبير. ومقابل ذلك، نفايات من نوع آخر تغرق بها بلداتنا، وتفوح منها رائحة السُّكر والمخدّرات والعربدة. هي ظاهرة "شيطانيّة" تتغلغل في ضيعنا، مع مجموعة "تفتح على حسابها" وتشرّع للممارسات اللّاأخلاقيّة بابًا عريضًا في أمسيات متنوّعة منها الـ Hexaplex Music، وتقود أجيالاً كما هي إلى هوّة لاأخلاقيّة كبيرة تغلي كالبركان بانتظار اللّحظة الملائمة لينفجر.

 

بعد "شحتول" الكسروانيّة الّتي تربو الكنائس على تلالها بكلّ فخر واعتزاز وتشهد لتجذّر المسيحيّين في أرضهم؛ و"فيطرون" الّتي تعتزّ بانتمائها إلى قرى وبلدات كسروان الّتي فيها أبدع الخالق عبر طبيعتها، إذ ترتفع صخورها كلوحة تكاد تنطق لروعتها وتمتزج مع نفحات الفنّ والنّحت والرّسم والشّعر الّتي صُبغت بها البلدة على مرّ العصور؛ و"لحفد" الجبيليّة الّتي حازت في القداسة مكانة كبيرة مع ابنها القدّيس الأخ أسطفان نعمة فزرعت في أرضه نعمًا غمرت لبنان من شماله إلى جنوبه، ها هو الشّيطان يتحضّر ليفرد مخالبه ويتوسّع فيعكّر صفو بلدة جديدة ويزعج "ديمومتها" كما يدلّ إسمها بالفينيقيّة، ونقصد بلدة "الدّامور" الشّوفيّة، وذلك من خلال نشاط لتلك المجموعة قد بدأ التّخطيط له فيستكمل عروضه اللّاأخلاقيّة بكلّ وقاحة، تحت سماء لبنان القداسة.

فتلك "الصّدفة" البحريّة Hexaplex تحوّل صداها اليوم ليعكس صدى الفساد الأخلاقيّ المستشري من دون أيّ رقيب أو حسيب. فقد تظنّ أنّهم من محبّي الطّبيعة إذ يختارون إحياء سهراتهم في الهواء الطّلق غير أنّهم من مشوّهي هذا الـ"لبنان الأخضر"؛ فأعمالهم تخبر عنهم: أفراد أخطأوا فهم الحرّيّة، ظنّوا أنّ سهراتهم المزورعة بالسّمّ الأبيض (المخدّرات) والملغومة بالكحول والمسمّمة بممارسات شيطانيّة وجنسيّة شاذّة، والّتي يتراقص المشاركون فيها على أنغام موسيقى صاخبة لا تقودهم إلّا إلى الهلوسة والهلاك الرّوحيّ والضّعف الجسديّ، ظنّوا أنّها طريقهم إلى الحرّيّة والاستقلاليّة وإثبات الذّات، غير أنّهم ضلّوا الطّريق وأخطأوا اختيار العنوان.

فهم بعد أن كانوا براعم تزهر في كنف عائلات، نرجّح أنّ بعضها كان حضنها دافئًا غير أنّ بعضها الآخر توتّرت أجواءها فكثرت مشاكلها وتصدّعت أسسها وغابت الهيبة فيها، ها هم اليوم ورود تذبل في حقل الخطيئة والضّلال، لأنّهم فضّلوا أن يطيروا إلى "الحرّيّة" عبر هذه الجماعات ظنًّا منهم أنّها جسر عبورهم إلى "الخلاص".

أمام هذا الواقع الأليم الّذي لا يُنذر إلّا بالسّوء ويدقّ ناقوس الخطر على العائلات والمجتمع وحتّى على الكنيسة لأنّ الشّرّير أعلن حربه وهو يتقدّم بكلّ ما يملك من قوّة غير مدرك أنّ قوّة العليّ ستُهلكه هذه المرّة أيضًا، نحن نعلن الحرب على الشّر الّذي "يسرح ويمرح" فيما بيننا!

أيّها الأهل، إستفيقوا من غفوتكم، إستعيدوا هيبتكم وكلمتكم، هبّوا لنجدة أولادكم وضمّهم إلى حضن عائلات دافئة ومسؤولة.

أيّها المسؤولون، لا تضيفوا أزمة على الأزمات الّتي تلفّنا من كلّ الجهات فتُعدموا الوطن وتغضّوا الطّرف عمّا تشهده ساحاتنا من هرج ومرج ملكها "الشّيطان".

لنكن يدًا واحدة ونتكاتف أفرادًا ومسؤولين وجمعيّات ومؤسّسات مع كنيستنا ورعاتها، فنطرد معًا الشّرّ باسم المسيح ونرفع كأس الخلاص الحقيقيّ وصليب الفادي فيسقط ذاك عن عرشه منهزمًا.

نعم، لقد آن الأوان لنتكتّل كجماعة الرّسل وندافع عن أرضنا الّتي وطأتها أقدام يسوع، متسلّحين بتواضع شربل ومحبّة رفقا وحكمة الحرديني وصلابة الكبّوشيّ وطاعة أسطفان نعمة.

آن الأوان لنحافظ على "لبنان الرّسالة" في وجه كلّ الأزمات، فنرفع "زبالة" الشّرّير عن دروب أبنائنا ونطمرها "تحت سابع أرض"، ونقود سفينة الخلاص والبرّ لأنّ قدّيسي لبنان لم ولن يرضوا بما يحصل في وطنهم، ولنتذكّر دائمًا: "إن كان الله معنا، فمن علينا؟!"